أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب أوسع سلسلة من الإجراءات مستنداً إلى ما يعده تفويضاً شعبياً ومقدساً لحماية الولايات المتحدة، ولاعتماد سياسة توسعية وجعلها القوة العظمى من دون منازع على مر السنوات، ولعكس بعض السياسات الرئيسة لسلفه الرئيس السابق جو بايدن فيما يتعلق بالهجرة، والطاقة، والعلاقات الدولية.
وبعد أن انتهى حفل تنصيب الرئيس الأميركي السابع والأربعين والاحتفالات المرافقة لما سماه «يوم التحرير»، أمضى ترمب ساعاته الأولى في البيت الأبيض وهو يوقّع على عشرات القرارات التنفيذية، قائلاً إن انتخابه «تفويض كامل» من الشعب الأميركي، فضلاً عن أن محاولة اغتياله في 13 يوليو (تموز) الماضي حين لامست رصاصة أعلى أذنه، حملت رسالة مفادها: «أنقذني الله لجعل أميركا عظيمة مرة أخرى». وانضمت إليه في المكتب كبيرة الموظفين سوزي وايلز، ونائبها دان سكافينو، والمحاميان بيتر نافارو وبوريس إبشتاين.
أثر عميق
وبحلول ليل الاثنين، وقّع ترمب على عشرات القرارات التنفيذية التي يتوقع أن يكون لها تأثيرات عميقة على الأنظمة المرعية في البلاد، ومنها قرارات لنقض عشرات من السياسات غير المحددة التي اعتمدها بايدن، وتجميد عدد من التشريعات الفيدرالية وعمليات التوظيف، وإعادة العاملين الفيدراليين إلى العمل بدوام كامل شخصياً.
وأعلن ترمب العفو عن نحو 1500 من أنصاره المتهمين باقتحام الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، وخفّف الأحكام عن 14 آخرين، واصفاً بعضهم بأنهم «رهائن». وعلى الفور، باشر المسؤولون عن السجون الفيدرالية عملية إطلاق البعض، وبينهم زعيم جماعة «براود بويز» السابق إنريكي تاريو. وكان متوقعاً أيضاً أن يطلب ترمب من وزارة العدل رفض نحو 300 قضية لم تصل إلى المحاكمة حتى الآن.
ووجه ترمب في أحد قراراته التنفيذية وزارة العدل ولجنة الأوراق المالية والبورصة ولجنة التجارة الفيدرالية لفحص تصرفات الإدارة السابقة؛ بحثاً عن قرارات إنفاذ وتمويل ذات دوافع سياسية. ودعا إلى مراجعة أنشطة التجسس. وفي قرار منفصل، ألغى التصاريح الأمنية لأكثر من 50 مسؤولاً سابقاً من الاستخبارات؛ لأنهم حذروا من عمليات التضليل الروسية المحتملة في انتخابات 2020.
وتشمل الإجراءات المبكرة الأخرى التي اتخذها الرئيس ترمب نشر الجيش على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، وطالب بعقد جلسات استماع لطلبات لجوء المهاجرين في المكسيك، وتعليق إعادة توطين اللاجئين لمدة أربعة أشهر على الأقل. وقال: «سنوقف كل عمليات الدخول غير القانونية، وسنبدأ بطرد ملايين الأجانب المجرمين إلى المكان الذي أتوا منه»، مضيفاً أنه «سيرسل قوات إلى الحدود الجنوبية لصد الغزو الكارثي لبلادنا».
ووجه قراراً تنفيذياً آخر للوكالات الفيدرالية من أجل ابتكار طرق لخفض الأسعار من خلال توسيع الإسكان، وخفض تكاليف الرعاية الصحية، وخفض اللوائح البيئية، وإعادة «العمال المحبطين» إلى قوة العمل.
قرارات كثيرة
واعترفت الإدارة الجديدة رسمياً بالجنسين: الذكور والإناث، على أن يتم تحديد ذلك على أساس الخلايا التناسلية للحمل. وستحصل الوكالات الحكومية على وثائق تعكس جنس الأشخاص عند الحمل، والتوقف عن استخدام الهوية الجنسية أو الضمائر المفضلة.
وأصدر ترمب قرارات أخرى أعلن فيها حال الطوارئ الوطنية على الحدود الجنوبية، واصفاً العصابات الغريبة بأنها «إرهاب عالمي»، وإنهاء منح الجنسية بصورة تلقائية للمولودين في الولايات المتحدة لمهاجرين غير شرعيين، فيما يعده كثيرون تجاهلاً للحق بالمواطنة بالولادة، استناداً إلى التعديل الرابع عشر للدستور الأميركي. ويتوقع أن يواجه هذا القرار تحديات فورية في المحاكم، بما فيها المحكمة العليا الأميركية.
ويهدف قرار تنفيذي آخر إلى القضاء على برامج التنوع الحكومية من خلال مراجعة المنح والعقود، وعقد اجتماعات منتظمة لمراقبة القضية، بما في ذلك أمثلة رسمية للبيت الأبيض تم تسميتها مثل زائرين من ذوي الإعاقات الذهنية داخل إدارة الطيران الفيدرالية، واعتماد وزارة الزراعة على البيئة القضائية، والتدريب على التنوع في وزارة الخزانة.
وكذلك قرر ترمب الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، ويرى الخبراء أنه قد يترك دفاعات العالم ضعيفة ضد أي حدث جديد قادر على تفشي الأوبئة. وأعلن إنشاء «دائرة الكفاءة الحكومية» التي يديرها الملياردير إيلون ماسك، وينفذها طاقم مكون من 20 شخصاً.
العلاقات الدولية
وكذلك وقّع ترمب على قرار بالانسحاب من «معاهدة باريس للمناخ»، لتنضم الولايات المتحدة إلى كل من إيران وليبيا واليمن بصفتها الدول الوحيدة غير الطرف في الاتفاق العالمي الذي يُعنى بلجم الاحتباس الحراري والظواهر المناخية المتطرفة على الأرض.
وقرر إطلاق عمليات التعدين على نطاق واسع واستخراج النفط والغاز والمعادن في ألاسكا، وتسهيل عملية فصل الموظفين الحكوميين، وإلغاء معايير الكفاءة التي وضعتها إدارة بايدن لصناعة السيارات والقطاع الاستهلاكي – على الرغم من اعتراض الشركات المصنعة المحلية التي طُلب منها الالتزام.
وكان ترمب أعلن أن الولايات المتحدة «ستستعيد» قناة بنما التي بنتها الولايات المتحدة قبل نقل السيطرة عليها إلى السلطات البنمية عام 1999 بموجب اتفاق عام 1977، الذي وصفه ترمب بأنه «هدية جنونية»، مضيفاً أن «هدف اتفاقنا وروحية معاهدتنا انتهكا بالكامل»، وأن «ضرائب طائلة تفرض على السفن الأميركية (…) وخصوصاً تستغل الصين قناة بنما، ونحن لم نعطها للصين». أما بالنسبة لغرينلاند التي أعلن عزمه على «استعادتها»، فأعرب عن «ثقته بأن الدنمارك ستتقبل فكرة» التنازل عن هذه المنطقة، وأن الولايات المتحدة «بحاجة (إليها) من أجل الأمن الدولي».
وأعاد ترمب إدراج كوبا على قائمة الدول الراعية للإرهاب، بعدما رفعها بايدن عنها قبل أيام في إطار اتفاق لإطلاق سجناء.
المصدر : وكالات