حصلت تركيا على تعهد من السويد باستمرار التعاون في مكافحة الإرهاب وعدم تقديم أي دعم «لوحدات حماية الشعب الكردية» التي تقود قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في الوقت الذي هددت فيه الإدارة السورية باستخدام القوة حال رفضها الاندماج في الجيش السوري الموحد، فيما تتواصل الاشتباكات بين القوات التركية والفصائل الموالية لها معها على محاور شرق حلب.
وأكدت وزيرة خارجية السويد، ماريا مالمر ستينرغارد، أن بلادها ملتزمة بتنفيذ جميع التعهدات التي قدمتها لتركيا خلال قمتي حلف شمال الأطلسي (ناتو) في مدريد 2022 وفي فيلنيوس 2023، ولن تقدم أي شكل من أشكال الدعم للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا وذراعه العسكرية (وحدات حماية الشعب الكردية)، وأن مكافحة الإرهاب تمثل أولوية لبلادها، وأنهم سيعملون مع تركيا حلفاء في مكافحة الإرهاب وكل أشكال التهديد.
وعدت ستينرغارد، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ووزير العدل السويدي غونار سترومر، ليل الثلاثاء – الأربعاء، عقب اجتماع اللجنة الأمنية التركية السويدية في أنقرة، سقوط نظام بشار الأسد «فرصة تاريخية» للشعب السوري لرسم مستقبله.
ولفتت إلى أن «إعلان العقبة» بشأن سوريا يمثل خريطة طريق مهمة تحظى بدعم الاتحاد الأوروبي وتركيا، مؤكدة أهمية وجود عملية سياسية شاملة وعادلة في سوريا، وضرورة إشراك النساء والأقليات في العملية الانتقالية.
وأضافت: «بصفتنا جزءاً من الاتحاد الأوروبي، فإن السويد مستعدة لدعم هذه العملية بالتعاون مع تركيا وشركاء آخرين»، لافتة إلى أن السويد قدمت دعماً لسوريا عام 2024 وصل إلى 25 مليون يورو، وأنها ستواصل دعمها للسوريين واللاجئين في الدول الأخرى.
تعاون ضد الوحدات الكردية
بدوره، أكد وزير العدل السويدي غونار سترومر، أن التعاون بين بلاده وتركيا في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة مستمر في التوسع، وبحث مع الجانب التركي كيفية المضي قدماً في مواجهة التهديدات الإرهابية، وكان موضوع «تنظيم حزب العمال الكردستاني» من بين الموضوعات التي تم بحثها. وأوضح: «قررنا تعزيز التعاون الاستراتيجي وتكثيف الجهود المشتركة في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة».
ولفت إلى أن الحكومة السويدية أجرت بعض الإصلاحات التي تخص مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وأن التدابير المطبقة ضمن هذا الإطار ستتيح إجراء مواجهة أكثر فعالية.
وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إنه بحث مع الوزيرين السويديين وجهات النظر حول قضايا الأمن الثنائية والدولية، وخصوصاً الحرب ضد الإرهاب.
وأضاف أنهم ناقشوا الخطوات التي اتخذتها السويد ضد «تنظيم حزب العمال الكردستاني» وذراعه في سوريا (وحدات حماية الشعب الكردية)، والتدابير الإضافية التي ستتخذها بهذا الشأن.
وكان من المقرر عقد اجتماع آلية الأمن التركية السويدية في أنقرة في 18 سبتمبر (أيلول) 2024، لكن تم تأجيله بسبب عطل في طائرة الوفد السويدي.
ووقعت تركيا والسويد وفنلندا، في إطار قمة «ناتو» في مدريد عام 2022، مذكرة تفاهم ثلاثية تم بموجبها تشكيل آلية أمنية ثلاثية، تغطي التزامات البلدين الاسكندنافيين في مجالات مكافحة الإرهاب والصناعة الدفاعية، بوصفها خطوة لموافقة تركيا على انضمامهما للحلف.
