«متل قصص الحب»… رحلة سينمائية استغرقت 7 سنوات – مشاهير

إسلام جمال13 يناير 20252 مشاهدة
«متل قصص الحب»… رحلة سينمائية استغرقت 7 سنوات – مشاهير


بعد فيلمها الوثائقي الأول «هدنة» تقدّم اليوم المخرجة ميريام الحاج ثاني أعمالها السينمائية الطويلة «متل قصص الحب»، تصحبنا خلاله في رحلة مع 3 شخصيات، جومانا وجورج وبيرلا. كل منهم يعمل في مجال مختلف، ولكن أمراً واحداً يجمعهم هو أمل تغيير بلدهم لبنان إلى الأفضل.

يأخذنا الفيلم منذ لحظاته الأولى إلى عالم سينما واقعي، مختلف بموضوعه وبأسلوب تصويره، بحيث تثبت مخرجته حرفيتها في هذا المجال. حواراته سريعة ومشاهده عفوية.

نقلت ميريام واقع أبطال الفيلم من دون أي «رتوش»، فكانوا بردود أفعالهم التلقائية وعباراتهم المحكية، يشبهون أي مواطن لبناني آخر.

تطوي الحاج مع «متل قصص الحب» صفحة لبنان المعاناة (ميريام الحاج)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» تشير مخرجة الفيلم ميريام الحاج إلى أن الرسالة الرئيسية التي يحملها هي فكرة التغيير. «إنها تراودنا جميعاً في لبنان، وغالباً ما نعترف بها علناً في أي موقف نواجهه، فننتقد مشاهد اجتماعية وبيئية وسياسية تطالعنا في يومياتنا. وفي كل مرة نردد عبارة واحدة: (يجب أن نغيّر). وما رغبت في إبرازه في الفيلم هو إخبار المشاهد كيف باستطاعتنا تطبيق هذا التغيير، كلٌّ على طريقته».

استغرق تصوير الفيلم وإعداده وتنفيذه نحو 7 سنوات. استلهمت ميريام الحاج فكرته منذ عام 2017، حقبة ارتفاع صوت المجتمع المدني، وتفتحت براعم الفكرة بشكل لافت مع انطلاق أولى شرارات ثورة 17 أكتوبر في عام 2019، فالأجواء يومها كانت تحمل الإيجابية، وتدلّنا على طريق واحد يمشي باتجاه التغيير. سلسلة التوقف عن العمل واجهتها المخرجة بسبب أزمات ومشكلات واجهها لبنان، فكانت تقفل كاميرتها فترة لتعود وتحملها مرة أخرى.

جورج مقاتل لبناني سابق كان فاتحة موضوعات الفيلم، تلته الإعلامية جومانا حداد التي ترشحت إلى النيابة في عام 2018، وصُدمت بخسارتها بعد إعلان فوزها. أما البطلة الثالثة بيرلا فهي نموذج حي عن فكر الشباب اللبناني المستقبلي. ناشطة بارزة في حقبة الثورة، شكّلت بيرلا صوت كل أبناء جيلها.

وتوضح الحاج: «جورج يرمز إلى الماضي الحاضر دائماً في لبنان. علاقته بزمن الحرب وطيدة كونه محارباً أسبق فيها. وتجربته شكّلت مادة دسمة كي نتعلّم منها الدروس. ومع جومانا نقلت مشاعر خيبات الأمل التي يتلقاها اللبناني باستمرار، في حين بيرلا التي تعرّفت إليها بالصدفة، تمثّل صوت شبابنا الثائر».

جومانا حداد إحدى بطلات الفيلم (ميريام الحاج)

لماذا اسم «متل قصص الحب»؟ تردّ الحاج إن «علاقتنا ببلدنا لبنان تشبه قصص الحب بكل أشكالها. نفترق عن الحبيب، نتجادل معه، ويشعرنا بالغضب والقهر. نقرر الانفصال عنه، إلا أن عشقنا له يمنعنا من ذلك. وهذه العبارة استوحيتها من حديث جرى بيني وبين جومانا حداد. تفاجأت بها تلملم الردم الذي خلّفه انفجار بيروت وتحضّر لمشروع جديد. يومها قالت لي: (أنا مضطرة إلى الإيمان ببلدي، وأتطلّع معه نحو الغد. فقصتي معه تشبه قصص الحب. هذه هي علاقتنا مع بلدنا لبنان)».

منذ عام 2017 حتى عام 2022 جالت ميريام الحاج بكاميرتها في بيروت ومناطق أخرى. مرّت على شاطئها وبحرها وعلى أزقتها وأحيائها، وتوقفت في جبال لبنان المكسوة بالذهب الأبيض. فهي رغبت بالتعريف ببلدها بشاعرية معينة، كما تقول.

على شكل مذكرات، تروي الحاج 4 سنوات مضطربة من زمن لبنان. تُبرز فيها مكافحة صلبة للتخلّص من أغلالها. فالبلاد كانت تمر باهتزازات متتالية. وهي من جهتها تتمسّك بالأمل من أجل حبّ البقاء وتحقيق الأحلام. صورة سينمائية مشبّعة بالتناقض تعرضها الحاج في هذا الشريط، فتعكس التفاؤل في نفوس اللبنانيين.

صورة لمرفأ بيروت بُعيد تعرّضه لانفجار في 4 أغسطس 2020 (ميريام الحاج)

وتعلّق: «أتمنى أن يعجب الفيلم اللبنانيين؛ لأنه يخاطبهم بلسان حالهم. ويغمرني حماس كبير لموعد عرضه في مهرجان (شاشات الواقع). صحيح أنه تنقّل بين مهرجانات عالمية، ولكن يبقى لعرضه في لبنان مذاقاً خاصاً عندي».

تعترف الحاج أن الفيلم استنزف طاقتها، كونه تطلّب منها نقل واقع صعب فتعلّقت بشخصياته. عاشوا معها في فكرها ويومياتها، كما أن السينما بحد ذاتها في لبنان تعدّ نوعاً من النضال. «كنت أشعر كمن يصارع الأمواج لوحده. والأسوأ هو أنني رفضت إيقاف هذه المصارعة. فهدفي كان واضحاً، ومحوره اختراع أسلوب حياة يليق بنا لنكمل مشوارنا في هذا البلد».

لن تعود بعد اليوم ميريام الحاج إلى هذا النوع من الموضوعات التي تربط ما بين ماضي لبنان وحاضره. وتختتم: «سأتوقف عند هذا الحد؛ لأنني أتطلّع إلى موضوعات تصبّ في غد أفضل. أعتقد أنني قلت كل ما أريده في فيلمي السابق (هدنة) وفي الحالي (متل قصص الحب). ومع هذا الأخير، أطوي صفحة طويلة من المعاناة والأزمات والحروب. ومع وصول رئيس الجمهورية الجديد العماد جوزيف عون، نشعر بالأمل. لقد حاولت في أفلامي التخلص من حمل ثقيل على أكتافنا. جمعت فيها الحزن وخيبات الأمل والإخفاقات. واليوم يخطر على بالي الانكباب على شريط سينمائي مفعم بالأمل، وبغدٍ مزدهر».


المصدر : وكالات

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل