جبايات الحوثيين تضاعف البطالة… ومخاوف من اتساعها بعد الضربات الإسرائيلية
تبتكر الجماعة الحوثية مناسبات طائفية لحشد الأتباع وجمع التبرعات، كما ضاعفت الجبايات التي تفرضها من معاناة التجار والباعة وعموم السكان، وأدت إلى اتساع رقعة البطالة، وتخفيض أجور العمال أو تشغيلهم مقابل نسبة من المبيعات أو المداخيل اليومية، في حين تخشى البيوت التجارية من تأثيرات الضربات الإسرائيلية عليها.
وأكدت مصادر تجارية في العاصمة المختطفة صنعاء أن عدداً كبيراً من المحال التجارية، خصوصاً محلات الملابس والأجهزة الكهربائية والمعدات المنزلية، قررت تخفيض العاملين فيها، والاكتفاء بأقل عدد ممكن منهم، مع إلزامهم بالعمل مقابل نسبة من المبيعات التي يمكنهم تحقيقها، وهو ما أجبر كثيراً منهم على التخلي عن العمل في هذه المحلات والبحث عن أعمال أخرى.
وبينت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن توجه ملاك المحال التجارية لاتباع هذه الطريقة مع عمالهم، تسبب في مشاحنات بين العمال خلال التنافس على تحقيق نسب المبيعات، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لتعويض الخسائر، وتراجع المبيعات، لكون الأمر متعلقاً بالقدرة الشرائية للسكان، وليس بسبب التسويق والترويج للسلع.
واضطر مئات المسرحين والمستقيلين من أعمالهم في المحال التجارية للعمل بوصفهم باعة متجولين، محاولين الاستفادة من خبراتهم في البيع للحصول على مصادر دخل جديدة، لكون الباعة المتجولين يبيعون سلعاً أرخص، وبأسعار أقل من نظيرتها في المحال التجارية نتيجة تخففهم من تكاليف مثل الإيجارات.
وأوضحت المصادر ذاتها أن الباعة المتجولين أصبحوا بمثابة مصدر لزيادة إيرادات الجماعة الحوثية، حيث يتعرضون بدورهم لحملات جبايات حوثية ممنهجة، ويجري تحصيل الإتاوات منهم بشكل يومي أو أسبوعي أو شهري، حسب المنطقة أو الحي، وحسب طريقة إدارة كل مشرف حوثي هناك.
تبعات مزاعم مواجهة إسرائيل
تواصل الجماعة الحوثية فرض جبايات لصالح «حزب الله» اللبناني بعد الخسائر الكبيرة التي مُني بها نتيجة الضربات الإسرائيلية التي استهدفته خلال الأشهر الماضية، وتسببت في مقتل كبار قادته، وتدمير منشآته، وقطع موارده.
وفي السادس من الشهر الحالي، أعرب نعيم قاسم الأمين العام لـ«حزب الله»، عن شكره للجماعة الحوثية وزعيمها عبد الملك الحوثي، إلى جانب النظام الإيراني و«الحرس الثوري» وقادته على ملايين الدولارات التي قال إن حزبه حصل عليها منهم.
ووفقاً لقاسم، فإن الحزب وزع آلاف الدولارات على عائلات أنصاره وأتباعه الذين نزحوا من جنوب لبنان نتيجة المواجهات مع الجيش الإسرائيلي، بعد أسابيع من تنظيم الجماعة الحوثية حملة تبرعات جديدة على السكان تحت اسم دعم وإسناد نازحي الشعب اللبناني.
وتخشى البيوت التجارية الكبرى ورجال الأعمال في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من إطلاق حملات جباية جديدة لجمع تبرعات لإصلاح الأضرار التي تسببت بها الهجمات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة، وعدد من منشآت الطاقة.
ولفتت المصادر إلى أن القائمين على البيوت التجارية وكبار التجار شعروا بالقلق الشديد عقب إعلان الجماعة الحوثية عن قيمة الخسائر الناتجة عن الغارات الإسرائيلية على ميناء الحديدة، والتي بلغت بحسب الجماعة نفسها 313 مليون دولار.
وبسبب خبرتهم، يتوقع التجار أن إعلان الجماعة عن الخسائر يُنذر بإطلاق حملة جبايات جديدة لإصلاح الأضرار، خصوصاً أن غالبية الشركات التجارية تستورد بضائعها عبر ميناء الحديدة، ما سيكون مبرراً لابتزازها بدفع الأموال لإعادة تأهيله واستعادة نشاطه من أجل استمرار أنشطتها وأعمالها.
وتسهم هذه الإجراءات، إلى جانب تراجع القدرة الشرائية للسكان، في دفع رواد القطاع الخاص والمستثمرين إلى النزوح، ونقل أنشطتهم خارج مناطق سيطرة الجماعة، بسبب تعرضهم للخسائر الكبيرة، وتهديدهم بالإفلاس.
ابتكار مناسبات للتبرع
تواصل الجماعة الحوثية ابتكار مناسبات طائفية لاستغلالها في حشد الأتباع والمؤيدين، وجمع الأموال لصالح مقاتليها في الجبهات، ومضاعفة مواردها.
ونظمت ما تُعرف بـ«الهيئة النسائية» التابعة للجماعة في عدد من أحياء صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لها، لقاءات نسوية يجري خلالها تقديم محاضرات من قبل قيادات نسائية حوثية، وإطلاق ما يسمى «قوافل البذل والصمود»؛ لدعم وتمويل «القوة الصاروخية والبحرية وسلاح الجو المسير»، بحسب وسائل إعلام الجماعة.
وتأتي هذه الفعاليات في ذكرى ميلاد فاطمة الزهراء بالتقويم الهجري، التي تستغلها الجماعة، إلى جانب مناسبات ميلاد أو وفاة عدد من الشخصيات التاريخية، لتوفير غطاء لاستقطاب الأتباع وجمع التبرعات، إلى جانب اختبار ولاء السكان.
وتوضح مصادر محلية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تلزم مسؤولي الأحياء في المدن، ومشايخ القبائل والأعيان في الأرياف بتوجيه دعوات للنساء عبر زوجاتهم وبناتهم، إلى جانب تكليف الأمن النسائي للجماعة (الزينبيات)، بتلك المهام لحضور تلك اللقاءات، والتبرع بالأموال والحلي لصالح المجهود الحربي للجماعة ومقاتليها في الجبهات.
وطبقاً للمصادر، فإن حضور النساء ومشاركتهن في الفعاليات، وتقديم التبرعات يعدّ أحد المؤشرات على الولاء للجماعة والوقوف في صفها، وهو ما يدفع كثيراً من النساء للمشاركة، وحتى التبرع، خوفاً من تصنيف أقاربهن عملاء أو خونة، بحسب ما دأبت عليه الجماعة في وصف من يتخلف عن تأييدها.
وأعلنت الجماعة الحوثية عبر وسائل إعلامها، أخيراً، عن جمع تبرعات عينية ومالية من النساء، خلال فعالية نظمتها الهيئة النسائية للجماعة في صنعاء، بقيمة تزيد على 97 ألف دولار (52 مليون ريال يمني، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار، يساوي 534 ريالاً).
ولم تعلن الجماعة عن حجم الأموال التي جمعتها خلال الفعاليات الشبيهة التي نظمتها في باقي المحافظات.
المصدر : وكالات