شدَّد وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب على أن المملكة تلعب دوراً محورياً في قيادة تطوير السياحة العالمية المسؤولة والمستدامة وتقدمها، مشيراً إلى أن بلاده وبصفتها العضو الوحيد الدائم من مجلس التعاون الخليجي في مجموعة العشرين، تشعر بمسؤولية قوية في الدعوة إلى قطاع سياحي مرن ومبتكر في المنطقة وخارجها تتماشى مع استراتيجية المملكة للسياحة، المنصوص عليها في برنامج «رؤية 2030»، مع جدول أعمال مجموعة العشرين للقطاع.
وقال الخطيب: «خلال رئاستنا لمجموعة العشرين في عام 2020، أكدنا على إنشاء مجموعة عمل السياحة في مجموعة العشرين التي وضعت منذ ذلك الحين مخططاً شاملاً؛ لدفع السياحة المزدهرة والشاملة التي تعطي الأولوية للبيئة، وتشجع التعاون بين الدول، ومع القطاع الخاص»، مفيداً أن السعودية ترأست مجموعة عمل السياحة الذي قامت به مجموعة العشرين، ومنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة؛ لتطوير إطار عمل العلا الذي يدعم التنمية المجتمعية الشاملة من خلال السياحة.
تأثير «كوفيد 19»
وتطرق الخطيب خلال حوار مع «الشرق الأوسط» إلى اجتماع السياحة لمجموعة العشرين الذي عُقد مؤخراً في البرازيل، مشيراً إلى أن تقريراً صادراً عن المجلس العالمي للسياحة والسفر، والذي نُفذ برعاية السعودية، كشف عن التأثير المستمر لجائحة «كوفيد-19»، لا سيما على النساء والعاملين الشباب.
وقال: «عرضت الدراسة التي شملت 185 دولة أمثلة على المبادرات الإبداعية، بما في ذلك في المملكة، والتي تساعد في معالجة هذه القضايا وتقدم الإلهام لأعضاء مجموعة العشرين وخارجها».
واحتلت السعودية المراكز الأولى في التصنيفات الدولية، محققةً أعلى نمو في عدد السياح الدوليين، وفي عائدات السياحة بين دول مجموعة العشرين في عام 2024، مقارنة بعام 2019، مع تفوقها على بقية الدول الأخرى استناداً إلى البيانات المتاحة.
المنظومة السياحية السعودية
وأكد وزير السياحة السعودي أن السياحة تُعد مساهماً رئيسياً في التحول الذي تشهده المملكة في إطار خطة «رؤية 2030» التي فتحت أبواب المملكة للعالم، وقال: «بالتعاون مع شركائنا في القطاع الخاص، سنكون قد استثمرنا 800 مليار دولار في هذا القطاع بحلول نهاية العقد، وسننشئ بعض المدن، والمنتجعات، والمواقع الثقافية الأكثر تطوراً وابتكاراً في العالم، حيثُ تتبنى هذه التطورات الاستدامة، مما يساعد المملكة على تحقيق هدفها المتمثل في صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2060».
يأتي افتتاح جزيرة #سندالة تأكيدًا على تنوع الوجهات السياحية في المملكة، ويفتح أبواب البحر الأحمر أمام السياح من حول العالم ليكتشفوا كنوز الطبيعة السعودية، ويستمتعوا بتجارب استثنائية لا تُنسى.
— وزارة السياحة (@Saudi_MT) October 27, 2024
ولفت إلى أن ذلك تدعمه استثمارات ضخمة في البنية التحتية، بما في ذلك المطارات الجديدة والمُجددة، وجذب العديد من الفعاليات الرياضية، والترفيهية الرائدة في العالم إلى المملكة.
وقال: «يؤدي تركيزنا على السياحة إلى إحداث تغيير اقتصادي ومجتمعي وثقافي ملحوظ. فقد بلغ عدد العاملين في قطاع السياحة 925.5 ألف شخص في نهاية عام 2023 بزيادة قدرها 62 في المائة، مقارنةً بنهاية عام 2019. كما أن استثماراتنا في الوجهات السياحية في جميع أنحاء المملكة، توفر فرصاً للمجتمعات الكبيرة والصغيرة».
أضاف: «نمد يد الصداقة للعالم، ونوفر فرصاً أكبر؛ لزيارة جواهرنا الثقافية وتجربة كرم ضيافتنا الحار. منذ عام 2021، كما تم تطوير أكثر من 60 خطاً جوياً مباشراً جديداً مع إطلاق عشرات شركات الطيران الأجنبية رحلات مباشرة إلى السعودية هذا العام وحده».
مساهمة السياحة في الاقتصاد
وشدد الخطيب على أن السياحة قطاع حيوي للاقتصاد السعودي الذي يمر بمرحلة انتقالية، حيث بلغت التقديرات الأولية لمساهمته المباشرة في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة 4.4 في المائة في عام 2023، بعد أن كانت 3.6 في المائة في عام 2019، وقال: «هدفنا هو 10 في المائة بحلول عام 2030».
وأوضح أنه «في عام 2023، حققنا هدفنا الأولي المتمثل في استقبال 100 مليون سائح إلى السعودية، أي قبل سبع سنوات من هدف عام 2030، وقد حددنا الآن هدفاً جديداً يتمثل في 150 مليون سائح بحلول نهاية العقد».
وكان تقرير منظمة الأمم المتحدة الخاص بقطاع السياحة، أظهر نمواً واضحاً، وذلك بزيادة 73 في المائة في عدد السياح الدوليين، وزيادة 207 في المائة في الإيرادات الدولية، بناءً على أحدث البيانات المتاحة حتى يوليو (تموز) 2024، مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2019.
وقال الخطيب: «في عام 2023، احتلت المملكة المرتبة 12 عالمياً من حيث إيرادات السياحة الدولية، بزيادة 15 مرتبة عن عام 2019، حيث أنفق السياح 141 مليار ريال (38 مليار دولار)».
قدرات المملكة الاقتصادية واللوجيستية والمعرفية
ولفت الخطيب إلى أن التقدم الاستثنائي الذي حققته السياحة لم يكن ممكناً دون اتباع نهج ديناميكي؛ لإقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص، والتركيز على الإبداع والابتكار. وقال: «من خلال الحد من البيروقراطية، وتقديم الحوافز للشركات من خلال مبادرات مثل: برنامج تمكين الاستثمار السياحي، فقد جعل المملكة مكاناً جذاباً للاستثمار، وممارسة الأعمال التجارية».
وأكد أن السياح يستفيدون من الاستثمار في البنية التحتية، والربط الذي يجعل السفر إلى الوجهات في جميع أنحاء السعودية أسهل وأسرع، حيثُ يمتد برنامج التأشيرة الإلكترونية إلى 66 دولة، مما يجعل السفر إلى المملكة أكثر سلاسة.
وتابع: «المملكة في طليعة الدول التي تدمج الذكاء الاصطناعي في قطاع السياحة، بالإضافة إلى تصميم تجارب مخصصة للسياح، استضافت السعودية مؤخراً القمة العالمية للذكاء الاصطناعي، وهي فعالية تجمع بين المتخصصين في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وصناع السياسات، والمؤثرين في قطاع الذكاء الاصطناعي من جميع أنحاء العالم».
وأضاف: «يتضح استخدام الحلول القائمة على البيانات أيضاً من خلال إنشاء المركز العالمي للسياحة المستدامة، وهي مبادرة من وزارة السياحة السعودية؛ لتسريع انتقال القطاع إلى الحياد المناخي، ويوفر المركز أمثلة على أفضل الممارسات، مدعومةً بالبحوث للحكومات، والشركات متعددة الجنسيات، والمؤسسات الصغيرة، والمتوسطة».
المساهمة في زيادة أعداد الحجاج والمعتمرين
وبينما تعمل وزارة السياحة على تطوير القطاع في البلاد، تطرق الوزير السعودي إلى التزام المملكة بضمان تمتع الحجاج بتجربة مجزية، حيث استثمرت أكثر من 5.9 مليار ريال (1.3 مليار دولار) في تحسين البنية التحتية للمشاعر المقدسة.
وقال: «نعمل على توسيع المرافق بما في ذلك مشروع ذخر مكة المكرمة الذي تبلغ تكلفته 26 مليار ريال (7 مليارات دولار)، حيثُ يقع المشروع على مقربة من المسجد الحرام في مكة المكرمة، وتبلغ مساحته 320 ألف متر مربع، وسيستوعب 1.6 مليون سائح وحاج».
وأضاف: «وضعنا قواعد للتأشيرة السياحية الجديدة، وهوية الحج الذكية، التي توفر المعلومات للحجاج، والوصول إليها».
