المستثمرون يلتقطون أنفاسهم بانتظار تنصيب ترمب
يترقب المستثمرون بفارغ الصبر تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة يوم الاثنين، وما تعنيه هذه العودة بالنسبة إلى الأسواق والتجارة العالمية والعلاقات الدولية، كما سيراقبون أسواق الأسهم من كثب يوم الثلاثاء، في اليوم التالي لتنصيب ترمب لمعرفة ما إذا كانت الأسهم الأميركية قادرة على مواصلة اتجاهها الأخير المتمثل في تحقيق مكاسب بعد أداء الرئيس اليمين الدستورية.
فمن المرجح أن يحمل تنصيب ترمب يوم الاثنين رئيساً للولايات المتحدة السابع والأربعين معه وابلاً من الأوامر التنفيذية، من الضرائب إلى التعريفات الجمركية. ويتكهن البعض بأنه قد يبدأ في ذلك مباشرة بعد تنصيبه. ولأن الأسواق الأميركية ستكون مغلقة يوم الاثنين بمناسبة يوم مارتن لوثر كينغ، لذلك فإن المستثمرين لن يكونوا قادرين على التفاعل مع هذه الأوامر إلا يوم الثلاثاء، حيث من المتوقع على نطاق واسع أن تؤدي إعلانات السياسات إلى تقلبات في الأسواق المالية مع استيعاب المستثمرين لتداعياتها.
سوف تتم مراقبة التعريفات التجارية من كثب، والتي قد تضر بعملات البلدان الأكثر تضرراً منها، بما في ذلك الدولار الكندي واليوان الصيني والبيزو المكسيكي، فضلاً عن اليورو. ومن المتوقع أن تكون هذه، إلى جانب سياسات أخرى صديقة للنمو مثل التخفيضات الضريبية، تضخمية وتعزز الدولار الأميركي، مما قد يدفعه مرة أخرى إلى ما فوق ذروته الأخيرة في عامين مقابل سلة من العملات، وفق صحيفة «وول ستريت جورنال».
وكان صندوق النقد الدولي حذر منذ أيام من أن توقعات النمو الاقتصادي العالمي غامضة بسبب وعود ترمب بخفض الضرائب في الولايات المتحدة، وفرض رسوم جمركية على السلع الأجنبية، وتخفيف القيود على الشركات، وترحيل ملايين المهاجرين الذين يعملون بشكل غير قانوني في الولايات المتحدة. وكتب كبير خبراء الاقتصاد في الصندوق، بيير أوليفييه غورينشاس، أن السياسات التي وعد ترمب بتقديمها «من المرجح أن تدفع التضخم إلى الارتفاع في الأمد القريب».
كذلك حذر البنك الدولي من أن تؤثر الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة على التجارة، وقال إنه قد تكون لها عواقب اقتصادية عالمية.
سندات الخزانة الأميركية
وقد ترتفع عائدات سندات الخزانة الأميركية مرة أخرى إذا اعتبرت الأسواق أن تخفيضات أسعار الفائدة الأميركية تبدو أقل احتمالاً بعد التنصيب، مع العلم أن عائدات السندات طويلة الأجل كانت شهدت ارتفاعاً قبل تنصيب ترمب، حيث يتوقع المتداولون أن تكون تخفيضات الضرائب والتعريفات الجمركية المقترحة تضخمية وأن تحفز النمو المحلي.
ومن شأن ارتفاع الأسعار أن يؤدي بدوره إلى خفض قيمة الأموال التي يتم تلقيها مقابل امتلاك سندات الحكومة الأميركية، مما يدفع الأسواق إلى المطالبة بعوائد أعلى مقابل الاحتفاظ بديونها. فمن مستوى منخفض بلغ نحو 3.6 في المائة في سبتمبر (أيلول)، وصل العائد – وهو سعر الفائدة فعلياً – على سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات إلى ذروته عند نحو 4.8 في المائة الأسبوع الماضي، قبل أن تساعد أرقام التضخم التي جاءت أفضل من المتوقع في إعادته إلى نحو 4.6 في المائة.
ولكن مع ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة إلى 100 في المائة، يتساءل صناّع السياسات السابقون عما إذا كان «حرّاس السندات» يتربصون.
و«حراس السندات» باتوا بمثابة القوة الخفية التي تحدد مصير الرؤساء. ومع تولي ترمب منصب الرئيس، عادت المخاوف بشأن «حراس السندات» في الولايات المتحدة، بحسب العديد من الخبراء في السوق. وقالوا إن المؤشرات الاقتصادية الحالية تبدو أكثر إثارة للقلق؛ فبينما تبلغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة نحو 100 في المائة، فإنه من المتوقَّع أن يتجاوز الدين الأميركي الأرقام القياسية التي سُجِّلت بعد الحرب العالمية الثانية بحلول عام 2027.
أسعار الفائدة
وسط تنامي مخاوف التضخم، من المتوقع أن يبقي بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير في يناير (كانون الثاني)، وفقاً لاستطلاع أجرته «رويترز» مع 103 خبراء اقتصاديين. وتوقع 93 من هؤلاء أن يبقي البنك المركزي أسعار الفائدة ثابتة في اجتماعه يومي 28 و29 يناير. وتوقع عشرة مشاركين فقط خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، في حين لم يتوقع أي منهم خفضها بمقدار نصف نقطة مئوية.
ويعكس قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي تعليق خفض أسعار الفائدة قلقاً متزايداً بين صناع السياسات بشأن التأثير المحتمل لسياسات ترمب المقترحة على الاقتصاد والتضخم. وفي محضر اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر (كانون الأول)، أعرب المسؤولون عن قدر كبير من عدم اليقين بشأن المسار المستقبلي للاقتصاد والتضخم، نظراً للتوقعات بشأن ما قد تفعله الإدارة الجديدة من حيث السياسة.
وقال المحضر: «رأى جميع المشاركين أن عدم اليقين بشأن نطاق وتوقيت والآثار الاقتصادية للتغييرات المحتملة في السياسات التي تؤثر على التجارة الخارجية والهجرة كان مرتفعاً».
وقد أثارت السياسات التي اقترحها ترمب، بما في ذلك التخفيضات الضريبية الكبيرة، والقيود المفروضة على الهجرة، والتعريفات الجمركية المرتفعة على شركاء أميركا التجاريين الرئيسيين، مخاوف بشأن تأثيرها المحتمل على التضخم. وتوقع خبراء الاقتصاد ومحللو «وول ستريت» على حد سواء أن أياً من هذه المقترحات أو كلها قد تؤدي إلى إعادة التضخم إلى الأسعار، التي تظل عرضة للخطر على الرغم من تباطؤها قليلاً في الأشهر الأخيرة.
العملات المشفرة
ومن المتوقع جداً أن ترتفع عملة «بتكوين» نظراً لأنه من المرتقب أن يعلن ترمب عن سياسات صديقة للعملات المشفرة، بما في ذلك خطة لإنشاء احتياطي استراتيجي من عملة «بتكوين».
وكانت تعهدات ترمب بدعم تقنية «البلوكشين» – وارتباطاته الشخصية والتجارية بصناعة العملات المشفرة – أدت إلى رفع أسعار العملات المشفرة منذ إعادة انتخابه. وارتفع سعر «بتكوين» إلى ما يزيد عن 105 آلاف دولار يوم الجمعة، في حين حققت العملات الأقل شهرة مكاسب أيضاً.
ويوم الجمعة، احتسى كبار المسؤولين التنفيذيين في شركات العملات المشفرة الكوكتيلات ورقصوا على أنغام نجم الراب سنوب دوغ أثناء احتفالهم بتنصيب ترمب. يعد حفل العملات المشفرة أحد الاحتفالات العديدة في واشنطن قبل أداء ترمب للقسم يوم الاثنين، ويمثل تحولاً مذهلاً لصناعة كانت في مرمى نيران إدارة بايدن.
فقبل عامين، بدا الأمر وكأنه على وشك الانقراض وسط انهيار منصة «إف تي إكس». واستغل ترمب، الذي لم يحضر الحفل، أموال حملة العملات المشفرة بوعود بأن يكون «رئيساً للعملات المشفرة»، ومن المتوقع أن يصدر أوامر تنفيذية بعيد تنصيبه تهدف إلى تقليل الحواجز التنظيمية للعملات المشفرة وتعزيز التبني واسع النطاق للأصول الرقمية.
المصدر : وكالات