ومع انحسار فيروس كوفيد-19 نسبيا وتأقلم الناس مع وجوده، اتجهت الأنظار لكيفية جعل الناس يتخطون “وسواس كورونا” ليعودوا الى حياتهم الطبيعية، إلا أن المفاجأة كانت بعودة ظهور فيروس جدري القرود، الأمر الذي أعاد للأضواء أحد أنواع الفوبيا غير الشائعة وهي “رهاب التلامس” أو “هافيوفوبيا”.
وبحسب أخصائية علم النفس رنا أبو شقرا، فإن المصاب بـ “رهاب التلامس” يخشى من لمس أي شخص آخر له، حتى ولو كان هذا الشخص من العائلة أو الأصدقاء، ولكن انتشار فيروس جدري القرود أدى لظهور حالة جديدة من هذه الفوبيا تبرز فقط عند ملامسة الغرباء.
وفي حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” قال أبو شقرا: “باتت هناك فئة كبيرة من الناس، تشعر بالرعب والخوف عند ملامستها للآخرين حتى لو كان الأمر عن طريق الخطأ، وذلك خلال التواجد في أماكن العمل والأماكن العامة التي تزدحم بالناس مثل البقاليات أو المواصلات العامة، فيشعر هؤلاء بضرورة تعقيم أنفسهم أو حتى العودة الى المنزل والاغتسال تجنبا لالتقاط فيروس جدري القرود”.
وأوضحت أبو شقرا أن: “التقاط عدوى جدري القرود لا يمكن أن يكون بهذه السهولة إذ يحتاج الأمر لاتصال وثيق وليس عابرا”، مشيرة الى أن حملة “الترهيب” التي انتشرت بعد ظهور جدري القرود والتي استندت على معلومات خاطئة، تسببت بخلق معتقدات خاطئة، ودفعت الناس للانتقال من “وسواس كورونا” الى “وسواس جدري القرود” من خلال تطبيق مفهوم “ممنوع اللمس”.
من جانبه قال أخصائي علاج الاضطرابات النفسية محمد الخطيب حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الحالة التي نشأت بين الناس بعد جدري القرود هي تماما كالحالة التي ظهرت بعد انتشار كورونا، حيث باتت هناك فئة من الناس، تشعر بأن كل ما من حولها قد يُصيبها بعدوى، مشيرا الى أنه مع مرور الزمن تأقلم الناس مع كوفيد-19 وبات الفيروس غير مخيف بالنسبة لعدد كبير منهم، مرجحا تكرار هذا السيناريو مع جدري القرود.
وشدد الخطيب على ضرورة الفصل بين من يعانون من فوبيا “رهاب التلامس” خوفا من جدري القرود الذين سيتعافى قسم كبير منهم بمجرد تأقلمهم مع الواقع، وبين من يعانون من النسخة التقليدية للفوبيا الذين قد يحتاجون تدخلا من جانب أخصائي.
ولم يستبعد أخصائي علاج الاضطرابات النفسية تحول بعض ممن ظهرت لديهم عوارض “رهاب التلامس” بسبب جدري القرود ليصبحوا من الاشخاص الذين يعانون من النسخة التقليدية للفوبيا.
الأعراض والعلاج
وتختلف حدة أعراض فوبيا “رهاب التلامس” بنسختها التقليدية بين مريض وآخر، فمنهم من يلجأ للبكاء الشديد والارتجاف والتجمد في حال لمسهم أي شخص، وقد يصل الأمر الى الشعور بالغثيان والدوار وصولا إلى الإغماء.
ووفقا للخطيب فإنه لا يوجد سبب معروف لهذا الاضطراب، ولكن عددا من الباحثين يعتقدون أنه وراثي أو ناتج عن الخوف من الجراثيم، كما يعتقد البعض الآخر أنه ناجم عن تجارب مؤلمة كالاعتداءات الجسدية والجنسية، مشيرا إلى أن أهم عوامل الشفاء من هذه الفوبيا تتمثل بمعرفة سببها وتقديم النصائح النفسية والعلاج بمواجهة المريض بمخاوفه، وصولا إلى إعطاءه مضادات الاكتئاب في بعض الأحيان.