تصعيد غير مسبوق واتهامات خطيرة لباريس – مشاهير

إسلام جمال30 ديسمبر 20243 مشاهدة
تصعيد غير مسبوق واتهامات خطيرة لباريس – مشاهير


يوجد شبه إجماع في الجزائر، على أن العلاقات مع باريس تتجه بخطى متسارعة نحو قرار بطرد السفير الفرنسي، وحينها سيُفَكّ الارتباط نهائياً مع دولة المستعمر السابق، علماً أن سفير الجزائر لدى فرنسا غادر منصبه مند نهاية يوليو (تموز) الماضي، إثر إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون دعمه خطة الحكم المغربية للصحراء.

حملَ خطاب غير مسبوق في حدّته، ألقاه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الأحد، بالعاصمة أمام البرلمان، دلالات على تدهور كبير في العلاقات الجزائرية – الفرنسية، تجاوز التوترات والخلافات الظرفية التي كانت سمتها الغالبة منذ استقلال الجزائر عام 1962. وكانت صحف جزائرية أوحت، الأسبوع الماضي، بوجود إرادة من جانب الحكومة، لإبعاد السفير الفرنسي.

تصفيق البرلمانيين على هجوم الرئيس تبون ضد فرنسا (الرئاسة)

ففي موضوع نزاع الصحراء، قال تبون إن فرنسا «هي راعية خطة الحكم الذاتي المغربية»، التي تتضمن حكماً موسعاً في الإقليم محل نزاع، في إطار السيادة المغربية. مؤكداً أنها «فكرة مزوَّرة نشأت (عندما عرضتها الرباط في 2007) في عهد الرئيس (الراحل) جاك شيراك»، الذي حكم فرنسا من 1995 إلى 2007. مشيراً إلى أن الرؤساء الذين جاءوا من بعده «ساروا على النهج نفسه»، ذكر من بينهم نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند، لكنه لم يذكر الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون.

وأضاف تبون: «نحن مع الحق… وكان لنا دائماً الموقف نفسه»، ويقصد بذلك، مطلب «تقرير مصير الصحراء عن طريق الاستفتاء»، الذي تطرحه «بوليساريو»، بدعم قوي من الجزائر، وهذا منذ انسحاب إسبانيا من هذه الأرض عام 1975.

وتابع مخاطباً، ضمناً، الفرنسيين والمغاربة: «هذه الأرض لا تخصكم ومسار تحديد مصيرها لم يكتمل بعد»، مشدداً على أن بلاده دخلت في صراع مع دول أوروبية، بسبب تأييدها المشروع المغربي، عادَّاً أنها «خرجت عن الشرعية الدولية»، في إشارة إلى التحول في موقفي إسبانيا وفرنسا بشأن النزاع، الذي تطور مع السنين، فأدى إلى قطع العلاقات بين الجزائر وجارها الغربي، عام 2021. ولم يصدر أي رد رسمي فوري من فرنسا، على اتهامات تبون.

الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة «السبعة» الكبار بإيطاليا في 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

على صعيد آخر، لأول مرة يأتي على لسان رئيس جزائري، أن بلاده مستغنية عن تعويضات محتملة، قد تسددها فرنسا للجزائر، عن فترة الاحتلال وما صاحبها من تقتيل ونهب للأملاك. كما هي مستغنية عن إعلان محتمل عن «توبتها»، وقال بهذا الخصوص: «لا نطلب تعويضاً مالياً عن الجرائم الاستعمارية، ولا اعتذاراً، بل نريد الاعتراف بالجرائم». وفُهم من كلامه أنه يخاطب ماكرون، خصوصاً حينما قال: «أنا لا أطلب منكم أن تعتذروا عما فعله أجدادكم في الجزائر، لكن على الأقل اعترفوا… نحن لا نريد تعويضاً مالياً، بل نطالب بتعويض معنوي».

وسبق للرئيس ماكرون أن تناول «قضية الاعتذار» و«التوبة» عن ماضي فرنسا الاستعماري بالجزائر، وكرر في مناسبات عدّة، أنه «ينتمي إلى جيل لا صلة له بالاستعمار»، بمعنى أنه في حلّ عن الاعتذار، المرفوض من قطاع واسع من الطيف السياسي في فرنسا، خصوصاً من اليمين التقليدي واليمين المتطرف.

وشجب تبون، بحدّة غير مسبوقة، جرائم الاستعمار، مؤكداً بأن «الفرنسيين قتلوا الجزائريين بالغاز بعد أن رموهم في كهوف». متسائلاً: «أليست هذه إبادة جماعية؟… فرنسا أبادت أجيالاً من الجزائريين خلال 132 سنة من الاستعمار، أنتم لم تجلبوا (إلى الجزائر) سوى الدمار»، داعياً فرنسا إلى «نزع مخلفات نفاياتها النووية في صحرائنا». وأضاف: «فرنسا أصبحت قوة نووية، وتركت أمراضاً في الجزائر… يجب أن تأتي وتنظف، لا أريد أموالك، ليس لدي شيء أفعله بأموالك».

الروائي المسجون بوعلام صنصال (متداولة)

ومما زاد من حدة خطاب تبون ضد فرنسا، حديثه عن الكاتب مزدوج الجنسية، المسجون بوعلام صنصال، الذي احتجت فرنسا بنخبتيها السياسية والمثقفة، على اعتقاله الشهر الماضي، ومتابعته بتهمة «المس بالوحدة الترابية للبلاد»، إثر تصريحات عُدَّت «مستفزة»، زعم فيها أن «أجزاء واسعة من الغرب الجزائري، تعود تاريخياً إلى المغرب»، ورأى أن الاستعمار الفرنسي «تسبب في فصل هذه الأجزاء عن المغرب».

وفي تقدير رئيس الجزائر، لم يكن موقف صاحب الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، إلا وحياً من الفرنسيين. ووفق هذا المعنى، قال: «أرسلتم محتالاً لا يعرف هويته، ولا يعرف من هو والده، ويأتي ليقول إن نصف الجزائر ينتمي إلى دولة أخرى».


المصدر : وكالات

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل