الملاهي في الأعياد لها بهجة خاصة جدًا هنا تعالت الأصوات من الفرحة كأنّهم يحلقون في السماء بأجنحتهم، بينما كان الأستاذ يفكر في اللحظة التي يلاقي فيها أقاربه بعد أن طال غيابه «عن البلد» وأطفاله يخططون للعب مع أبناء عمومتهم، ذهب عريس كفر الشيخ لإحضار المأذون الذي سيوثق عقد زواجه على حبيبته التي طالما حلم بأن تكون عروسه ولكن!
كل هذه المشاهد تبدلت في غمضة عين.. وفرحة هؤلاء لم تكتمل فالأطفال الستة ما إن انتهوا من لعبتهم المفضلة، حتى التهمت المياه بهجتهم للأبد، والأستاذ وأبناء الخمسة تراصت جثثهم بجوار بعضهم داخل حقيبة «حفظ الموتي» على جانبي أحد الطرق، وعريس كفر الشيخ ذهب ولم يعد لا هو ولا المأذون، في حوادث بشعة شهدتها محافظات مصر خلال فترة عيد الأضحى.
مصرع أستاذ جامعي وأبناؤه الـ5.. «ملحقوش يودعوا قرايبهم»
قبل عيد الأضحى بساعات قليلة، اتشحت إحدى قرى محافظة الأقصر بالسواد، بعد مصرع أستاذ جامعي وزوجته وأبنائه الخمسة قبل العيد، وبالتحديد يوم الخميس الماضي، على الطريق الزراعي الغربي بمركز جهينة في محافظة سوهاج، في أثناء ذهابهم إلى محل إقامتهم بالأقصر، لتذهب أرواحهم جميعًا إلى السماء وكأنهم تعاهدوا إما العيش سويا أو الموت سويا، وأبى أي منهم أن يتألم بمفرده في هذه الحياة.
قبل العيد بنحو 3 أيام تلقت مديرية أمن سوهاج، إخطارًا من مأمور مركز شرطة جهينة، يفيد بوقوع حادث تصادم على الطريق الصحراوي الغربي بدائرة المركز ووجود متوفين، وتبين أنه أثناء سير سيارة «ملاكى» يقودها «الحسين.ع»، 40 سنة، أستاذ بكلية العلوم بجامعة الأزهر بأسيوط، ويقيم بأرمنت بالأقصر، في طريقه وبصحبته أسرته لقضاء إجازة العيد مع عائلته بمسقط رأسه، اختلت عجلة القيادة في يده؛ ليصطدم بسيارة أخرى كانت متوقفة على جانب الطريق.
وتبين وفاة الأب وزوجته «فاتن.ع»، 38 سنة، وأبنائه أحمد، 16 سنة، طالب، ورغد، 12 سنة، طالبة، ومحمد، 10 سنوات، طالب، ومحمود، 5 سنوات، ويزيد، عام ونصف، لتودعهم محافظة الأقصر في 7 توابيت دفعة واحدة إلى مثواهم الأخير.
«سند العيلة» راح بطلقة رصاص
وفي أحد شوارع مدينة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، كانت تقف خالة «عادل»، طالب بمعهد الألسن، تعرضت للتحرش من قبل أحد الأشخاص وسبها بألفاظ بشعة، وعندما تدخل للدفاع عنها، تلقى رصاصة قاتلة أنهت حياته بعد 6 ساعات من محاولة إنقاذه.
«كان طيلة عمره شهم وجدع وكان الابن الوحيد لوالدته وسندها في الحياة.. معملش حاجة غير أنه رفض الغلط».. هكذا وصفت الحالة نجل شقيقتها الذي راح دون اقتراف أي ذنب سوى أنه حاول الدفاع عنها.
«فرحة العيال» بالملاهي اتقلبت لـ عزاء
وفي محافظة الأقصر.. وداخل تروسيكل يقوده الأب، كانت تتعالى ضحكات الأبناء السبعة، فرحين ومهللين بعودتهم من الملاهي؛ احتفالًا بالعيد، ومعهم الأم والجدة وأحد أقاربهم، ولكن فجأة تحولت الفرحة إلى صراخ وبكاء، بعدما انزلقت عجلة التروسيكل؛ ليسقط داخل إحدى الترع.
الأب يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أبنائه.. الأبناء يتشبثون بوالدتهم.. الجدة تصرخ لعل الله يرسل المنقذ لأحفادها، ولكن كان الموت أقرب للأبناء الـ6 من يد والدهم التي لم تتمكّن من إخراجهم إلا طفل واحد يبلغ من العمر 11 سنة.
ونعى الأب أبناءه الستة قائلًا: «أحتسبهم عند الله، وربنا نجالي ابني محمد هو 11 سنة، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلفني خيرا منهم»، مضيفًا: «حاولت أنقذ محمد ابني وزوجتي وكان معاها زكريا الصغير، ابني كان قريب لشط الترعة، ومسك في الطين وأنا كنت في المية وابني أداني خشبة أمسك فيها وقالي هشدك وشدني».
البحث جار عن 6 غرقى بالإسكندرية
وبين الذاهبين لقضاء العيد مع أسرهم، كان هناك آخرون فضلوا الاحتفال على شاطئالبحر وخاصة في الإسكندرية، التي شهدت 8 حالات غرق نتيجة لارتفاع الأمواج، الأمر الذي تبعه قرار برفع الرايات الحمراء على كل شواطئ القطاع الغربي؛ ليعودوا جثامين إلى أسرهم.
إيهاب المالحي، قائد فريق غواصين الخير، كشف عن تكثيف عمليات البحث عن 6 غرقى في عدد من شواطئ غرب الإسكندرية لقوا مصرعهما خلال أمس وأمس الأول، نتيجة ارتفاع الأمواج الذي يتزامن مع إجازة عيد الأضحى الجاري، إذ يعمل الغواصين المتطوعين برفقة الإنقاذ النهري على انتشال الجثامين سريعا، وذلك بعد العثور على غريقين أولهما في شاطئ شهرزاد وآخر في شاطئ سيدي بشر.
عريس كفر الشيخ راح يجيب المأذون مرجعش
أما «عريس كفر الشيخ»، فذهب إلى إحضار المأذون لعقد قرانه على حبيبته التي طالما حلم باليوم الذي يأتي عليه ليكونا سويا «تحت سقف بيت واحد»، إلا أنّه لم يعد «لا هو ولا المأذون»، ويلقيان حتفهما إثر حادث تصادم على الطريق الدولي الساحلي، وقع أمس؛ ليخيم الحزن على الأسرة ويتحول عيدها إلى «ميتم».