هل تشكل مدينة كميل شمعون الرياضية بداية نهضة للملاعب اللبنانية؟ – مشاهير

إسلام جمال21 يناير 20253 مشاهدة
هل تشكل مدينة كميل شمعون الرياضية بداية نهضة للملاعب اللبنانية؟ – مشاهير


تعد مدينة كميل شمعون الرياضية واحدة من أبرز المعالم الرياضية في لبنان وشاهداً على العديد من الأحداث الرياضية الكبرى، فهذا الصرح العريق استضاف دورة الألعاب العربية عام 1997 وافتتاح كأس آسيا عام 2000، وكان في فترة من الفترات عنواناً للفخر الرياضي في لبنان. ومع ذلك، فقد عانى على مدى سنوات طويلة من إهمال جسيم، شأنه شأن العديد من المنشآت العامة في البلاد، ما جعله يفقد بريقه ويتدهور حاله بشكل كبير. اليوم، ومع بدء أعمال الصيانة وإعادة التأهيل، يعود الأمل لإحياء هذا الصرح الوطني وإعادته إلى الواجهة الرياضية.

مدينة كميل شمعون كانت في فترة من الفترات عنواناً للفخر الرياضي في لبنان (الشرق الأوسط)

من جهته، تحدث ناجي حمود المدير العام للمنشآت الرياضية الذي تم تعيينه في أغسطس (آب) الماضي في مقابلة خاصة لـ«الشرق الأوسط» عن واقع المدينة الرياضية الحالي وخطط إعادة تأهيلها.

وأوضح حمود أن المدينة تعرضت للإهمال لفترة طويلة، مما أدى إلى تدهور بنيتها التحتية وتعطل معظم مرافقها. وقال: «الدراسات التي أجراها مجلس الإنماء والإعمار تشير إلى أن تجديد المدينة بالكامل يتطلب نحو 60 مليون دولار، وهو مبلغ لا يمكن للدولة تحمله حالياً في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة. لذلك، كان الحل الوحيد هو العمل على إعادة تشغيلها بالحد الأدنى من الإمكانيات المتاحة».

ورغم التحديات المالية الهائلة، أشار حمود إلى أن الإدارة خصصت مبلغ 4 مليارات ليرة لبنانية، أي ما يعادل نحو 45 ألف دولار، للبدء بأعمال الصيانة. وأكد أن الأولوية حالياً هي إصلاح العشب الطبيعي، وتجهيز غرف الملابس والحكام، وتنظيف المدرجات. وأضاف: «ما نقوم به الآن يهدف إلى إعادة المدينة لاستقبال الأنشطة الرياضية المحلية. المباريات الدولية تتطلب تجهيزات إضافية مثل الإنارة الليلية وإصلاح جميع الكراسي المكسورة، وهي أمور لا يمكننا تنفيذها حالياً بسبب نقص الموارد».

ناجي حمود أوضح أن المدينة تعرضت للإهمال لفترة طويلة (الشرق الأوسط)

وعن التحديات المتعلقة بالكهرباء، قال حمود: «البنية التحتية للكهرباء في المدينة تعرضت للسرقة والتخريب، وإعادة إصلاحها بالكامل قد تكلف ما بين مليون ونصف إلى مليوني دولار. لذلك، لجأنا إلى استخدام المولدات كحل مؤقت. حتى أنني استعنت بالمولد الخاص بمكتبي لتشغيل مضخات الري في الملعب. كما أن وزارة الشباب والرياضة قدمت مولداً إضافياً لتشغيل القاعة المغلقة الخاصة بكرة السلة، وهو ما ساعدنا على تجهيزها لاستقبال المباريات».

وأشار حمود إلى أن الهدف الأساسي من أعمال الصيانة الحالية هو إعادة المباريات المحلية إلى المدينة الرياضية. وقال: «نتوقع أن تبدأ المباريات بحضور الجمهور في منتصف شهر مارس (آذار) المقبل. صحيح أن هذه الخطوات بسيطة، لكنها تمثل بداية لاستعادة النشاط الرياضي في هذا الصرح». وأوضح أن العشب الصناعي كان أحد الأسباب التي أدت إلى تراجع مستوى كرة القدم اللبنانية، ولذلك كان التركيز على إعادة العشب الطبيعي ليعود الملعب إلى وضعه الطبيعي.

ناجي حمود قال إن الحل الوحيد هو العمل على إعادة تشغيلها بالحد الأدنى من الإمكانيات المتاحة (الشرق الأوسط)

وفيما يتعلق بمستقبل المدينة الرياضية، أكد حمود أن إعادة تأهيلها بالكامل يعتمد على توفر الميزانيات والاستثمارات. لكنه شدد على أن الوضع الحالي لا يسمح بجذب مستثمرين بسبب غياب إطار قانوني يضمن عوائد مالية لهم. وقال: «بحسب القوانين الحالية، لا يقبل أي مستثمر الاستثمار في الملعب لأنه ليست هناك أرباح مضمونة. لذلك، فإن التركيز الآن هو على إعادة النشاط الرياضي، ومن ثم التفكير في حلول طويلة الأمد».

وعن إمكانية نقل تجربة الصيانة إلى منشآت رياضية أخرى في لبنان، أشار حمود إلى أن الخطة تشمل لاحقاً تأهيل ملعب طرابلس الأولمبي، لكنه أكد أن الأمر يعتمد على تأمين ميزانية إضافية. وقال: «هدفنا الأساسي هو إعادة الحياة للمدينة الرياضية كمحطة أولى، ثم الانتقال إلى منشآت أخرى إذا توفرت الإمكانيات».

العمل الجاري في المدينة الرياضية يعكس إصراراً على تحقيق تغيير إيجابي (الشرق الأوسط)

ورغم كل التحديات، يعكس العمل الجاري في المدينة الرياضية إصراراً على تحقيق تغيير إيجابي. وأوضح حمود: «ما نقوم به الآن هو العمل بما هو متوفر. المهم أن تعود الأنشطة الرياضية للملعب، وبعدها يمكن الحديث عن خطوات أكبر». وأضاف أن هذا المشروع ليس مجرد عمل صيانة فني، بل خطوة نحو استعادة الثقة في قدرة لبنان على تطوير بنيته الرياضية.

وفي سياق متصل، من المتوقع أن يعتمد الاتحاد اللبناني لكرة القدم ملعب المدينة الرياضية لاستضافة المباريات الرسمية فور انتهاء أعمال الصيانة الجارية عليه. هذا القرار يأتي في ظل الحاجة الملحة للمنتخبات الوطنية والأندية المحلية إلى ملاعب ذات عشب طبيعي للتدريبات، خاصة مع الاستحقاقات المقبلة على المستويين الإقليمي والدولي.

كما ستستأنف منافسات الدوري اللبناني بجولتها الثانية في 24 الشهر الجاري، عقب انتهاء مهلة الستين يوماً الممنوحة لانسحاب القوات الإسرائيلية. وفي خطوة لافتة، ستعود بعض المباريات أيضاً إلى ملاعب الجنوب اللبناني، التي شهدت تدميراً واسعاً في المناطق المحيطة بها نتيجة القصف، مما يحمل رمزية كبيرة في إعادة الحياة إلى هذه المناطق وتعزيز صمود أهلها.

تم تخصيص مساعدات مالية من الاتحاد بهدف تمكينها من النهوض مجدداً (الشرق الأوسط)

إلى جانب ذلك، وضمن جهود الاتحاد لدعم الأندية، تم تخصيص مساعدات مالية بهدف تمكينها من النهوض مجدداً ومواجهة التحديات التي خلفتها الحرب، في إطار الجهود المتواصلة لإعادة النشاط الرياضي إلى طبيعته وتحفيز الأندية على تحقيق نتائج مشرفة في المنافسات المقبلة.

ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية، الذي استوعب أكثر من 57 ألف مشجع سابقاً، يعطي إعادة تأهيله اليوم بارقة أمل للرياضة اللبنانية. عودة النشاط إلى هذا الصرح لا تعني فقط إعادة الحياة إلى الملعب، بل تعكس رغبة وإصرار اللبنانيين على تجاوز المصاعب والعمل من أجل مستقبل أفضل.

وتبقى هذه الجهود خطوة أولى على طريق طويل، على أمل أن تطال التغييرات كافة الملاعب اللبنانية التي تعاني منذ سنوات مثل الملعب البلدي وملعب صيدا وغيرهما. التحديات كبيرة إلا أن الأمل بأن يتغير الوضع أكبر، خاصة في ظل التغيرات الإيجابية التي يشهدها لبنان حالياً.


المصدر : وكالات

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل