عام 1948، وفي خضم أحداث نكبة تهجير الفلسطينيين الدامية، شرد الاحتلال الإسرائيلي سكان قرية «عرب السوالمة»، قضاء مدينة يافا المحتلة، وأباد جميع من تبقى من سكانها، لتجبل دماؤهم بتراب أرض وطنهم المغتصب.
وبعد مُضي 74 عاماً على هذه المشاهد المُفجعة، أعاد الاحتلال المشهد ذاته مرة ثانية، ولكن هذه المرة ضد رفات من أبادهم وشردهم في عام 1948.
ففي جنح ظلام يوم السبت 28 من شهر مايو الماضي، استباحت القوات الإسرائيلية مقبرة قرية «عرب السوالمة»، لتجرف قبور المهجرين من فوق أرضهم إلى باطنها.
استباحة وتجريف
هذه الاستباحة تُعد المرة الثانية التي تنتهك فيها إسرائيل حرمة موتى ومقبرة «عرب السوالمة» الإسلامية، ففي عام 1948 وبعد إبادتهم فوق أرضهم، لاحقت قوات الاحتلال سكان القرية المُهجرة داخل مقبرة القرية، وعاثت في قبورهم ورفاتهم إجراماً وعدواناً، لتخفي آثار القتل الجماعي الذي تعرض له السكان الفلسطينيون آنذاك، وذلك بحسب المؤرخ الفلسطيني البروفيسور مصطفى كبها.
ويقول كبها لـ«الإمارات اليوم»، وهو من سكان مدينة يافا المحتلة، «ما حدث في مقبرة عرب السوالمة نهاية شهر مايو هو انتهاك سافر للأعراف والمواثيق الدولية، فأثناء إحياء الفلسطينيين ذكرى النكبة من خلال زيارة مدنهم وبلداتهم المُهجرة، ومنها قرية عرب السوالمة، استباحت قوات الاحتلال الإسرائيلي قبور المهجرين، وجرفتها كاملة عن بكرة أبيها، إلى جانب تدمير ما تبقى من أسس بعض الأبنية في القرية المحتلة».
ويضيف «قبل تجريف الاحتلال لمقبرة القرية بأيام قليلة، شارك الفلسطينيون في تنفيذ يوم تطوعي في عرب السوالمة، إحياء للذكرى الـ74 للنكبة الفلسطينية، ونفذوا أعمال تنظيف وترميم وتقليم لأشجار القرية». ويلفت المؤرخ الفلسطيني إلى أن قرية عرب السوالمة تقع إلى الشمال الشرقي من قرية الشيخ مؤنس في يافا، وأقام الاحتلال على أرضها ملعباً للتنس في مدينة «رمات هشارون» الإسرائيلية، الجاثمة على أراضي المهجرين في مدينة يافا الساحلية.
إبادة الذاكرة
استباحة قوات الاحتلال المقبرة المُهجرة، تُعد إبادة لذاكرة التغريبة الفلسطينية، فإسرائيل تهدف من وراء ذلك إلى طمس وجود القرية من تاريخ الفلسطينيين، حتى لا يذكروا أن من عاش قبلهم كان يمتلك أرض «عرب السوالمة».
ويشير المؤرخ الفلسطيني إلى أن القرية باتت اليوم خاوية من أي معلم فلسطيني، يدل على وجود سكان القرية فيها قبل عام 1948، فلا يوجد أي أثر لمنازل الأهالي المُهجرين، فيما تظهر جلياً بقايا غرفة واحدة من بناء مدرسة القرية الوحيدة.
ويسرد كبها تاريخ قرية عرب السوالمة المتجذر في أرض فلسطين على مر الأزمنة والعصور، قائلاً «بنيت (عرب السوالمة) على مساحة 6000 دونم، وهي عبارة عن أرض مستوية نسبياً مع انحدار طفيف من الشمال إلى الجنوب، وكانت تحد أراضيها الضفة الشمالية لنهر العوجا، وفي تاريخ 30 مارس من عام 1948 احتلت إسرائيل القرية، وهجرت سكانها، وقتلت من بقي متشبثاً بأرضه».
ويبين أن سكان عرب السوالمة من البدو الرحل، الذين يعود تاريخ وجودهم في فلسطين إلى ما قبل الحكم العثماني، وكانوا يحلون بالموقع موسمياً ضمن أطوار دورة ترحالهم السنوية، إلا أنهم أخذوا يستقرون بالتدريج على نحو دائم في منازل بنوها بالطوب، وفي عام 1946 أنشأ السكان قريتهم.
استباحة قوات الاحتلال المقبرة المُهجرة، تُعد إبادة لذاكرة التغريبة الفلسطينية، فإسرائيل تهدف إلى طمس وجود القرية من تاريخ الفلسطينيين، حتى لا يذكروا أن من عاش قبلهم كان يمتلك أرض «عرب السوالمة».
بُنيت «عرب السوالمة» على مساحة 6000 دونم، وهي عبارة عن أرض مستوية نسبياً مع انحدار طفيف من الشمال إلى الجنوب، وكانت تحد أراضيها الضفة الشمالية لنهر العوجا، وفي تاريخ 30 مارس من عام 1948 احتلت إسرائيل القرية، وهجرت سكانها، وقتلت من بقي متشبثاً بأرضه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news