دور السعودية في تحسين صورة الشرق الأوسط
في هذا الجانب، أكد الخطيب أن «رؤية 2030» فتحت المملكة على العالم، وقال: «أتاح ذلك للسياح تجربة تراثنا الثري ومشاركة شعبنا في تراثهم»، وأضاف: «في يوم السياحة العالمي الشهر الماضي، تشرفت بالحديث في الاجتماع المتعقد في جورجيا حول موضوع (السياحة والسلام) لهذا العام، حيث أكدت على أن السياحة تتحدى الصور النمطية، وتسمح للسياح باحتضان أماكن، وثقافات وأفكار جديدة، كما أن هذه قضية نبيلة تلتزم بها السعودية بتعزيزها ورعايتها».
وتابع: «تصنف المملكة كواحدة من أكثر دول العالم أماناً للسياحة، وفي وقت سابق من هذا العام، صُنفت كأكثر دول مجموعة العشرين أماًنا للسائحات من قبل شركة (إنشور ماي ترب)».
السياحة قوة دافعة للتنمية الشاملة
وعن دور السعودية في تحويل القطاع لقوة دافعة للتنمية الشاملة، قال الخطيب: «تؤدي السياحة في السعودية، إلى إحداث تغييرات، وفرص مجتمعية كبيرة بما في ذلك زيادة تمكين المرأة والشباب».
وأضاف: «في نهاية عام 2023، بلغت نسبة مساهمة المرأة في القطاع السياحي 46 في المائة وبلغ عدد العاملين أكثر من 925 ألف موظف، كما عملت وزارة السياحة تقديم مبادرات تعنى بالاستثمار في الرأس المال البشري تجاوزت الـ375 مليون ريال (100 مليون دولار) بالتعاون مع أفضل الكليات، والمدارس الدولية؛ لرفع مستوى مهارات المتدربين السعوديين في قطاع السياحة».
وزاد: «قمنا بدعم الوجهات السياحية الأقل زيارة بما في ذلك مبادرة (السياحة تنير العقول)، التي تم الكشف عنها في فعالية أقيمت في الرياض، بمناسبة يوم السياحة العالمي العام الماضي، ويُساعد إطار عمل العلا الذي تم الاتفاق عليه في عام 2020، خلال رئاسة السعودية لمجموعة العشرين، القطاع على تشجيع التنمية المجتمعية الشاملة».
وأكد أن مفهوم المملكة لدور قطاع السفر والسياحة في أن يكون محركاً رئيسياً للتغيير الاجتماعي في جميع أنحاء العالم، وذلك من خلال مفهوم «أكثر تسامحاً وقبولاً للآخر، وخلق التعارف والتعاون بين شعوب العالم».
وتوقع أن ينمو قطاع السفر والسياحة بشكل كبير خلال العقد المقبل، حيث من المتوقع أن تبلغ قيمة قطاع السفر والسياحة 16 تريليون دولار ويشكل 11.4 في المائة من الاقتصاد العالمي، وذلك وفقاً للمجلس العالمي للسفر والسياحة.
وأكد أن ذلك يوفر فرصاً لا حدود لها للنمو الاقتصادي في كل من العالمَين؛ المتقدم، والنامي على حدٍ سواء، ومن خلال السماح للناس بتجربة ثقافات، وأفكار جديدة؛ لتعزيز الانسجام العالمي، وقال: «ولكن يجب أن يكون النمو في السياحة مسؤولاً وشاملاً ومستداماً، ولهذا السبب وضعت السعودية لنفسها أهدافاً شاملةً، بشأن الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في هذا القطاع، وزيادة فرص العمل خاصة للنساء والشباب والتركيز على التعليم».
واختتم الوزير السعودي حديثه بالقول إن المملكة تعتبر رائدةً عالمياً في السعي لتحقيق هذه الأهداف، حيث تشجع الشراكات بين القطاع العام والتعاون مع الحكومات في جميع أنحاء العالم وتبادل المعرفة والابتكار.
وقال: «نحن فخورون بعملنا الرائد مع مختلف المنظمات العالمية، بما في ذلك مجموعة العشرين، ومنظمة الأمم المتحدة للسياحة، والمنتدى الاقتصادي العالمي، ونحن ملتزمون بصياغة إرث مشرق، ودائم للسياحة العالمية».
المصدر : وكالات