نسخة جديدة أم تكرار لولايته الأولى؟ – مشاهير

إسلام جمال18 يناير 20252 مشاهدة
نسخة جديدة أم تكرار لولايته الأولى؟ – مشاهير


يأمل كبار السياسيين بواشنطن في أن تكون إدارة دونالد ترمب الثانية مختلفةً عن الأولى، وأن يكون قد تعلم من أخطاء وهفوات الفترة الرئاسية السابقة ليدخل البيت الأبيض هذه المرة بنسخة جديدة مُعدّلة تُبقي على عامل المفاجأة، لكنها تسعى لتوازن في الحكم، وربما مدّ غصن زيتون للديمقراطيين. وعززت صورة ترمب في حديث ودّي جمعه بالرئيس السابق باراك أوباما، في جنازة جيمي كارتر، هذه النظرية، لكن مواقفه التوسعية من ضمّ كندا وغرينلاند وقناة بنما، عادت لتزرع الشكوك في نفوس المتفائلين بالتغيير.

وقبل ساعات من يوم تنصيب الرئيس السابع والأربعين للبلاد، يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، ما إذا كان ترمب سيُقدّم وجهاً جديداً في ولايته الثانية، أم أن المفاجآت والتجاذبات ستعود إلى أروقة البيت الأبيض، بالإضافة إلى قدرته على حل أزمات دولية عالقة قبل استلامه للحكم.

ترمب «تعلم من تجاربه»

الاستعدادات جارية لحفل تنصيب ترمب أمام مبنى الكابيتول في 12 يناير 2025 (أ.ف.ب)

تقول رايتشل دين، مديرة الاتصالات السابقة للسيناتور جون مكاين والمديرة التنفيذية في معهد «German Martial Fund»، إن ترمب يتمتع بالأفضلية في عهده الثاني لأنه «كان رئيساً من قبل وتعلم من تجربته». وتعدُّ دين أن خير دليل على ذلك هو التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة، مضيفة أن «اعتلاء سدة الرئاسة بالتزامن مع إنجاز كهذا، والتعاون مع إدارة بايدن، يُعدّ انتصاراً. إذ خفف من الأزمات التي يجب أن يعالجها في بداية عهده».

كما تحدّثت دين عن اختلاف الدعم لإدارة ترمب اليوم مقارنة بالسابق، مشيرة إلى الدعم الكبير له خصوصاً من قبل قطاع التكنولوجيا ومن عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي الذين سيحضرون حفل تنصيبه.

من جهته، يُشدّد مات كيلان، المستشار السابق لحملات ترمب الرئاسية والمدير الإداري لمجموعة الضغط «Vogel»، على قناعته التامة بأن ترمب سيكون مختلفاً تماماً وأكثر تركيزاً في ولايته الثانية، مما كان عليه في ولايته الأولى. وأشار إلى انضباط حملته بشكل أكبر خلال ترشحه للمرة الثانية، وانضباطه الشخصي في تغريداته ورسائله مقارنة بالعامين 2020 و2016، وأضاف: «لقد كان مرشحاً مختلفاً تماماً».

وذكر كيلان أن أحد العوامل التي أدّت إلى اختلاف ترمب هو الفريق الذي أحاط نفسه به، خصوصاً سوزي وايلز التي أدارت حملته واختارها كبيرةَ الموظفين في البيت الأبيض. وأضاف: «إذا ما نظرنا إلى الأشخاص الذين يحيطون به هذه المرة، حتى في حكومته، هناك العديد من الديمقراطيين السابقين. لذا أعتقد أنه سيحاول التواصل مع الديمقراطيين والعمل معهم أكثر مما قام به في السابق.. وكما أنه رئيس في ولايته الثانية، لذا سيركّز على إرثه وهذا سيؤثر على تصرفاته».

لكن ديفيد جونستون، الصحفي الاستقصائي ومؤلّف كتاب «The Making of Trump»، يرفض كلياً النظرية القائلة بأن ترمب تغيّر. ويشير الصحافي الذي تعمّق في دراسة ترمب وشخصيته على مدى أربعين عاماً، أن ترمب يستحق لقب «أعظم محتال في تاريخ العالم»، على حد تعبيره، مضيفاً: «أنا أحذر منه منذ عام 2015، فهو يتحدث عن تعليق الدستور، كما أحاط نفسه هذه المرة بفريق من الأشخاص المخلصين. هؤلاء هم أشخاص عندما يُسألون خلال جلسات استماع مجلس الشيوخ عما إذا كانوا قد يرتكبون أفعالاً غير قانونية أو يتبعون أوامر غير قانونية، يرفضون الإجابة عن السؤال».

تصرفات «غير متوقعة»

ترمب ورئيس الوزراء الكندي المستقيل جاستن ترودو، في قمة الناتو بواتفودر البريطانية، في 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)

تُرجّح دين أن ترمب سيُركّز في عهده الثاني على إبرام اتفاقات، وأنه سيسعى إلى التعاون مع دول أخرى بشكل ثنائي، بدلاً من التعاون مع مؤسسات متعددة الأطراف. وتذكّر بإدارة ترمب الأولى، مشيرة إلى أنّه «زعزع» الأمور مع الحلفاء والخصوم، على حد سواء، بسبب تصرفاته غير المتوقعة، وتضيف: «هناك فوائد تنتج عن ذلك، كما هناك سلبيات لهذه الاستراتيجية».

