وقال إسماعيل لموقع “سكاي نيوز عربية”: “لقد كنت مضطرا لاقتطاع أسبوع إضافي من عطلتي السنوية لأتمكن من قضاء وقت أطول مع زوجتي وطفلي، بعد أن رزقنا بالمولود الجديد”.
ويرى إسماعيل أن ثلاثة أيام تبقى مدة غير كافية بالنظر لما يتطلبه الأمر من تنقلات بين المستشفى والمنزل، والقيام بالإجراءات الإدارية المرتبطة بالوضع الجديد، إلى جانب التحضير للاحتفال بالمولود.
إسماعيل لا يعد سوى حالة من ضمن حالات أخرى تجد صعوبات في التوفيق بين أدوارها ومسؤولياتها داخل الأسرة وبين حياتها المهنية كلما رزقت بمولود جديد، حيث كان ذلك سببا دفع العديد من ممثلي العمال وفعاليات المجتمع المدني للمطالبة بإنصاف هذه الفئة، وتلاها إقرار المغرب لقانون يرفع إجازة الأبوة الخاصة بالموظفين من ثلاثة أيام إلى خمسة عشر يوما.
وصادق مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي)، بداية الأسبوع الجاري، بالإجماع على مشروع قانون يتم بموجبه تمديد إجازة الأبوة للموظفين الذين رزقوا بطفل أو أسندت إليهم كفالة إلى 15 يوما مدفوعة الأجر.
قانون تمديد إجازة الأبوة
ويقضي القانون الجديد، بمنح الموظف الرجل الذي ولد له طفل أو عند كفالة طفل تقل سنه عن 24 شهرا، عطلة أبوة مدتها 15 يوما.
ويستفيد الموظف من هذه العطلة بعد تقدمه بطلب خلال الفترة الممتدة من تاريخ ولادة الطفل أو إسناد الكفالة إلى أن يبلغ المولود أو المتكفل به 14 أسبوعا.
كما تستفيد وفق مشروع القانون المرأة الموظفة في القطاع العام التي أسندت لها كفالة طفل تقل سنه عن 24 شهرا، من عطلة مدتها أربعة عشر أسبوعا مدفوعة الأجر.
ويمكّن القانون الموظفة من رخصة للإرضاع مدتها ساعة واحدة يوميا، منذ تاريخ استنفاد الرخصة الممنوحة عن الولادة أو الكفالة، وإلى غاية بلوغ الطفل سن أربعة وعشرين يوما.
ويندرج مشروع القانون حسب غيثة مزور، الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة للانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، في إطار السعي إلى تعزيز حقوق الموظفين رجالا ونساء، وتمكينهم من التوفيق بين حياتهم المهنية والخاصة، وكذلك انسجاما مع مبدأ المسؤولية المشتركة في الحياة الأسرية.
مكسب حقوقي
وقبل إحالة القانون على البرلمان، صادقت عليه الحكومة المغربية في مايو الماضي، وذلك تنفيذا لاتفاق 30 أبريل الماضي مع النقابات العمالية، بشأن الرفع من عدد أيام عطلة الأبوة للموظفين في القطاع العام إلى خمسة عشر يوما.
من جهته، ثمّن محمد بوطيب، عضو المكتب الوطني للاتحاد النقابي للموظفين المنضوي تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل هذه الخطوة، واعتبر أنها تعد مكسبا للموظفين في القطاع العام، وتفاعلا سريعا من طرف البرلمان المغربي مع مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة، والذي يأتي تنفيذا لأحد التزامات اتفاق 30 أبريل 2022.
وأضاف بوطيب في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن تطبيق هذا القانون من شأنه أن يساهم في تكسير مفهوم التوزيع النمطي للمهام داخل الأسر المغربية، والإقرار بمسؤولية الموظفين الذكور بضرورة الاهتمام بأبنائهم عند الولادة.
وتابع بوطيب موضحا أن هذه المبادرة مكنت المغرب من أن يكون في قائمة الدول القليلة التي تمنح عطلة الأبوة على مستوى العالم.
ودعا بوطيب، إلى تعميم هذا الإجراء على الموظفين العاملين في القطاع الخاص وعدم اقتصاره على القطاع العام فقط، بالنظر لأهميته في ترسيخ قيم أساسية داخل الأسرة المغربية.
الحفاظ على ترابط الأسرة
ويشدد عدد من الباحثين في علم الاجتماع على أن هذا القانون، سيمكّن من تعزيز الترابط الأسري وتمكين الموظفين من التوفيق بين حياتهم المهنية والخاصة وتخفيف العبء على النساء خاصة في الأيام الأولى من الولادة.
ويرى محسن بنزاكور المتخصص في علم النفس الاجتماعي، أن هذا الإجراء هو خطوة إيجابية في مسار تغير بعض القيم المجتمعية وخصوصا الأسرية، وفي المساهمة بتغيير العقلية الذكورية إلى أخرى مسؤولة تتقاسم المهام داخل الأسرة.
وأشار بنزاكور في تصريح لموقع “سكاي نيوز عرية” إلى أن هذا القانون سيمكّن من تعزيز قيم التفاهم والانسجام بين الأزواج، والحفاظ على ترابط وسلامة الأسرة.
وبيّن أن شأن هذه المبادرة الإيجابية أن تشجيع الآباء على تقاسم المهام داخل الأسرة، والمشاركة في تربية الأبناء لتخفيف الضغط عن الأم التي توكل إليها مهمة رعاية الأطفال بينما يتكفل الأب بالعمل خارج المنزل.
ولفت بنزاكور، إلى ضرورة التأكيد على “البعد القيمي” لعطلة الأبوة ودورها المهم في حياة الأسرة، حتى لا يتم حصرها في الإطار المادي المرتبط بالعطلة مدفوعة الأجر.