دانيال تشابو… رئيس موزمبيق الجديد الطامح إلى استعادة الاستقرار – مشاهير

إسلام جمال17 يناير 20253 مشاهدة
دانيال تشابو… رئيس موزمبيق الجديد الطامح إلى استعادة الاستقرار – مشاهير



أدّى دانيال تشابو، الأربعاء الماضي، اليمين الدستورية رئيساً لموزمبيق، مركّزاً على اعتبار استعادة الاستقرار السياسي والاجتماعي «أولوية الأولويات». وجاء تولي السياسي المتخصص في القانون، بعد أكثر ثلاثة أشهر من انتخابات مثيرة للجدل، دفعت البلاد إلى موجة احتجاجات دامية راح ضحيتها أكثر من 300 شخص حتى الآن، وفق تقديرات منظمات حقوقية محلية ودولية. وبالفعل استمرت الاحتجاجات حتى أثناء مراسم حفل التنصيب، إذ بينما كان تشابو، البالغ من العمر 48 سنة، يخطب أمام حشد متحمس من أنصاره في العاصمة مابوتو، كانت مناصرو المعارضة يتظاهرون ضده على بعد أمتار قليلة، بعدما منعتهم قوات الأمن من الوصول إلى مكان الحفل.

بدأ الرئيس الموزمبيقي الجديد دانيال تشابو القسم وسط حشد من أنصاره، وكذلك على مقربة من مظاهرات رافضة نتيجة الانتخابات التي وضعته على رأس السلطة في المستعمرة البرتغالية الكبيرة التي يقترب عدد سكانها من 34 مليون نسمة وتقع على الساحل الغربي للمحيط الهندي بجنوب شرقي أفريقيا. ولقد نقلت وكالات الأنباء عن شهود عيان قولهم إن وسط العاصمة مابوتو كان شبه مهجور مع وجود كثيف للشرطة والجيش.

أما تشابو فقال في خطاب تنصيبه: «سمعنا أصواتكم قبل وأثناء الاحتجاجات وسنستمر في الاستماع». وأقر الرئيس الجديد بالحاجة إلى إنهاء حالة الاضطراب التي تهز البلاد، مضيفاً: «لا يمكن للوئام الاجتماعي أن ينتظر، لذلك بدأ الحوار بالفعل ولن نرتاح حتى يكون لدينا بلد موحد ومتماسك».

والواقع أنه منذ إعلان المجلس الدستوري في موزمبيق، خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فوز تشابو في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بنسبة 65.17 في المائة من الأصوات، دخلت البلاد في موجة عنف جديدة، لا سيما مع طعن فينانسيو موندلاني زعيم المعارضة الشعبوية اليمينية، الذي حل ثانياً بحصوله على 24 في المائة من الأصوات، بصحة نتائجها، ودعوته للتظاهر واستعادة ما أسماه «الحقيقة الانتخابية».

هذا، وتتهم المعارضة (ممثلة بحزب «بوديموس» الشعبوي) حزب «فريليمو» الاستقلالي اليساري بتزوير الانتخابات، وهي تهمة ينفيها «فريليمو»، الذي يحكم البلاد منذ الاستقلال عن البرتغال عام 1975. أما تشابو فقد بات الرئيس الخامس لموزمبيق منذ استقلالها. وكان في مقدمة حضور حفل تنصيبه الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا وزعيم غينيا بيساو عمر سيسوكو إمبالو، بينما أرسلت عدة دول أخرى، بما في ذلك البرتغال، ممثلين عنها.

الخلفية والنشأة

ولد دانيال فرانسيسكو تشابو، يوم 6 يناير (كانون الثاني) 1977 في بلدة إينهامينغا، المركز الإداري لمنطقة شيرينغوما بوسط موزمبيق. وهو الابن السادس بين عشرة أشقاء. وكان والده فرانسيسكو (متوفى) موظفاً في سكك حديد موزمبيق، بينما كانت والدته هيلينا دوس سانتوس عاملة منازل. وهو متزوّج من غويتا سليمان تشابو، ولديهما ثلاثة أولاد، وهو يهوى كرة القدم وكرة السلة، ويتكلم اللغتين البرتغالية والإنجليزية بطلاقة.

النزاع المسلح الذي اندلع بين «فريليمو» (جبهة تحرير موزمبيق) الاستقلالية اليسارية ومنظمة «رينامو» اليمينية التي دعمها النظامان العنصريان السابقان بجنوب أفريقيا وروديسيا الجنوبية (زيمابوي حالياً) وبعض القوى الغربية، دفع عائلة تشابو إلى مغادرة إنهامينغا، ولذا أمضى دانيال تشابو طفولته في منطقة دوندو، حيث التحق بمدرسة جوزينا ماشيل الابتدائية.

ومن ثم، تابع دراسته في دوندو، وبعد إنهاء تعليمه الثانوي عمل مذيعاً في راديو «ميرامار» حيث قدم برنامجاً رياضياً بين عامي 1997 و1999.

بعدها، التحق تشابو بجامعة إدواردو موندلاني في العاصمة مابوتو، وتزامناً مع دراسته الجامعية عمل في تلفزيون «ميرامار»، وقدّم برنامجاً باسم «أفوكس دو بوفو».

ثم في عام 2004 حصل على شهادته الجامعية في القانون، واجتاز دورة المحافظين وكتّاب العدل في «مركز ماتولا للتدريب القانوني» في العام نفسه. وهكذا شكلت خلفيته الأكاديمية أساساً قوياً لمسيرته المهنية اللاحقة في الخدمة العامة والإدارة.

من القانون إلى السياسة

بدأ تشابو حياته المهنية عام 2005 في مكتب كتّاب العدل بمدينة ناكالا بورتو، وواصل عمله هناك حتى عام 2009. كما عمل أستاذاً للقانون الدستوري والعلوم السياسية في الجامعة.

وفي عام 2009 انضم إلى حزب «فريليمو» (جبهة تحرير موزمبيق)، وعيّن بسبب عمله ومشاركته السياسية في منصب إداري في مقاطعة ناكالا – آ – فيليا، ووفق موقعه الإلكتروني فإنه عمل خلال تلك الفترة على «خلق فرص عمل للشباب دون تمييز». ضغط الأعمال الإدارية، لم يمنع في الواقع، تشابو من إكمال دراسته، وفعلاً التحق بجامعة موزمبيق الكاثوليكية للحصول على ماجستير التنمية عام 2014. كما حصل على تدريب في نقابة المحامين، التي أوقف عضويته فيها طواعية بسبب عمله السياسي.

وعام 2015 عيّن تشابو مديراً لمقاطعة بالما، لكنه لم يمكث في المهمة طويلاً لأن الرئيس السابق فيليبي غاستينيو نيوسي عيّنه عام 2016 حاكماً لإنهامباني. وبعدها، في أبريل (نيسان) 2019 وافق البرلمان الموزمبيقي على حزمة تشريعية جعلت تعيين منصب حكام المقاطعات بالانتخاب، وكان تشابو على رأس قائمة «فريليمو» في إنهامباني، ليصبح أول حاكم منتخب للمحافظة، التي ظل يحكمها حتى مايو (أيار) 2024.

دعم رئاسي

حظي دانيال تشابو بدعم قوي من الرئيس فيليبي نيوسي، الذي شهد بكفاءته وقال عنه: «مع أنه لم يبقَ في بالما سوى 6 أشهر فإنه اكتسب تأييداً في هذا الجزء من البلاد لدرجة أن قرار الرئيس بنقله إلى مقاطعة أخرى كان مثار تساؤلات عما إذا كانت بالما لا تستحق أن يحكمها شخص بكفاءة تشابو».

وخلال السنوات الثماني (2016 إلى 2024) التي أمضاها حاكماً لمحافظة إنهامباني، قاد تشابو المحافظة كي تغدو الأولى في البلاد التي تكمل تنفيذ البنوك في جميع المناطق، في إطار المبادرة الرئاسية «منطقة واحدة، بنك واحد». وتشير وسائل إعلام محلية إلى أنه في عهد تشابو وتحت قيادته نظمت محافظة إنهامباني مؤتمرين دوليين للاستثمار، فضلاً عن منتديات لتنمية المناطق، ما حفّز الاقتصاد المحلي، وقاد عجلة التنمية.

المسيرة الحزبية

مسيرة دانيال تشابو الحزبية والسياسية بدأت مبكراً، إذ شغل بين عامي 1995 و1996. سكرتير منطقة في «منظمة الشباب الموزمبيقي» (OJM) في دوندو. ثم شغل بين عامي 1998 و1999 منصب أمين سر لجنة التثبيت بمجلس شباب المنطقة إضافة إلى عضويته في «منظمة الشباب الموزمبيقي». وفي عام 2008. عُين مديراً للحملة الانتخابية للمرشح شالي إيسوفو، من «فريليمو»، في بلدية ناكالا بورتو، ويومها فاز الحزب بالانتخابات، وأطاح بالمعارضة.

بعدها، عام 2017. انتخب دانيال تشابو عضواً في اللجنة المركزية لـ«فريليمو». وفي مايو (أيار) 2024 اختارته اللجنة المركزية مرشحاً لـ«فريليمو» في الانتخابات الرئاسية. وهي الانتخابات التي فاز فيها أخيراً وسط اعتراضات المعارضة.

وبناءً عليه، يبدأ تشابو فترة رئاسته وسط تحدّيات كبرى، وفي ظل مظاهرات واحتجاجات هي الأكبر ضد حزب «فريليمو». وراهناً تتصاعد المخاوف على استقرار موزمبيق مع تعهد منافسه المعارض موندلاني، وهو مهندس زراعي يبلغ من العمر 50 سنة باستمرار المظاهرات قائلاً إن «دعوته للحوار قوبلت بالعنف».

وجدير بالذكر أن موندلاني كان قد عاد إلى موزمبيق من منفاه الاختياري وسط ترحيب من أنصاره يوم 9 يناير (كانون الثاني). وادعى أنه «غادر موزمبيق خوفاً على حياته بعد مقتل اثنين من كبار أعضاء حزبه المعارض داخل سيارتهما على يد مسلحين مجهولين في إطلاق نار خلال الليل في مابوتو بعد الانتخابات».

في أي حال، يثير الوضع الحالي في موزمبيق مخاوف دولية، ولاحقاً أعرب مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الأسبوع الماضي، عن قلقه. وقال في بيان: «نحن في غاية القلق بشأن التوترات المستمرة عقب الانتخابات في موزمبيق». من ناحية ثانية، بصرف النظر عن الاحتجاجات التي أشعلتها الانتخابات الرئاسية، فإن تشابو يواجه تحديات عدة يتوجب عليه التعامل معها، على رأسها «التمرد» المستمر منذ سبع سنوات في مقاطعة كابو ديلغادو الشمالية الغنية بالنفط والغاز. وهذا، إضافة إلى السعي لتحقيق تنمية اقتصادية، واستغلال موارد الغاز الطبيعي، وإدارة تأثيرات التغير المناخي والكوارث الطبيعية التي أثرت على موزمبيق في السنوات الأخيرة.

وراثة الإرث الثقيل

لا شك، ثمة إرث ثقيل ورثه دانيال تشابو، ذلك أنه يقود بلداً مزقه الفساد والتحديات الاقتصادية العميقة، بما فيها ارتفاع معدلات البطالة والإضرابات المتكرّرة عن العمل، التي جعلت موزمبيق رغم مواردها الكبيرة واحدة من أفقر دول العالم، وفقا للبنك الدولي.

الرئيس الجديد قال – صراحة – في خطاب تنصيبه الأربعاء الماضي: «لا يمكن لموزمبيق أن تظل رهينة للفساد والجمود والمحسوبية والنفاق وعدم الكفاءة والظلم». وأردف، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس»، أنه «لمن المؤلم أن العديد من مواطنينا ما زالوا ينامون من دون وجبة لائقة واحدة على الأقل». وعليه، في مواجهة هذا الإرث الثقيل، تعهد بتقليص عدد الوزرات والمناصب الحكومية العليا. ورأى أن من شأن هذا التدبير توفير أكثر من 260 مليون دولار سيعاد توجيهها لتحسين حياة الناس.بالطبع فإن المعارضين والمشككين، غير مقتنعين… ويقولون إنهم استمعوا إلى كثيراً إلى النغمة نفسها تتكرّر بلا تغيير يذكر. بيد أن رئاسة تشابو تمثّل اليوم فصلاً جديداً في تاريخ موزمبيق، أو «مفترق طرق»، بحسب تعبير تشابو، الذي قال في خطاب فوزه: «تقف موزمبيق عند مفترق طرق، وعلينا أن نختار طريق الوحدة والتقدم والسلام».


المصدر : وكالات

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل