بعد اشتباكات مسلّحة استمرت لـ3 أيام بين مقاتلين ينتمون لما يسمى “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، تمكّنت “هيئة تحرير الشام”، ظهر اليوم الخميس، من السيطرة على عدّة بلداتٍ تقع في ريف مدينة عفرين شمال غربي البلاد.
واستطاعت “هيئة تحرير الشام” التي كانت تُعرف سابقاً باسم “جبهة النصرة”، وهي ذراع تنظيم “القاعدة” في سوريا، التقدّم داخل مدينة عفرين والسيطرة على عدد من مناطقها بعد مساندتها عسكرياً لميليشيات مسلّحة مدعومة من تركيا كانت تواجه ميليشيات أخرى مدعومة أيضاً من أنقرة عقب اقتتال داخلي اندلع بينهما.
وساندت “هيئة تحرير الشام” عدّة فصائل مما يسمى “الجيش الوطني”، وأبرزها “فرقة الحمزة” و”سليمان شاه” و”أحرار الشام” ضد تحالف “الفيلق الثالث” الذي يضم جماعات مسلّحة متعددة، بينها “الجبهة الشامية” و”جيش الإسلام” بعد حصول اشتباكات متقطّعة بينهما تحولت لاحقاً لمعارك طاحنة.
على إثرها، سيطرت “هيئة تحرير الشام” قبل ساعات، على بلدة جنديرس الواقعة في ريف مدينة عفرين قبل أن تتمكن اليوم من دخول المدينة دون اشتباكات، وفق ما ذكرت لـ “العربية.نت” مصادر محلّية من داخل المدينة.
قتلى وجرحى
في حين لم تعلن “هيئة تحرير الشام” والفصائل التي ساندتها أو تلك التي كانت تواجههما عسكرياً عن أي حصيلة للقتلى والجرحى من الطرفين، لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان أشار إلى أن تلك الاشتباكات أدت لمقتل 11 شخصاً على الأقل بينهم مدنيون.
كما ذكر أن تحالف هيئة تحرير الشام بات يسيطر على نحو 30 موقعاً للجبهة الشامية وجيش الإسلام في الريف الحلبي بما في ذلك مدينة عفرين.
وأضاف المرصد لـ”العربية.نت” أن مدينة عفرين وأريافها تشهد انسحابات بالجملة لكل من الجبهة الشامية وجيش الإسلام، حيث يقابل ذلك دخول فصائل من هيئة تحرير الشام وفرقة الحمزة وحركة أحرار الشام وسليمان شاه إليها، موضحاً أن الهيئة والفصائل الأخرى المتحالفة معها سيطرت على جميع مقرات الجبهة الشامية وجيش الإسلام داخل مدينة عفرين عقب بعد انسحابهما من داخل المدينة وتوجههما لمدينة إعزاز.
من جهته، اعتبر الصحافي الكردي السوري باز بكاري، أن دعم هيئة تحرير الشام لبعض الفصائل السورية المسلّحة الموالية لتركيا والمعروفة باسم الجيش الوطني، يبدو واضحاً، فهي تدعم فصائل من هذا الجيش على حساب فصائل أخرى، وهو أمر حصل سابقاً قبل عدّة أشهر لكن الجانب التركي تدخّل حينها ومنع الهيئة من السيطرة على كامل المنطقة.
وقال بكاري لـ”العربية.نت”، إن الاشتباكات الحالية تعود أسبابها لصراع نفوذ بين الميليشيات التابعة لتركيا رغم أن هناك من يروج أن تلك المواجهات المسلّحة حصلت على خلفية مقتل الناشط الإعلامي محمد عبداللطيف المعروف بأبو غنوم في مدينة الباب التي تحتلها تركيا مع ميليشيات سورية مدعومة منها.
فرار سجناء
يشار إلى أن ميليشيا ما تعرف بـ”الجبهة الشامية”، كانت بدأت إخلاء مقراتها في ناحية شرّان الواقعة بريف عفرين مع سلسلة الانسحابات المتواصلة منذ أمس، وفق ما أشار إليه مدير المرصد السوري والذي رجّح فرار سجناء كانت “الجبهة” تحتجزهم في سجون داخل مدينة عفرين التي سيطرت عليها تركيا وجماعات سورية مسلحة في 18 مارس من العام 2018.
وقال المرصد إن الجبهة الشامية تقوم بنقل سجناء من سجن كفرجنة التابع لها بريف عفرين إلى كل من مارع واعزاز الواقعتين في ريف حلب الشمالي.
ولم تقتصر تلك الاشتباكات على مدينة عفرين وأريافها، بل امتدت لمناطق أخرى بينها بلدة جرابلس التي تخضع لسيطرة الجيش التركي والميليشيات السورية المدعومة منه، ففيها تمكّنت فصائل مدعومة من “هيئة تحرير الشام” من السيطرة على عدة حواجز لمقاتلي “الجبهة الشامية” داخل البلدة وريفها.
إلى ذلك، باتت الاشتباكات والاقتتال الداخلي بين الميليشيات المدعومة من تركيا، أمراً شبه اعتيادي منذ سيطرتها على عدة مدنٍ وبلدات تقع في ريف حلب بين عامي 2016 و2018 بدعم من الجيش التركي بعد عمليتين عسكريتين أطلقت عليهما أنقرة اسمي “درع الفرات” و”غصن الزيتون”.