الرئيس التنفيذي لـ«تكامل»: كأس العالم ستقدم للسعودية فرصة فريدة لإطلاق «إبداعاتها»
> ما التأثيرات الكبيرة والملموسة التي ستشهدها سوق العمل السعودية نتيجة استضافة كأس العالم 2034؟
– نحن بدأنا بالفعل في مشاهدة تأثير نمو الاقتصاد الرياضي في السعودية، هذا الحدث ليس مجرد مَعْلَم بارز، بل هو دليل على الأساس المتين الذي وُضع خلال السنوات الماضية. في عام 2020، خلق قطاع الرياضة أكثر من 14 ألف وظيفة، وجلب نحو 10 ملايين دولار أميركي من مبيعات التذاكر والإنفاق السياحي، وزاد عدد الوظائف في الأندية الرياضية بنسبة 129 في المائة. استضافة كأس العالم ستسهم في هذا التطور، بخلق مزيد من فرص العمل لتلبية الطلب المتزايد من الزوار حتى عام 2034 وما بعده. بالإضافة إلى ذلك، فإن قطاعي الضيافة والسياحة، اللذين يشهدان بالفعل طلباً متزايداً بفضل استراتيجيات التنويع في المملكة، من المتوقع أن يلعبا دوراً أكبر في توظيف الشباب السعوديين.
> ما الفرص الوظيفية الجديدة التي قد تنشأ من استضافة هذا الحدث العالمي؟
– استضافة كأس العالم ستخلق تنوعاً هائلاً في الفرص الوظيفية، ليس فقط في أثناء الحدث بل قبله وبعده أيضاً. سنرى فرصاً وظيفية تظهر في مجالات السياحة، واللوجيستيات، والضيافة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بالإضافة إلى إدارة الحشود والفعاليات للتعامل مع الزيادة الكبيرة في عدد الزوار. إذا نظرنا، على سبيل المثال، إلى أولمبياد الصين عام 2008، فقد أدى ذلك إلى خلق نحو مليوني وظيفة، ليس فقط في البناء وتخطيط الفعاليات ولكن أيضاً في مجالات مثل التجزئة، الإعلام، والتكنولوجيا، وحتى الرياضيين الشباب. في السعودية، نتوقع تأثيراً مماثلاً، لكن مع إضافة مثيرة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والأتمتة وكثير من الفرص الوظيفية اللامحدودة المتاحة.
كأس العالم تقدم فرصة فريدة لإطلاق الإبداع، ليس فقط في كيفية العمل ولكن أيضاً فيما يجري إنشاؤه. الفرص الوظيفية حقاً لا حدود لها، حيث يلعب كل قطاع دوراً في إحياء هذا الحدث. فكِّر في العلاقة غير المتوقعة بين كرة القدم وألعاب الفيديو على سبيل المثال، فقد أدت كرة القدم إلى نمو كبير في الألعاب الإلكترونية، مما أسهم في نمو القيمة التجارية، والفرص الاقتصادية، والوظائف لمطوري التكنولوجيا، واللاعبين، وجميع المشاركين. بحلول عام 2029، من المتوقَّع أن تصل إيرادات الرياضات الإلكترونية العالمية إلى 5.9 مليار دولار. من المثير للدهشة أنه لم يكن من المتصور أو المتوقع قبل فترة طويلة أن كرة القدم يمكن أن تولِّد مثل هذه القيمة في الألعاب الإلكترونية. ومع ذلك، اليوم، تشكل صناعات جديدة بالكامل، وهو تطور نتوقع رؤيته في المملكة مع استمرار دعمها للابتكار.
بالإضافة إلى ذلك، يتجاوز تأثير كأس العالم تنمية الرياضيين المحترفين، بل بجعل الرياضة جزءاً أكبر من الحياة اليومية في المملكة. إنه يتعلق بتنمية شغف الرياضة وجعلها جزءاً رئيسياً من ثقافتنا. يمكن أن تكون الرياضة وسيلة لاجتماع العائلات والمجتمعات معاً مع لعب دور رئيسي في تشكيل شخصيات الجيل الأصغر. بالنسبة إلى الشباب، من خلال الرياضة يتعلمون المنافسة، والعمل بجدٍّ، والتعامل مع الانتصارات والهزائم. تساعد هذه التجارب على بناء الشخصية، والصمود، وأخلاقيات العمل القوية… وهي صفات تفيدهم، بعيداً عن الرياضة. مع مبادرات مثل أكاديمية «مهد» الرياضية وزخم كأس العالم، تبني المملكة مستقبلاً، إذ تنسجم الرياضة مع الحياة اليومية وخلق مسارات للمهن والفرص.
> كيف ترى أن استضافة الحدث العالمي تسهم في تعزيز الاقتصاد السعودي بشكل عام؟ وكيف يمكن استدامة الآثار الاقتصادية لهذا الحدث على المدى الطويل؟
– كأس العالم هو حدث واحد فقط في قطاع واحد، لكنه يُبرز الرؤية التحويلية التي تدفع نمو واستثمار السعودية. لقد خلقت المملكة قطاعات جديدة كلياً من الصفر-الرياضة، والإعلام، والثقافة، والسياحة، والترفيه… تطورت هذه المجالات من شغف إلى صناعات اقتصادية مزدهرة تشهد نمواً متسارعاً. ينمو قطاع الرياضة بوتيرة سريعة، ومن المتوقع أن تصل قيمته إلى 2.4 مليار دولار بحلول عام 2030، وأن يسهم بـ1.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، أي ما يعادل 16.5 مليار دولار سنوياً، مما يُظهر الدمج المتزايد للرياضة في الاقتصاد السعودي. سيكون لكأس العالم تأثير مباشر في الصناعات المجاورة والقطاعات الجديدة. سيؤدي استقبال ملايين الزوار الدوليين إلى زيادة الإيرادات من خلال الإنفاق على الإقامة والطعام والنقل، مما يحفز توسع الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد. أخيراً، سيكون لكأس العالم تأثير دائم طويل الأمد، إذ نستفيد من البنية التحتية والرؤية التي جرى الحصول عليها من الحدث للاستثمار في شركاتنا الصغيرة والمتوسطة المحلية لتنمو في سوق متوسعة عبر جميع القطاعات في المملكة.
> كيف تخطط «تكامل» للتركيز على القطاعات الجديدة الناشئة من كأس العالم ودعم نموها؟
– «تكامل» تقع في صميم تطوير القطاعات. من خلال الاستفادة من خبرتنا في التكنولوجيات المتقدمة، نضمن استعدادنا للمستقبل. وفي قلب جهودنا توجد منصة «قوى»، وهي سوق عمل رقمية فريدة لا مثيل لها. «قوى» هي منصة غيَّرت كيفية تواصل الأعمال والعمال في السعودية. مع نحو 12 مليون مستخدم وما يقرب من 10 ملايين عقد موثَّق، تجعل «قوى» الأمر أسهل من أي وقت مضى للأعمال في إدارة عمليات العمل، والوصول إلى بيانات فورية عن فرص العمل، والتكيف مع المطالب المتزايدة لقطاعات مثل السياحة، والرياضة، وإدارة الفعاليات، وهي مجالات ستشهد نمواً كبيراً خلال وبعد كأس العالم. لحدث بأهمية كأس العالم، «قوى» ضرورية لضمان تشغيل سوق العمل بكفاءة وتلبية وتحديد الطلب المتزايد على المحترفين المهرة عبر القطاعات الحيوية للحدث.
بالإضافة إلى الابتكار الرقمي، تتبع «تكامل» نهجاً يركز على الإنسان، مكرسةً لتمكين القوى العاملة السعودية بالمهارات اللازمة للنجاح في هذه القطاعات المتنامية. يجمع نهج «تكامل» الشامل بين التطوير المهني، وإعادة التدريب، والشهادات، وتطوير القيادة من خلال برامج مثل برنامج الاعتماد المهني، الذي يزوّد المواهب بالشهادات لنمو القطاع المستدام، وأكاديمية «تكامل» التي تقدم تدريبات متخصصة للقطاعات ذات الطلب العالي. بالإضافة إلى ذلك، قامت زمالة الترفيه، بالشراكة مع هيئة الترفيه العامة، بتدريب أكثر من 600 من القادة المستقبليين لدفع الابتكار في قطاع الترفيه المتنامي. معاً، تشكل هذه البرامج استراتيجية متماسكة لتمكين المواهب السعودية.
> ما رؤية «تكامل» لدورها في المستقبل بعد استضافة الحدث العالمي؟
– في «تكامل» تتمثل رؤيتنا للمستقبل في وضع الأشخاص في قلب كل ما نفعله. نعتقد أنه من خلال الاستثمار في الأفراد، وتدريبهم، وتمكينهم، وإلهامهم، يمكننا فتح إمكاناتهم للابتكار وإيجاد طرق جديدة لتحسين جودة حياتهم. إنها دورة مستمرة: عندما ينمو الأشخاص، تنمو المجتمعات، وهذا يدفع التقدم للجميع.
إبداع الناس ونموهم يقودان إلى تحسينات ملموسة وهادفة في الحياة اليومية. خذْ على سبيل المثال، «سلامة». إنه أكثر من مجرد برنامج تفتيش ذكي، إنه حل مصمم لتوفير الوقت والجهد، حيث يقلل من أوقات تفتيش المركبات بنسبة 50 في المائة. هذا هو النوع من الأثر العملي الذي نهدف إليه، مدفوعاً بالإبداع البشري ومدعوماً بأدوات ذكية. لكن لا نقتصر على ما نخلقه اليوم، تماماً كما لم تتوقف «أمازون» عند كونها مكتبة. بطريقة مماثلة، نرى كل مبادرة نقطة انطلاق لشيء أكبر. كشف الدكتور أحمد اليماني، الرئيس التنفيذي لشركة «تكامل»، الشركة السعودية الحكومية التي وُلدت من رحم مبادرات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وتدير عدة منصات حكومية متعلقة بسوق العمل السعودية مثل «قوى»، و«أجير»، و«الاعتماد المهني»، عن التأثيرات العميقة والمتنوعة لاستضافة السعودية كأس العالم 2034 على سوق العمل المحلية.
وقال اليماني في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الحدث ليس معلماً بارزاً في تاريخ الرياضة السعودية فحسب، بل أيضاً دليل على الأساس المتين الذي وُضع في السنوات الأخيرة، مما يعزز نمو الاقتصاد وخلق الوظائف.
المصدر : وكالات