حكاية المهندس سويلم رائد تجربة الأمن الغذائى بالوادى الجديد منذ 40 عاما.. صور – محافظات

إسلام جمال19 مارس 2023 مشاهدة
حكاية المهندس سويلم رائد تجربة الأمن الغذائى بالوادى الجديد منذ 40 عاما.. صور – محافظات



الفضل كله لأمى رحمها الله لأنها علمتنى الصبر والأمانة منذ طفولتى، حيث كانت تضع المصروف اليومى فى الشنيشة بلغة أهل الشرقية، وهى مخصصة لحفظ النقود وخلافه وتطلب منى إحضار قروش منها وتسألنى كم تبقى، وهكذا مع الوقت أصبحت مسئولا عن الشنيشة وما فيها من نقود، وعلى مدار رحلتى فى الوظيفة الحكومى، وإلى يومنا هذا ما زلت مسئولا عن كل الوارد والمنصرف وأراجع بنفسى وبدقة لأن هذا المال ليس ملكى فهو واتحرى فيه أية شبهة، كما علمتنى الصبر وقوة التحمل، وعندما كانت فى نهار رمضان تشجعنى على الصيام وفى وقت الظهيرة تحضر طشت مياه كبير وتطلب منى العوم فيه، لتخفف عنى حرارة الجو واستطيع أن أكمل يومى فى الصيام ولى معها مواقف لا تنسى.


بهذه الكلمات، استرجع المهندس محمد السيد سويلم من مواليد محافظة الشرقية، وعمره 87 عاما، ذكريات الطفولة التى عاشها حتى التحق بمراحل التعليم، وانتقل بعد تخرجه من كلية الزراعة جامعة المنيا إلى محافظة الوادى الجديد فى الستينيات، تزامناً مع إطلاق أولى قوافل التعمير إلى المحافظة لإنشاء وادى يوازى لوادى النيل، وبدأ العمل فى تخصصه وسط ظروف شديدة الصعوبة آنذاك ولكنه صمم على إستكمال مسيرته وتحقيق هدفه وهو بناء نهضة زراعية حقيقية، وانتقل فى عدد كبير من المواقع الزراعية على مستوى المحافظة.


وقال سويلم فى تصريحات خاصة لـ اليوم السابع، أنه عانى خلال رحلة حياته فى الوادى الجديد، حيث كانت خبراته فى التعامل مع طبيعة التربة الصحراوية محدودة، وكان يسعى جاهداً لكى يرى الأرض تنبت وتثمر، وبدأ يكثف من اطلاعه وبحثه حتى عثر على مجلد علمى لباحثين فى مجال الزراعة بالمناطق الاستوائية والقارية، وبدأ يطبق تجاربهم على زراعة القمح والشعير ونجحت التجربة، وحقق إنتاجية عالية للفدان، حتى كلفه الدكتور الراحل فاروق التلاوى محافظ الوادى الجديد الأسبق، كمسئول عن مجمع تمور المحافظة، وبعد نجاحه فى تحقيق طفرة غير مسبوقة فى إنتاجية وجودة التمور ونجاح تصدير أول شحنة حكومية من التمور إلى دولة إنجلترا، حيث تم تكليفه مسئولا عن منظومة الأمن الغذائى بالمحافظة، والتى تضمنت عدد من المحاور منها إنتاج التمور والإنتاج الحيوانى والداجنى ومصنع الوجبات الغذائية، وهو ما أسفر عنه تصدر محافظة الوادى الجديد على مستوى الجمهورية فى إنتاج التمور وتصدير البط والرومى إلى أغلب محافظات الجمهورية.


وأضاف سويلم، أنه لاحظ خلال إدارته لمجمع التمور انتشار آفة الافيستيا والحاقها الضرر البالغ بالمحصول، وتواصل مع أساتذة كليتى الزراعة بجامعتى المنيا وأسيوط ومركز بحوث وقاية النبات بوزارة الزراعة، ونجحت الأبحاث فى إيجاد علاج نهائى لحشرة الافيستيا باستخدام مادة بروميد الصوديوم بدلا من ثانى كبريتيد الكربون، ليبدأ بعد ذلك فى رحلة تطوير مصنع البلح وبدعم الدكتور التلاوى نجحت المحافظة فى الحصول على قطع غيار المعدات من مصنع متوقف بالشرقية، وانتظم انتاج التمور حتى وفقه الله فى تجهيز أول رسالة تمور تم تصديرها إلى المملكة المتحدة فى الستينيات باجمالى 17 طن، بمواصفات عالية الجودة بعد أن كانت الدولة تصدر التمور بنسبة إصابة حشرية 5%، وهو ما تم القضاء عليه لأول مرة فى تاريخ تصدير التمور إلى الخارج لترتفع الكمية المصدرة للخارج إلى170 طن بلح.


وأشار سويلم، إلى أنه حقق طفرة جديدة فى طرق إنتاج وحفظ التمور وذلك بالمصادفة، عندما كان متوجهاً إلى شركة مصر للطيران للبحث عن عبوة يضع فيها الوجبة المدرسية المصنوعة من عجوة البلح، ولاحظ خلال زيارته للمخازن وجود صناديق بلاستيكية بها فتحات للتهوية، فقرر على الفور استخدامهما فى تخزين الباحه واشترى بالأمر المباشر 100 صندوق، وشحنها إلى مصنع البلح بالوادى الجديد ودعا المحافظ آنذاك لمشاهدة التجربة، لتبدأ مرحلة جديدة فى طرق حفظ البلح وتصديره على هيئته، وجازف بوظيفته من خلال شراء الصناديق وتوزيعها على الفلاحين لتوريد البلح إلى المصنع بداخلها، وواجه رفضا كبيرا من المزارعين، وكانوا يصفونه بأنه غير طبيعى ويتصرف بطريقة لم يعتادوها وتنبأوا بفشله فى تلك التجارب.


وأوضح سويلم، أنه ما لبث أن تغلب على مشكلة تخزين البلح باستخدام الصناديق، وتصنيعها بمواصفات تناسب تخزين التمور ليتجه بعد ذلك إلى البحث عن حل لمشكلة حفظ البلح خلال فترة النضج على العراجين، حيث كان المزارعون يستخدمون الطريقة التقليدية تعرف باسم التلتة، وهى عبارة عن غطاء من الحلف والسمار لحفظ العرجون بثماره، فابتكر سويلم صناعة الشيكارة البلاستيك بنظام شبكى مصنوع من مادة الجيرسى التى تناسب درجات الحرارة المرتفعة، ولا تؤثر على نضج الثمار وتسمح بوصول التهوية والمواد المستخدمة فى مقاومة الآفات وهو ما قابله المزارعون بالرفض القاطع، وهاجموه لدرجة السب والاتهامات بالجنون.


وأكد سويلم، أن ردة فعل المزارعين أصابته بالحزن فى بادىء الأمر ولكنه لم ييأس وقرر التحاور مع مزارعين لديهم درجة من التنوير وقابلية تطبيق التجربة، وبالفعل بعد انتهاء الموسم كانت النتائج غير مسبوقة فى النجاح وكان لها الفضل فى هذا التحول التاريخى فى مراحل جنى البلح، وكانت مجازفاته الإدارية لدعم نجاح التجربة تتكرر دون تخوف من العواقب، حيث كان يشترى اكياس البلح بسعر 75 قرش على نفقة المصنع ويمنحها للمزارعين بسعر 25 قرش، وأحياناً بدون مقابل على أن يتم خصمها من قيمة المحصول ورغم ذلك كان الرفض هو السمة السائدة من أغلب المزارعين، حتى تيقنوا من نجاح التجربة وطبقوها بالفعل.


وأفاد سويلم أنه صاحب تلك الإبتكارات فى العنايه بمحصول التمور، ولم يطمح يوما ما فى أن يحتكر التجرية أو يستفيد منها مادياً ولكن ساهم فى نشرها بأقصى قدر ممكن، حتى أصبحت تقوم عليها صناعات وخطوط إنتاج متكاملة لم تقتصر على مستوى مصر فقط، ولكن انتقلت إلى الدول العربية وأصبحت تجربة تزميط البلح معتمدة لديهم بنفس طريقته التى ابتكرها، والمقصود بعملية التزميط أو التكييس هى العملية قبل الأخيرة قبل جمع محصول البلح، وتبدأ مع بداية شهر يوليو، وتسبقها عدة مراحل أخرى كالتقليم والتلقيح والتدلية، ويساعد النخيل فى حماية البلح من الطيور والفئران التى تتغذى على المحصول قبل قطعه من النخيل، وتحمى البلح من بعض الأمراض والحشرات، كما تسهل جمع المحصول وتمنع تساقطه فى الأرض، وتحافظ على شكل الثمرة كما خلقها الله، وعقب الانتهاء من كل موسم يقوم المزارعون بغسل شكائر الزماط جيدا وحفظها بعيدا عن أشعة الشمس والحشرات لاستخدامها فى الموسم التالى توفيراً للنفقات.


نجح-فى-ابتكار-فكرة-صندوق-البلح-وشيكارة-التزميط


 

شيكارة-التزميط-التى-اخترعها-سويلم
شيكارة-التزميط-التى-اخترعها-سويلم


 

سويلم-هو-صاحب-أول-شحنة-تصديرية-حكومية-للتمور
سويلم-هو-صاحب-أول-شحنة-تصديرية-حكومية-للتمور


 

حديثه-عن-قصة-الحفاظ-على-التمور-من-الآفات
حديثه-عن-قصة-الحفاظ-على-التمور-من-الآفات


 

جانب-من-نخيل-مزرعة-سويلم
جانب-من-نخيل-مزرعة-سويلم


 

المهندس-محمد-سويلم-رائد-تجربة-الأمن-الغذائي-بالوادى-الجديد
المهندس-محمد-سويلم-رائد-تجربة-الأمن-الغذائي-بالوادى-الجديد


 

المهندس-محمد-سويلم-الأب-الروحي-لمزارعي-الوادي-الجديد
المهندس-محمد-سويلم-الأب-الروحي-لمزارعي-الوادي-الجديد


 

الصناديق-التى-أصبحت-أهم-عنصر-في-جنى-البلح
الصناديق-التى-أصبحت-أهم-عنصر-في-جنى-البلح


 


المصدر : اليوم السابع

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل