عهد الملك سلمان يُعزز رؤى مستقبل واستقراء الذكاء الاصطناعي في السعودية
تحلّ اليوم ذكرى مرور 10 سنوات على تولّي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد السلطة في السعودية، إذ تولّى مقاليد الحكم في بلاده 23 يناير (كانون الثاني) 2015.
شهد العهد السلماني خلال عقد إنجازات معاصرة في جميع النواحي؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وغيرها، وتحوّلت بلاده إلى ورشة عمل لخلق مستقبل الدولة.
ولتحقيق هذه الإنجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتقنية، شهد عهد الملك سلمان تأسيس عدة كيانات تهتم بالتقنيات الحديثة والدقيقة، منها تأسيس شركات تقنية متخصصة، وكيانات حكومية لتعزيز مكانة السعودية في التقنيات المتقدمة؛ حيث شهد عهد الملك سلمان تأسيس جهات حكومية للإشراف على تنظيم وتطوير هذه التقنيات المتقدمة، منها تأسيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، التي تأسست عام 2019، وأسهمت في تطوير عدة مشروعات ومنصات متقدمة، وتطوير الكوادر السعودية في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي، وكذلك أُسست في عهد الملك سلمان الهيئة الوطنية للأمن السيبراني عام 2017، التي عزّزت تصنيف المملكة في المؤشر العالمي للأمن السيبراني؛ حيث احتلت المرتبة الـ13 عالمياً، والأولى عربياً في عام 2019. إضافة إلى غيرها من الهيئات الحكومية المتخصصة والمهتمة بالبحث والتطوير، مثل الهيئة العامة للتطوير الدفاعي، والهيئة العامة للصناعات العسكرية، وهيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار.
اقتصاديات المستقبل
في مجال إنشاء الشركات المتخصصة، أنشئت عدة شركات في عهد الملك سلمان، متخصصة في تقنيات اقتصاديات المستقبل، ففي فبراير (شباط) من عام 2014 تم تأسيس الشركة السعودية للإلكترونيات (آلات) المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، والمتخصصة في صناعة وتطوير الإلكترونيات المتقدمة، مثل أشباه الموصلات، والأجهزة الذكية، والصناعات المتقدمة، وكذلك البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.
كما شهد العقد الماضي، الذي تولّى فيه الملك سلمان مقاليد الحكم في بلاده، استضافة وإطلاق المملكة عدداً من المؤتمرات العالمية، اهتمت بالتقنيات الحديثة، ففي شهر مارس (آذار) من العام الماضي، تم إطلاق النسخة الثالثة من مؤتمر «ليب»، الذي يعد أضخم مؤتمر ومعرض تقني يهتم بمستقبل التقنيات ودورها في ازدهار البشرية، وذلك بعد النسخة الأولى التي أقيمت في عام 2022، وتلتها النسخة الثانية في عام 2023.
وشهدت الرياض في سبتمبر (أيلول) الماضي القمة العالمية للذكاء الاصطناعي بنسختها الثالثة، وسط حضور دولي ومحلي لافت للإعلان عن عدد من الشراكات الدولية ومذكرات التفاهم والإطلاقات التي من شأنها تعزيز رؤى مستقبل هذه التقنية في المرحلة المقبلة.
كما تَعزّز دور السعودية في مسيرة الذكاء الاصطناعي وقيادة الجهود العالمية في هذا المجال المتقدم؛ حيث ناقشت القمة عدداً من الموضوعات في مجال الذكاء الاصطناعي والاستفادة من تقنياته وتأثيرها في المجتمع والاقتصاد. كما تهدف إلى تعظيم الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، وإلى إيجاد الحلول للتحديات الحالية لعدة قطاعات، مثل: المدن الذكية، وتنمية القدرات البشرية، والرعاية الصحية، والمواصلات، والطاقة، والثقافة والتراث، والبيئة، والحراك الاقتصادي.
وفي هذا الاتجاه، أعلنت وزارة الطاقة السعودية، على سبيل المثال، أنها سوف تنشئ إدارة عامة للذكاء الاصطناعي وتطوير الأعمال بهدف زيادة كفاءة الطاقة وتقليل الاستهلاك. في حين كشفت «أرامكو الرقمية» عن التعاون مع «غروك» -وهي منصة متكاملة من الأجهزة والبرمجيات توفر سرعة استثنائية في معالجة الذكاء الاصطناعي- لإنشاء أكبر مركز بيانات عالمي لاستقرار الذكاء الاصطناعي في السعودية.
وكانت القمة التي نظمتها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، قد شهدت تجارب استثنائية وتفاعلية، وجذبت زواراً فاق عددهم الـ32 ألفاً من داخل المملكة وخارجها، إلى جانب مشاركة خبراء ومختصين وقادة في الذكاء الاصطناعي من حول العالم، للنقاش حول مستقبل هذه التقنية، وطرح الحلول الملهمة لخير البشرية.
