المملكة خطت وانطلقت برؤية 2030 بقيادة سمو ولي العهد نحو وطن الانفتاح والتسامح والبعد عن التشدد وتم تشريع بيئة قانونية لضبط هذه التغيرات الإيجابية، من ملامح هذه المرحلة التنويرية قضية الاهتمام بالفنون والثقافة والترفيه بأشكالها المتعددة من الفنون الشعبية إلى ألوان الفنون العالمية النخبوية من تصميم مجمعات ودور أوبرا عالمية في الرياض وجدة، إضافة إلى مواسم الترفيه التي تقام في المدن الرئيسة في وطننا والتي تلبي جميع الرغبات الاجتماعية.
السينما كانت ممنوعة لسنوات طويلة، والمسرح فقد ملامحه الطبيعية وأصبح مسرحا رجاليا من حيث الممثلين فقط مع تحريم اشتراك الفنانات في العمل المسرحي، جامعة الملك سعود حاربت في مرحلة ما هذا التحريم والحرب ضد المسرح من خلال المسرح الجامعي والذي خرج لنا العديد من الفنانين المسرحيين والذين أخذوا على عاتقهم العمل المسرحي والتلفزيوني في سنوات كانت تلك الأعمال تعتبر من المحرمات والمنصف لا يمكنه التغاضي عن الأدوار التي قامت بها تلك الكوكبة من الممثلين السعوديين مثل محمد العلي وسعد خضر وناصر القصبي وعبدالله السدحان وغيرهم كثر.
الجامعات في أية دولة تعتبر هي شعلة التغير الثقافي والفني لطبيعة طلابها ومراحلهم العمرية، للأسف في مرحلة الصحوة، هيمن أساتذة ودعاة لهم أجندات سياسية مغلفة بخطاب ديني عاطفي على الجو العام في جامعاتنا، فمن يتذكر مرحلة الثمانيات وكيف كانت محاضرات هؤلاء يحضرها الطلاب بالآلاف، وللأسف أن النتيجة كانت بعض الجامعات وأساتذتها يهتمون بما يجري في أفغانستان والشيشان أكثر مما يحدث في وطننا.
اليوم وكأنه حلم جميل وشمس تشرق علينا بالنور والحياة عندما نقرأ أن جامعاتنا تتسابق في إنشاء كليات للفنون والسينما والمسرح وخاصة ما أعلنته عنه كلية الاتصال والإعلام في جامعة الإمام ذات الهوية الإسلامية بإنشاء برنامج للبكالوريوس لدراسة السينما والمسرح، هذه الخطوة تحسب للكلية والقائمين عليها ولإدارة الجامعة في تبني هذا البرنامج الذي سوف يكون رادفا في صناعة الثقافة والفنون ويحقق خلال مخرجاته أهداف رؤية المملكة في هذا الجانب.
مثل هذه البرامج سواء في الجامعات أو في القطاع الخاص هي التي سوف تجعل حياتنا أكثر إنسانية وبعيدا عن ثقافة التوحش والقبور التي مررنا بها والتي نحتاج لعقود حتى تندثر ويتلاشى اتباعها من بقايا فروخ الصحوة الذين لا يزالون يتحينون الفرصة للعودة بحجج واهية لا تبعد كثيرا عما كانوا يسوقونه في الماضي.