كان جولين لوبيتيغي دائماً الخيار الخاطئ لوستهام، وقد تم تحذير النادي بالفعل من التعاقد معه في مايو (أيار) الماضي، لكنه رفض كل التحذيرات والضغوط وتعاقد مع المدير الفني الإسباني ليدفع الثمن في نهاية المطاف. والآن – وبعد توديعه كأس الاتحاد الإنجليزي بعد الهزيمة أمام أستون فيلا الجمعة ضمن منافسات الدور الثالث – يتقدم وستهام بفارق سبع نقاط فقط عن المراكز الثلاثة الأخيرة في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد إنفاق أكثر من 100 مليون جنيه إسترليني في الصيف الماضي، وتقديم كرة قدم مملة، وهو الأمر الذي أصاب المشجعين بالإحباط وخيبة الأمل. وكانت المفاجأة الوحيدة تتمثل في أن الأمر استغرق كل هذا الوقت حتى يقرر وستهام إقالة لوبيتيغي.
لقد كان وستهام مستعداً للمضي قدماً بعد رحيل ديفيد مويز الموسم الماضي، لكنه أخفق بشكل مذهل في ملف التعاقد مع المدير الفني الجديد، حيث لم يكن لوبيتيغي هو المدير الفني القادر على إحداث ثورة في طريقة اللعب. لقد وقع وستهام في فخ السيرة الذاتية القوية للمدير الفني الإسباني. لقد أقيل لوبيتيغي من تدريب منتخب إسبانيا عشية انطلاق مباريات كأس العالم 2018، ولم يستمر سوى لمدة 14 مباراة فقط مع ريال مدريد، ولا يتذكره الناس بشكل جيد في إشبيلية رغم فوزه بالدوري الأوروبي في عام 2020. لقد قيل لمسؤولي وستهام إن لوبيتيغي لديه تاريخ طويل من الخلافات مع الناس، ولم يمضِ وقت طويل قبل أن يدركوا أنهم ارتكبوا خطأ كبيراً بالتعاقد معه.
لقد كان تعاقداً كارثياً في حقيقة الأمر، حيث لم يقدم وستهام أداءً جيداً تحت قيادة لوبيتيغي، الذي فشل فشلاً ذريعاً في تطبيق طريقة لعب تعتمد على الدفاع المتقدم والاستحواذ على الكرة وتقدم الظهيرين إلى عمق الملعب. لقد كان الفريق بطيئاً وغير قادر على ممارسة الضغط على المنافسين كما ينبغي، وعرضة للتحولات الهجومية السريعة من جانب الخصوم. وعلاوة على ذلك، وجد اللاعبون صعوبة كبيرة في فهم تعليمات المدير الفني.
وكانت هناك مفاجأة في بداية الموسم عندما ظهر الفريق بهذا الشكل الممل، وهو ما جعل النقاد يتساءلون حقاً عما إذا كان لوبيتيغي مختلفاً عن مويز، الذي تعرض لانتقادات لاذعة بسبب طريقة لعبه التي تعتمد على الدفاع المتكتل والهجمات المرتدة السريعة. وعلاوة على ذلك، ظهر الفريق بشكل متواضع للغاية في النواحي الدفاعية، حيث اهتزت شباكه بثلاثة أهداف أو أكثر في تسع مناسبات هذا الموسم.
لكن بطريقة ما، استمر لوبيتيغي في منصبه رغم الخسارة أمام ليستر سيتي المتواضع بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد الشهر الماضي. وجرت مناقشات لإسناد المهمة لسيرجيو كونسيساو، وكان غراهام بوتر قريباً من تولي المسؤولية، لكن وستهام تردد وأهدر المزيد من الوقت. لقد أجرى لوبيتيغي الكثير من التغييرات، لكنه لم يتمكن أبداً من إيجاد تشكيلة ثابتة للفريق. لقد أظهر قدرة على تحقيق نتائج جيدة في بعض المباريات، رغم أن الفضل الأكبر في ذلك يعود إلى تألق لوكاس فابيانسكي في حراسة المرمى وجارود بوين في الخط الأمامي. وفي نهاية المطاف، وجد وستهام نفسه في موقف لا يحسد عليه.
ومع ذلك، لا يزال من غير المرجح أن يتراجع وستهام ليواجه شبح الهبوط لدوري الدرجة الأولى، نظراً لأن الفريق يضم عدداً من اللاعبين الدوليين أصحاب الخبرات الكبيرة والقادرين على صناعة الفارق. ويعتقد بوتر، الذي يعود للتدريب للمرة الأولى منذ رحيله عن تشيلسي في أبريل (نيسان) 2023. أنه يستطيع العمل مع هذا الفريق. لكن الأمر يحتاج إلى ما يمكن وصفه بـ«جراحة عاجلة». لقد أنفق وستهام ملايين الجنيهات على التعاقد مع مدافعين خلال العامين الماضيين، لكنه لا يزال يستقبل الكثير من الأهداف.
وعلاوة على ذلك، لا يزال الفريق يعاني في خط الوسط منذ بيع ديكلان رايس. في حقيقة الأمر، يجب أن يتحمل تيم شتايدتن، المدير التقني، بعض اللوم على ذلك. لقد تعاقد وستهام مع نيكلاس فولكروغ، المهاجم الألماني الدولي البالغ من العمر 31 عاماً، مقابل 27 مليون جنيه إسترليني، لكن الصفقة فشلت فشلاً ذريعاً. كما يبدو إنفاق 25 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع اللاعب البرازيلي الشاب لويس غيليرمي قراراً غريباً للغاية.
ويقدم كونستانتينوس مافروبانوس، قلب الدفاع اليوناني، مستويات كارثية ويرتكب الكثير من الأخطاء الساذجة. وكلف ماكس كيلمان خزينة النادي الكثير من الأموال عندما جاء من وولفرهامبتون. يُعد جان كلير توديبو مدافعاً موهوباً، لكن لا تزال هناك تساؤلات بشأن سلوكه منذ انتقاله من نيس، ومن المعروف للجميع أنه كان يريد الانضمام إلى يوفنتوس الصيف الماضي. لقد جلبته الأموال إلى وستهام، وتم وصف الصفقة بأنها نجاح مذهل آخر لشتايدتن، لكن اللاعب الفرنسي لم يقدم المستويات المتوقعة منه حتى الآن.
من الواضح أن الأجواء داخل الفريق ليست جيدة، وأنه يفتقر إلى الانضباط. لقد طُرد لاعب خط الوسط المكسيكي إدسون ألفاريز مرتين، وفرض عليه النادي عقوبة داخلية بعد حصوله على بطاقة حمراء في مباراة الفريق أمام ليفربول في كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة في سبتمبر (أيلول) الماضي. كما اشتبك لوبيتيغي، الذي تلقى عدداً كبيراً جداً من الإنذارات، مع أشخاص آخرين. وكان هناك شجار مع محمد قدوس بعد نهاية الشوط الأول من مباراة الفريق أمام برينتفورد في سبتمبر (أيلول). ودخل توديبو في مشادة غاضبة مع لوبيتيغي في غرفة الملابس عندما وجد وستهام نفسه متأخراً بخمسة أهداف مقابل هدفين في الشوط الأول أمام آرسنال في نوفمبر (تشرين الثاني).
وكان هناك العديد من اللحظات السيئة الأخرى. لقد لعب وستهام بطريقة دفاعية أمام آرسنال، لكنه لم يكن منظماً في الدفاع، ولم تكن لديه أدنى فكرة عن كيفية شن هجمات مرتدة سريعة، في ظل انعزال بوين وميخائيل أنطونيو في الأمام. كما استسلم تماماً أمام توتنهام وخسر على ملعبه أمام تشيلسي، الذي عاقب لوبيتيغي على قراره بأن يراقب ألفاريز نيكولاس جاكسون السريع.