في خدمة القطاعين الصناعي والتعدين
وفي إحدى الجلسات الحوارية، كشف وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر الخريف، عن 3 ركائز مهمة من أجل الاستفادة القصوى من تقنية الذكاء الاصطناعي في قطاع المصانع، أولاها حجم الفائدة على عمليات التصنيع من البداية التي تتضمن مصادر المواد الخام والكفاءة، إلى تحسين الإنتاجية، إضافة إلى المحاور المتضمنة الربط بين المصانع والآلات واللوجستيات، وغيرها. وثانيها تتلخص في حجم مساهمة الذكاء الاصطناعي، وقيمته في المنتج النهائي، وتعزيز المنتجات باستخدام مختلف مكونات هذه التقنية، أما الركيزة الثالثة فتتمحور حول الأثر الإيجابي من الذكاء الاصطناعي على تطوير رأس المال البشري، من خلال التدريب والمهارات ومواءمة وتكييف التقنيات، وإتاحة المجال للموظفين لرفع مستوى الفرص من منخفضي إلى مرتفعي المهارة، مؤكداً أن السعودية تتجه لبناء قطاع صناعي يولّد فرص عمل عالية المهارات والجودة.
وأوضح الخريف أن وظائف المستقبل سيتم تحديدها بالتقنيات الحديثة؛ لذا يجب أن نكون منفتحين على الأفكار الجديدة من أجل رفع كفاءة المصانع وخفض التكلفة، لافتاً إلى أن المملكة تستورد اليوم كثيراً من التقنيات، ولكن مع مرور الوقت ستقوم بعمليات التصدير.
وفيما يخص التعدين، أفاد وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف، بأن هذا القطاع كان متأخراً في تبني التقنيات الجديدة، ولكنْ اليوم هناك عدد من التقنيات التي تُساعد على التعدين في مختلف المناطق من شأنها المساعدة في رفع مستوى الأمان ومزيد من الكفاءة في استهلاك الطاقة بالنسبة للمواد والتنقيب. كما أوضح أن التقنيات الحديثة أتاحت إجراء التحكم عن بُعد في عمليات التعدين من أجل الحفاظ على البيئة، وهذا النوع من التطور سيكون محور جذب للقطاع.
كما شهدت القمة العالمية للذكاء الاصطناعي تفعيل عدة شراكات ومبادرات عالمية، منها المبادرة الوطنية «إيه آي إم»، بالشراكة بين الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا»، والبرنامج الوطني لتنمية تقنية المعلومات، ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، بهدف بناء منظومة شاملة للابتكار في هذا المجال، وتعزيز الإمكانات الوطنية، وبناء القدرات والشركات، وتحفيز نظام متكامل في المملكة.
من جهتها، أعلنت «أرامكو الرقمية» خلال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي، وذلك بالتعاون مع «غروك»، المتخصصة في مجال الاستدلال بالذكاء الاصطناعي، شراكتهما في مشروع إنشاء أكبر مركز بيانات عالمي لاستقراء الذكاء الاصطناعي في المملكة؛ حيث ستُسهم هذه الشراكة الاستراتيجية في تعزيز مبادرات التحول الرقمي بالمملكة، وترسيخ مكانتها بوصفها مركزاً عالمياً للذكاء الاصطناعي.
وتم كذلك خلال القمة إطلاق مبادرات في تطوير الذكاء الاصطناعي لخدمة اللغة العربية؛ حيث أطلقت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا»، ومجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، مؤشر تقييم وقياس النماذج العربية في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي «بلسم».
وإلى جانب كل هذا التوجّه العلمي والتقني، لم ينسَ المسؤولون في القطاعات والمنشآت الأخرى في السعودية الثقافة والتاريخ الوطني، فقد تم في فبراير من عام 2024 انطلاق النسخة الأولى من مهرجان خادم الحرمين للهجن، إضافة إلى إطلاق النسخة الخامسة من كأس السعودية لسباقات الخيل؛ حيث أطلق أول نسخة منه في عام 2020، وفي يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، تم الإعلان من قِبل هيئة فنون الطهي عن تسمية الأطباق المناطقية لكل مناطق المملكة، وهذا الإجراء له دلالات عظيمة في الحفاظ على الموروث الشعبي من الأطباق التي يُقدمها المطبخ السعودي من مختلف المناطق، ويتساير مع المنجزات الثقافية الأخرى؛ لأن كثيراً من الدول تفتخر بأطباقها ونشرها في ربوع العالم، والسعودية غنية بهذا الثراء المتنوع.
المصدر : وكالات