في تجارب سريرية هي الأولى في العالم، نقل العلماء خلايا دم حمراء نمت في المختبر إلى مريضين، دون أي آثار جانبية غير مرغوب فيها.
هذه الخلايا، التي يستغرق تكوينها ثلاثة أسابيع، يمكن أن تحدث ثورة في عمليات نقل الدم للمرضى الذين يعانون من اضطرابات الدم، مثل مرض الخلايا المنجلية، وأولئك الذين لديهم فصائل دم نادرة، والذين قد يكون من الصعب عليهم الحصول على دم متبرع جيد.
ونمت خلايا الدم المصنعة في المختبر من الخلايا الجذعية من المتبرعين، وتم نقلها بكميات تتراوح بين 5-10 مل (نحو ملعقة صغيرة إلى ملعقتين صغيرتين) إلى المتطوعين.
وتهدف التجربة إلى دراسة عمر الخلايا المزروعة في المختبر مقابل ضخ خلايا الدم الحمراء القياسية من نفس المتبرع.
ومن المتوقع أن تعمل خلايا الدم المزروعة في المختبر بشكل أفضل من خلايا الدم الحمراء المتبرع بها لأن خلايا الدم المصنعة حديثة، ما يعني أن المرضى الذين يحتاجون إلى الدم بانتظام قد لا يحتاجون إلى عمليات نقل الدم في كثير من الأحيان.
وقالت آشلي توي، أستاذة بيولوجيا الخلية في جامعة بريستول ومديرة وحدة الدم وزرع منتجات الخلايا الحمراء في المعهد الوطني لحقوق الإنسان: “هذه التجربة الصعبة والمثيرة هي نقطة انطلاق ضخمة لتصنيع الدم من الخلايا الجذعية”.
بدوره، أوضح سيدريك جيفيرت، أستاذ طب نقل الدم واستشاري أمراض الدم في جامعة كامبريدج و”NHS Blood and Transplant (NHSBT)”: “نأمل أن تستمر خلايا الدم الحمراء المزروعة في مختبرنا لفترة أطول من تلك التي تأتي من المتبرعين بالدم”.
وتابع: “إذا نجحت تجربتنا، وهي الأولى من نوعها في العالم، فإن هذا يعني أن المرضى الذين يحتاجون حاليا إلى عمليات نقل دم منتظمة طويلة الأجل سيحتاجون إلى عمليات نقل أقل في المستقبل، ما يساعد على تغيير رعايتهم”.
وأخذت التبرعات بالدم من قاعدة التبرع بالدم التابعة لـ “NHSBT”، من أجل التجربة وتم فصل الخلايا الجذعية عن دمائهم. ثم نمت هذه الخلايا الجذعية لإنتاج خلايا الدم الحمراء في مختبر في وحدة العلاج المتقدمة التابعة لـ “NHSBT” في بريستول.
ومن المتوقع أن يتلقى ما لا يقل عن 10 متطوعين عمليتي نقل صغيرتين بفاصل زمني لا يقل عن أربعة أشهر، والتي ستشمل واحدة من الخلايا الحمراء النموذجية المتبرع بها وواحدة من الخلايا الحمراء المزروعة في المختبر.
وسيسمح هذا للعلماء بدراسة ما إذا كانت خلايا الدم الحمراء “الشابة” المصنوعة في المختبر تدوم لفترة أطول من الخلايا المصنوعة في الجسم.
وقال الدكتور فاروخ شاه، المدير الطبي لنقل الدم في “NHSBT”: “المرضى الذين يحتاجون إلى عمليات نقل دم منتظمة أو متقطعة قد يطورون أجساما مضادة ضد مجموعات الدم الصغيرة، ما يجعل من الصعب العثور على دم متبرع يمكن نقله دون التعرض لخطر رد فعل محتمل يهدد الحياة”.
ويضع هذا البحث الرائد على مستوى العالم الأساس لتصنيع خلايا الدم الحمراء، التي يمكن استخدامها بأمان لنقل الدم للمصابين باضطرابات مثل الخلايا المنجلية.
وستظل هناك حاجة إلى التبرع بالدم بشكل طبيعي لتوفير الغالبية العظمى من الدم. لكن احتمال استفادة مرضى نقل الدم من هذا العمل أمر بالغ الأهمية.
وهناك حاجة إلى مزيد من التجارب قبل استخدامه السريري في المرضى. ومع ذلك، أوضح العلماء أن هذا البحث كان خطوة مهمة نحو مستقبل استخدام خلايا الدم الحمراء المصنعة لتحسين العلاجات في المرضى الذين يملكون أنواع دم نادرة أو من يعانون من احتياجات نقل الدم المعقدة.