والأسوأ من ذلك أن الفريق كان يلعب بلا هوية، ولم تكن هناك طريقة واضحة للعب، بل كان هناك شعور بالفراغ. لم يكن المشجعون غاضبين حقاً، بل كانوا ينتظرون فقط أن يتم وضع نهاية لهذا الأمر، وكانوا محبطين من القرارات التي يتخذها مجلس الإدارة. لقد تم توجيه أصابع الاتهام إلى ديفيد سوليفان لتعيين لوبيتيغي، كما طُرح العديد من التساؤلات حول ستيدتن، ولماذا لم يكن المسؤول الألماني يوجد في تدريبات الفريق تحت قيادة لوبيتيغي ومويس.
ولماذا يجد المطلعون على الأمر صعوبة في تصديق الضجة التي أثيرت على وسائل التواصل الاجتماعي حول ستيدتن؟ يُقال إن لوبيتيغي قد لا يكون آخر شخص رفيع المستوى يرحل عن النادي، وهناك شعور بأن ستيدتن لا يفهم كرة القدم الإنجليزية. ومن المؤكد أن كل هذه الأحداث قد انعكست بالسلب على أداء ونتائج وستهام. يشعر مؤيدو لوبيتيغي بالغضب إزاء الطريقة التي عومل بها. إنهم يشعرون بأنه قد تم تقويضه والعبث به من قبل المدير التقني الذي يفتقر إلى المصداقية.
من المؤكد أن الإقالات جزء من اللعبة، لكن هناك طرق مناسبة لإدارة مثل هذه الأمور. إن ما حدث يضر بسمعة وستهام، الذي يعاني من الفوضى العارمة بسبب القرارات التي تتخذ من أعلى. وبصفته أكبر مساهم في النادي، يجب أن يتحمل سوليفان المسؤولية عن الافتقار إلى الوضوح الأخلاقي الذي يخلق مثل هذه الأحداث غير اللائقة فيما يتعلق بالمديرين الفنيين. في غضون ذلك، يتعين على ستيدتن أن يغير الطريقة التي يعمل بها إذا كان يريد البقاء. في الواقع، هناك الكثير من مظاهر الخلل في النادي – من السخافة أن يتمكن لوبيتيغي من الضغط من أجل التعاقد مع كارلوس سولير وغيدو رودريغيز رغم أنهما غير مناسبين على الإطلاق للعب في الدوري الإنجليزي الممتاز – كما يجب تطهير الأجواء السامة داخل النادي.
يواجه بوتر تحديات كبيرة، حيث يغيب بوين عن الملاعب لمدة شهرين بسبب تعرضه لكسر في القدم، كما يغيب أنطونيو بعد حادث السيارة المروع الذي تعرض له. وعلاوة على ذلك، فالأموال المخصصة لتدعيم صفوف الفريق ستكون محدودة بعدما أنفق النادي الكثير خلال فترة الانتقالات الصيفية الماضية. يتعين على بوتر أن يعمل على مساعدة قدوس، الذي ضل طريقه بعد موسم أول ممتاز، على العودة لمستواه السابق، وأن يُحفز لوكاس باكيتا، الذي يواجه خطر الإيقاف لفترة طويلة بعد اتهامه بانتهاك قواعد المراهنات، وهو الأمر الذي ينكره اللاعب.
ومع ذلك، فهذه على الأقل بداية جديدة. هناك من سيتساءل عما إذا كان بوتر قد فشل بعد الفترة التي قضاها في تشيلسي، وهل هو قادر بالفعل على التعامل مع التحديات الكبيرة التي سيواجهها في نادٍ مثل وستهام. لقد قيلت أشياء مماثلة عن مويز بعد الفترة الصعبة التي قضاها في مانشستر يونايتد، لكن المدير الفني الاسكوتلندي تمكن في نهاية المطاف من قيادة وستهام للفوز بأول بطولة للنادي منذ 43 عاماً. أما بالنسبة لبوتر، فهذه فرصة لاستعادة سمعته كمدير فني جيد. لقد قام بعمل رائع مع برايتون وكان يُنظر إليه على أنه مدير فني مختلف. يحتاج وستهام بشدة إلى شخص لديه رؤية واضحة وطريقة لعب محددة، فهل يكون بوتر هو الشخص المناسب؟
*«خدمة الغارديان»
المصدر : وكالات