أثارت زيارة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية، عبد الحميد الدبيبة، الأخيرة إلى أنقرة، ولقاؤه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، تباينات بشأن دوافعهما وتوقيتهما، وإن كان البعض ربطهما بمبادرة البعثة الأممية لتشكيل «حكومة موحدة».
ووفق بيان لحكومة «الوحدة» فإن زيارة الدبيبة، الأربعاء الماضي، إلى تركيا هدفت إلى «تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين».
رئيس «الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية»، أسعد زهيو، عدّ الزيارة جاءت في إطار «رسائل ضمنية مختلفة الأهداف»، حيث يسعى الدبيبة إلى «توظيف الدور التركي في مواجهة خصومه السياسيين بالساحة الليبية، فيما تحاول تركيا تعزيز حضورها في تلك الساحة، التي من المتوقع أن تشهد تحولات واستحقاقات عدة قريباً».
وأوضح زهيو لـ«الشرق الأوسط» أن الدبيبة أراد تأكيد أن أنقرة «لا تزال تدعم حكومته، وتتمسك بشرعيتها واستمراريتها بالمشهد»، وذلك رداً على استمرار مساعي خصومه السياسيين لتشكيل حكومة ليبية جديدة، والأهم أنها «جاءت قبل شروع المبعوثة الأممية لدى ليبيا، ستيفاني خوري، في تنفيذ مبادرتها التي أطلقتها منتصف الشهر الماضي، والتي تستهدف ضمن محاورها الرئيسية تشكيل حكومة موحدة، وبالطبع هذا يهدده»، لافتاً إلى أن تركيا تريد بالمقابل إيصال رسالة للقوى الدولية الداعمة لمبادة خوري بأنها «لاعب رئيسي مؤثر بالمشهد الليبي، ومن ثم ينبغي التنسيق معها».
وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة» التي تتخذ من العاصمة طرابلس بالغرب الليبي مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان، ويترأسها أسامة حماد، وتحظى بدعم قائد «الجيش الوطني»، الذي تتمركز قواته في الشرق وبعض مناطق الجنوب.
أستاذ العلاقات الدولية الليبي، الدكتور إبراهيم هيبة، لم يبتعد عن الطرح السابق، لكنه رجح تطرق لقاء الدبيبة في أنقرة لقضايا أخرى، كسعيه مثلاً إلى «تزويد رئاسة الأركان التابعة لوزارة الدفاع بحكومته بالمزيد من أنظمة الدفاع الجوي والطائرات القتالية». وقال هيبة لـ«الشرق الأوسط»: «إن لقاء الرئيس التركي مع الدبيبة هو رسالة تأكيد من أنقرة بأن انفتاحها الاقتصادي على الشرق الليبي، لا يعني التخلي أو تقليص الدعم السياسي والعسكري للغرب».
ورغم تأكيد نائب مدير تحرير «مجلة الديمقراطية» والباحث في الشؤون الإقليمية، كرم سعيد، أن الزيارة جاءت في إطار سياقات ضاغطة على حكومة الوحدة ورئيسها، لكنه استبعد أن «تستجيب تركيا لرغبة الدبيبة ببقاء حكومته بالسلطة لحين إجراء الانتخابات»، وأرجع ذلك «لرفض قيادات الشرق الليبي السياسية والعسكرية لهذا الطرح، بل وتعارضه أيضاً مع خيارات أطراف وقوى دولية وإقليمية ترى أن الحل قد يكون بتشكيل حكومة متوازنة بين شرق وغرب البلاد؛ لكن مع الابتعاد قدر الإمكان عن سيناريو أن تكون أي من الحكومتين القائمتين بالبلاد هي المشرفة على الانتخابات المقبلة لضمان نزاهتها».
ووفق رأي سعيد فإن «تركيا وفي ظل انشغالها بالساحة السورية حالياً، فإنها لا تسعى إلى فتح جبهة صدام ثانية بالملف الليبي عبر معارضة كل هذه القوى المحلية والإقليمية والدولية، بالتمسك ببقاء حكومة الدبيبة»، مشيراً إلى ما توفره عملية الاستقرار بالساحة الليبية من «بيئة خصبة للشركات التركية في مشاريع إعادة الإعمار، بل وتسهيل مشاريع الطاقة التي لا تخفي تركيا أنها تحتل أولوياتها».
بالمقابل، عدّ المحلل السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو، أن الزيارة جاءت بدافع إطلاع الدبيبة، التي تعد أنقرة أن حكومته هي “الشرعية المعترف بها أممياً في ليبيا، على التفاهمات المبدئية، التي تم التوصل إليها بين أنقرة والقاهرة مؤخراً.
وقال أوغلو لـ«الشرق الأوسط»: «إن أنقرة والقاهرة تسعيان بعد إحداث نقلة كبيرة في مسار تطبيع العلاقات بينهما، إلى تنسيق مواقفهما بالملف الليبي»، متوقعاً أن «تحاول أنقرة عبر نسجها علاقات متوازنة بين كل من الشرق والغرب الليبي، العودة لسيناريو دمج الحكومتين القائمتين في سلطة تنفيذية واحدة، قد يحتفظ الدبيبة برئاستها، مقابل منح حقائب سيادية لشخصيات محسوبة على مجلس النواب، أو من حكومة أسامة حماد».
المصدر : وكالات