كانت تقارير سابقة قد أشارت إلى أن المدير الفني لنادي سبورتينغ لشبونة البرتغالي، روبن أموريم، مرشح بقوة لقيادة مانشستر سيتي الصيف المقبل في حال قرر جوسيب غوارديولا الرحيل عن «ملعب الاتحاد»، خصوصاً بعد تعيين هوغو فيانا مديراً للكرة ليخلف تكسيكي بيغيريستين في مانشستر سيتي. ومع ذلك، ظهر اسم أموريم يوم الاثنين بوصفه أحد أبرز المرشحين لتولي قيادة مانشستر يونايتد خلفاً للمدير الفني الهولندي إريك تن هاغ الذي أقيل من منصبه.
وفي هذا الصدد، تجب الإشارة إلى أن وضع أموريم يختلف كثيراً عما حدث مع مواطنه كريستيانو رونالدو. فعندما عاد رونالدو إلى مانشستر يونايتد في عام 2021، كانت مسيرته الكروية قد بدأت تتراجع، ولم يكن مناسباً على الإطلاق لطريقة اللعب على الهجمات المرتدة السريعة التي كان يعتمد عليها المدير الفني النرويجي أولي غونار سولسكاير، أو لطريقة الضغط العالي والمتواصل على الخصم التي كان يعتمد عليها المدير الفني الألماني رالف رانغنيك.
وبالتالي، ربما كان التخلص من رونالدو بشكل لائق نسبياً هو أعظم إنجاز لتن هاغ في «أولد ترافورد». وعلى النقيض من ذلك، فإن أموريم مدير فني شاب تتقدم مسيرته التدريبية على مسار تصاعدي واضح. ويمكن القول إن المدير الفني البرتغالي، البالغ من العمر 39 عاماً، هو الأبرز والأكثر ذكاءً في الجيل الواعد للغاية من المديرين الفنيين البرتغاليين الشباب، وبالإضافة إلى ارتباط اسمه بمانشستر سيتي، فقد كان مرشحاً لتولي قيادة ليفربول قبل أن يقرر الريدز التعاقد مع أرني سلوت في نهاية المطاف.
وبعد قيادة سبورتينغ لشبونة إلى الفوز بلقب الدوري البرتغالي الممتاز في موسم 2020 – 2021، منهياً سنوات عجاف استمرت 19 عاماً، فاز أموريم باللقب مرة أخرى الموسم الماضي، وبدأ فريقه هذا الموسم تحقيق 9 انتصارات في 9 مباريات. كان يُعتقد أن أموريم سيبقى في منصبه حتى نهاية الموسم لمحاولة الاحتفاظ باللقب، وهو الأمر الذي لم ينجح سبورتينغ لشبونة في تحقيقه منذ 7 عقود كاملة.
ومن الواضح أن المديرين الفنيين المعاصرين بدأوا يدركون أن المثالية ليست موجودة في عالم كرة القدم، وبالتالي يتمتع أموريم بقدر كبير من البرغماتية.
لا يتردد أموريم على الإطلاق في أن يطلب من فريقه اللعب بتكتل دفاعي عندما يتطلب الأمر ذلك، لكنه يفضل ممارسة الضغط العالي والمتواصل على الفريق المنافس. يأخذنا هذا بالطبع إلى التساؤل بشأن ما سيفعله هذا المدير الفني الشاب مع الفريق الحالي لمانشستر يونايتد. لقد وصل تن هاغ إلى ملعب «أولد ترافورد» أيضاً وهو يمتلك سمعة طيبة فيما يتعلق بممارسة الضغط العالي على المنافس، قبل أن يضطر إلى إعادة التفكير في طريقة اللعب بعد الخسارة في أول مباراتين. وكانت الرسالة واضحة تماماً: لا يمكنك ممارسة الضغط العالي في ظل وجود رونالدو، ولا يمكنك اللعب بخط دفاع متقدم في ظل وجود ديفيد دي خيا في حراسة المرمى.
وحتى عندما رحل هذان اللاعبان، لم يضغط مطلقاً مانشستر يونايتد بقيادة تن هاغ بشكل مقنع، وغالباً ما كان كل لاعب يتحرك بمفرده لقطع الكرة، وأصبح مانشستر يونايتد سيئاً للغاية من الناحية الخططية، فقد كان بإمكانك أن ترى نصف اللاعبين يمارسون الضغط العالي بحثاً عن قطع الكرة، في حين يتكتل النصف الآخر في الخلف، تاركاً مساحة شاسعة بينهما تستغلها الفرق المنافسة بسهولة، وبالتالي لم يكن الفريق يلعب وحدةً واحدة. وعلاوة على ذلك، لم يعد كاسيميرو وكريستيان إريكسون قادرَين على ممارسة الضغط العالي على المنافسين، في حين يبلغ كوبي ماينو 18 عاماً فقط، ومن غير المعقول أن نتوقع منه تحمل العبء الخططي والتكتيكي، ووصل مانويل أوغارتي للتو ويبدو حتى الآن (وبشكل مفهوم تماماً) مرتبكاً بسبب الفوضى المحيطة به.
وخلال تجربتَيه مع كل من براغا وسبورتينغ لشبونة، كان أموريم يفضل اللعب بطريقة 3 – 4 – 3، على الرغم من أنه كان يطبقها بشقين مختلفين، وكانت الخطة الأكثر شيوعاً تتمثل في الاعتماد على اثنين من اللاعبين المتحركين في خط الوسط، وكان يعتمد في هذا الأمر مؤخراً على مورتن هيولماند وهيديماسا موريتا، اللذين كان يلعبان أمام ثلاثي خط الدفاع (وهو ما يمكن وصفه بـ«شبه المنحرف الدفاعي 3 – 2» الذي يفضله كثيراً المديرون الفنيون الذين يتطلعون إلى إفساد الهجمات المرتدة للمنافسين) وهي الخطة التي تعتمد كثيراً على الظهيرين في تأدية واجباتهما الهجومية. وكانت هذه هي الطريقة التي ساعدت على تألق بيدرو بورو، الذي يلعب الآن في توتنهام، لأول مرة.
لكن على الرغم من أن مانشستر يونايتد لديه كثير من اللاعبين الذين يمكنهم اللعب على جانبي المهاجم الصريح (من الممكن أن يتألق ماركوس راشفورد أو أماد ديالو أو أليخاندرو غارناتشو في هذا الدور)، فإن الفريق لا يمتلك ظهيراً قادراً على القيام بالواجبات الهجومية كما ينبغي. وعلاوة على ذلك، لا يوجد مكان واضح في هذه الطريقة لبرونو فرنانديز.
وإذا عُيّن أموريم مديراً فنياً لمانشستر يونايتد، فقد يجبره ذلك في الأمد القريب على اللعب بالخطة البديلة الأخرى، وهي 3 – 4 – 3، بحيث يعود أحد لاعبي خط الوسط إلى الخلف لتقديم الدعم اللازم لخط الدفاع. ويبقى خط الهجوم فعالاً مع وجود لاعبين لديهم سرعة كبيرة مثل فرنانديز خلف المهاجم الصريح وبجانبه جناحان. ومع ذلك، تنبغي الإشارة إلى أنه من غير الآمن أن يتكون رباعي خط الوسط، على سبيل المثال، من كاسيميرو وماينو وأوغارتي وفرنانديز، لكن الحقيقة أن مانشستر يونايتد لا يمتلك في التشكيلة الحالية لاعبين يمكنهم تأدية هذا الدور المتطور في خط الوسط.
وهذه هي المشكلة بالنسبة إلى أي مدير فني سيتولى قيادة مانشستر يونايتد، نظراً إلى أن هذا الفريق قد جُمّع بمقابل مادي هائل دون خطة واضحة، ودون دراسة متعمقة للكيفية التي سيلعب بها هؤلاء اللاعبون معاً. وبالتالي، كان قرار تمديد عقد تن هاغ مكلفاً للغاية؛ ليس فقط فيما يتعلق براتبه أو التعويض الذي سيحصل عليه، ولكن أيضاً فيما يتعلق بإنفاق 200 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع لاعبين جدد خلال فترة الانتقالات الصيفية الماضية، على افتراض أنهم مناسبون لطريقة اللعب التي يريدها المدير الفني الهولندي. لا يقتصر الأمر فقط على أن الفريق غير متماسك تماماً، بل يمتد إلى حقيقة أنه أصبح معتاداً الآن تغيير المديرين الفنيين كل فترة، وبالتالي أصبحت هناك حاجة ماسة إلى تغيير الثقافة عموماً داخل هذا النادي. لقد أصبحت إعادة بناء مانشستر يونايتد مهمة صعبة للغاية، خصوصاً بعدما فشل عدد كبير من المديرين الفنيين في هذه المهمة خلال السنوات الأخيرة. ومع ذلك، يجب التأكيد على أن مانشستر يونايتد لا يزال هو مانشستر يونايتد، وأن هناك إغراءات كبيرة أمام المدير الفني الجديد لكي يثبت أنه الرجل القادر على إعادة الأمور إلى المسار الصحيح، لكن من المؤكد أيضاً أن هذه مخاطرة كبيرة بالنسبة إلى مدير فني شاب يتقدم على مسار تصاعدي في مسيرته التدريبية. وبالتالي، لو كانت أمام أموريم خيارات أخرى، فيتعين عليه أن يفكر فيها بجدية كبيرة.
* خدمة «الغارديان»
المصدر : وكالات