ويوافق كيلان مع هذا التقييم، مشيراً إلى أن خشية البعض من ترمب أدّت إلى وجود عالم «في حالة سلام» في عهده الأول. وعدَّ كيلان أن أحد أسباب «اشتعال العالم» في عهد بايدن هو «مغادرة أميركا المسرح العالمي وتسليمه إلى أشخاص آخرين… بينما كان دونالد ترمب منذ بدايته في عالم الأعمال، وحتى اليوم الذي يغادر فيه منصبه، سيهتم بإظهار قوة أميركا وقوته». ويتابع: «رأينا ذلك مع المفاوضات في الشرق الأوسط، فالصراع هناك لم يكن متأزماً في عهد ترمب، بل كنا نوقع على (اتفاقات إبراهيم)، لكنه تحوّل إلى صراع مشتعل تماماً مع جو بايدن، لنرى أن تهديداً واحداً من ترمب بجحيم في المنطقة أدّى إلى حصول تحركات هائلة في الاتجاه الصحيح».

ويعدُّ كيلان أن تصرفات من هذا النوع تعكس صورة قوية لترمب، وهذا ما يريد العالم رؤيته في كل الملفات، خصوصاً على صعيد السياسة الخارجية. وقال إن «العالم يريد قائداً مستعداً لأن يقول للجميع: يجب أن تأتوا إلى الطاولة للتوصل إلى اتفاق، سينبغي على الجميع التنازل قليلاً. وهذا ما سيحدث برأيي مع أوكرانيا وروسيا، على أمل أن نتوصل إلى سلام».

ويعدُّ جونستون أن أحد أسباب «خشية» قادة العالم من ترمب هو أنه «شخص لا يمكن توقع تصرفاته، ويجب التصرف معه بحذر». ويعرب عن قلقه من أن ترمب سيشكل خطراً أكبر للديمقراطية الأميركية في عهده الثاني، خصوصاً في ظل التوقعات بتأييده وفريقه لمشروع 2025 المحافظ. ووجه جونستون انتقادات لاذعة لطموحات ترمب التوسعية، عبر تصريحاته الداعمة لضم كندا وغيرنلاند وقناة بنما، فقال: «لقد اقترح بأنه سيتخذ إجراءات عسكرية ضد حليف من الناتو، الدنمارك، من خلال الاستيلاء على غرينلاند ولم يستبعد استخدام القوة العسكرية. وهذا ما سيعد هجوماً على عضو حليف في حلف الناتو»، ويتساءل: «إذاً ماذا سيحدث في السياسة الخارجية؟ يجب أن ننتظر لنرى. لكن برأيي، يجب أن نكون قلقين جدّاً حيال طروحاته بالاستيلاء على قناة بنما وتصريحاته حول غرينلاند».

حزب جمهوري «مختلف»

ترمب وأوباما يتحدثان في جنازة جيمي كارتر في 9 يناير 2025 (أ.ف.ب)

وهنا يشير كيلان إلى أن الحزب الجمهوري في عهد ترمب مختلف جداً عن الحزب التقليدي، وأنه أصبح شعبوياً، وهذا ما ينعكس على سياساته الخارجية. ويفسر قائلاً: «أميركا تنظر إلى نفسها متسائلةً: إذا كنا نرسل كل هذه المبالغ إلى الخارج لحروب لا يجب أن تخاض، لما لا يمكننا إعادة تخصيص هذه الأموال في الداخل؟».

ويعدُّ كيلان أن أكبر مشكلة خاصة بالسياسة الخارجية التي تواجهها الولايات المتحدة هي مشكلة مستويات الدين القومي، مضيفاً: «إن لم نستطع التحكم بالدين، لن يبق لنا أي مال للقيام بأي شيء، كتمويل للجيش والخدمات الأساسية».

لكن دين تعارض ربط السياسة الداخلية بالخارجية، مشيرةً إلى تهديدات محدقة بالأمن القومي الأميركي من قبل دول كروسيا والصين وإيران. وتقول: «يمكن أن تكون لدينا سياسة خارجية ذكية ونشطة، حيث ندعم حلفاءنا وندافع عنهم. كما يمكن أن نقوم بعمل أفضل في الداخل».

وتُعرب دين عن أملها في أن يشهد عهد ترمب الثاني تعاوناً أكبر بين الديمقراطيين والجمهوريين، خصوصاً في ظل الأغلبية الضئيلة التي يتمتع بها الحزب الجمهوري في الكونغرس، ما سيضطرهم إلى التوصل إلى تسويات مع الحزب الديمقراطي في ملفات كالهجرة مثلاً، وهي على رأس أولويات إدارة ترمب.

وهنا يتحدث كيلان عن تفاؤل الأميركيين لدى رؤية ترمب وأوباما يتبادلان أطراف الحديث في جنازة جيمي كارتر، معتبراً أنها لحظة مشجعة للجميع لأن الأميركيين يريدون رؤية تعاون أكبر بين الحزبين. وأعرب عن أمله في أن يستكمل الرجلان هذا الحوار، معتبراً أنها فرصة لـ«رأب الصدع ولم شمل البلاد»، على حد تعبيره. ويضيف: «ما زلت أعتقد أن باراك أوباما هو زعيم الحزب الديمقراطي، فقد رأينا ذلك خلال الحملة حين حان الوقت لكي يخرج جو بايدن من السباق، وكان أوباما يدير ذلك. وهناك على ما آمل محاولة لعقد اجتماع بينه وبين ترمب، حيث يمكن أن يتوصلا إلى نقاط مشتركة والعمل على قضايا مهمة».


المصدر : وكالات

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل