لم يأخذ رئيس الحكومة البريطانية ريشي سوناك وقتا طويلا للتراجع عن قراره عدم المشاركة في مؤتمر كوب27 للمناخ في مصر بسبب انشغاله مع وزير المالية جريمي هانت بمواجهة “ضغوط والتزامات محلية”. وهو تراجع أعاد تذكير العديدين بسلسلة التراجعات التي أعلنتها رئيسة الحكومة السابقة ليز تراس التي لم تعمّر أكثر من 45 يوما في موقعها.
فبعد يوم واحد من تأكيد سلفه بوريس جونسون أنه سيشارك تلبية لدعوة تلقاها من الدولة المضيفة، وبعد انتقادات واسعة من بعض نواب حزبه ومن المعارضة وناشطي البيئة على السواء، قرر الأربعاء أنه سيشارك في المؤتمر.
وفي تغريدة على تويتر قال سوناك إنه يدرك أن “لا وجود لازدهار على المدى الطويل من دون أفعال على مستوى التغير المناخي”. وأضاف قائلا إن “لا أمن طاقويا من دون الاستثمار في الطاقات المتجددة”، وختم مؤكدا أنه لهذا الأسباب كلها سيشارك في مؤتمر كوب27 لـ”البناء على إرث مؤتمر غلاسكو في سبيل مستقبل آمن ومستدام”.
محافظون: قرار عدم المشاركة كان خاطئا
أبرز الانتقادات لقرار سوناك السابق جاءت من جبهة حزب المحافظين وجبهة المعارضة على السواء. فوزيرة الثقافة السابقة في حكومة جونسون نادين دوريس وصفت قرار سوناك بـ”الخاطئ”.
بدوره، وصف ألوك شارما رئيس مؤتمر كوب 26 الذي استضافته المملكة المتحدة في غلاسكو العام الماضي قرار سوناك عدم المشاركة بـ”المخيب للآمال”، ليعود ويرحب لاحقا بتراجع سوناك عن قراره.
ريشي سوناك وبوريس جونسون (رويترز)
كذلك، أرسلت اللجنة البرلمانية المشتركة المعنية بالبيئة رسالة إلى سوناك تطالبه بحضور المؤتمر. وقالت المجموعة في رسالتها إنها تأمل أن يستخدم رئيس الوزراء سلطته لدعم السياسات البيئية التي تحسن الاقتصاد بالتزامن مع حماية البيئة في المملكة المتحدة وخارجها”.
المعارضة: بوريس جونسون أحرج سوناك
المعارضة البريطانية من جهتها هاجمت قرار سوناك بحدة، واصفة إياه بالمحرج. إذ قال زعيم حزب العمال المعارض كير ستارمر إن قرار رئيس الحكومة تعبير عن “فشل في القيادة”. وبعد تراجع سوناك عن قراره، اتهم ستارمر سوناك بأن قراره ناجم عن إدارة سياسية لا عن إدراك للمصلحة الوطنية.
هذا فيما وصفت منظمة غرينبيس القرار بأنه يعبر عن عدم الجدية في التعامل مع التغير المناخي. الحزب الليبرالي الديمقراطي أيضا علق قائلا إن البيئة ليست أولوية لحكومة سوناك، مشددا على أنه قرر المشاركة فقط “بعدما أحرجه بوريس جونسون”.
كما أعلنت الوزيرة الأولى في إسكتلندا نيكولا سترجيون أنها ستشارك في المؤتمر، إذ أكد بعض نواب حزبها – الحزب الوطني الإسكتلندي – إن مشاركتها تأكيد على دور إسكتلندا الرائد في مجال الطاقات المتجددة.
وكانت الساحة السياسية البريطانية قد شهدت جدلا خلال حكومة ليز تراس، بعد إعلان الأخيرة أنها طلبت من الملك تشارلز الثالث عدم حضور المؤتمر. كذلك، أكد متحدث باسم ريشي سوناك أن الأخير لم يتراجع عن طلب تراس من الملك عدم المشاركة، وأن قصر بيكينغهام موافق على ذلك.
وتميل بعض التحليلات إلى أن تراجع سوناك عن موقفه السابق لن يكون الأخير. فالمتحدث باسم رئيس الحكومة اعلن أخيرا أن كل تعهدات سوناك خلال الحملة الانتخابية لزعامة حزب المحافظين في الصيف “قيد المراجعة”. فهذه التعهدات “جرت خلال أشهر عديدة سابقة، فيما السياق مختلف اليوم، وخصوصا على المستوى الاقتصادي”. كما تراجع سوناك عن قراره تغريم المرضى الذين يتخلفون عن حضور مواعيدهم لدى خدمة الصحة الوطنية.