تهديد واشتباكات
في السياق ذاته، أكد وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، أن الإدارة الجديدة في دمشق تعهدت بحل جميع الفصائل المسلحة ودمجها في إطار جيش موحد، وأنها تفاوض القوات الكردية المسيطِرة على مناطق في شمال شرقي البلاد، لكنها مستعدة للجوء إلى «القوة» إذا لزم الأمر.
وبحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن أبو قصرة في لقاء مع صحافيين في دمشق الأربعاء، قال إن «باب التفاوض مع (قسد) في الوقت الحاضر قائم وإذا اضطررنا للقوة فسنكون جاهزين».
في غضون ذلك، كثفت القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالية لأنقرة، هجماتها الجوية والبرية على مناطق سيطرة «قسد» في شرق حلب، في محاولة للتقدم والسيطرة على سد تشرين الاستراتيجي.
وهاجمت الفصائل بإسناد مدفعي تركيا، الأربعاء، محور تل سيرتيل بالقرب من سد تشرين بريف منبج شرق حلب، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات بالأسلحة الثقيلة مع قوات «قسد»، أسفرت عن مقتل 4 عناصر من الفصائل، وإصابة 3 عناصر من «قسد»، بحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
كما نفذت الفصائل عملية تسلل على نقاط عسكرية تابعة لـ«قسد» على محور دير حافر بريف حلب الشرقي، وقامت «قسد» بقصف على المحور باستخدام المسيّرات، ما أسفر عن إصابة أحد عناصر الفصائل.
وقتلت طفلتان شقيقتان، وأصيب 7 مدنيين بجروح بينهم 4 أطفال وامرأة، إثر قصف مدفعي نفذته «قسد» على قرية تل عرش بريف منبج، ثم استهدف قصف مدفعي لـ«قسد» منازل المدنيين في ناحية أبو قلقل في ريف منبج، بحسب ما أفاد الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء).
وكان انفجار عنيف ناجم عن سيارة ملغمة وقع في محيط مقر لعناصر فصيل «العمشات» المنضوي ضمن صفوف «الجيش الوطني» الموالي لتركيا، في مدينة منبج شرق حلب، الثلاثاء، وسط معلومات عن وقوع قتلى وجرحى في موقع الحادثة.
وقتل مدنيان وأصيب 70 آخرون بجروح متفاوتة، بعد استهداف الطيران المسيّر التركي بضربتين جويتين مدنيين قرب سد تشرين بريف منبج شرقي حلب، بحسب ما أفاد «المرصد السوري».
كما نفذت القوات التركية 3 غارات على قرية بير حسو، و4 غارات على قرية التينة ومفرق صرين بريف عين العرب (كوباني) شرق حلب، بالتزامن مع قصف مدفعي تركي استهدف سد تشرين، وسط احتجاجات شعبية رافضة للهجمات التركية.
دعم لـ«قسد»
وشهدت مناطق في شمال وشرق سوريا تظاهرات شعبية واسعة، شملت بلدات تل تمر والمالكية وعامودا وتل حميس وكري لكي بريف القامشلي شمال الحسكة، تنديداً بالهجمات التركية على المنطقة، ودعماً لقوات «قسد».
ويطالب المتظاهرون الجهات الدولية بوقف الهجمات التركية على مناطق في شمال وشرق سوريا، التي عمدت في الآونة الأخيرة على استهداف المدنيين بشكل مباشر على سد تشرين، وفرض حظر جوي في أجواء المنطقة.
وجاءت هذه المطالب بعد فشل التفاوض على وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه قائد «قسد»، مظلوم عبدي، بوساطة أميركية.
في الأثناء، استهدفت «قسد» القاعدة التركية في قرية مناخ بريف رأس العين الشرقي ضمن منطقة «نبع السلام» شمال غربي الحسكة، بشكل مباشر، ما أدى إلى إصابة 3 جنود من القوات التركية المتمركزة في النقطة بجروح بليغة، تم نقلهم إلى أحد المستشفيات في الداخل التركي لتلقي العلاج، ورافق القصف استنفار للقوات التركية في النقطة، بحسب «المرصد السوري».
المصدر : وكالات