لقد ظل فى منفاه كما ذكرنا حتى رحيله ولكنه كان يرغب فى الرجوع لمصر لأن حنينة إليها بات لا يحتمل، حسب ما قال إلياس الأيوبى فى كتابه “تاريخ مصر في عهد الخديوي إسماعيل” وهو الكتاب الذى يعد بمثابة السيرة الذاتية للخديوي والإنجازات التي حققها على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما تناول البعثات التي أُرسلت في عهده، والتي أسفرت بدورها عن نهضة علمية شاملة، وسمت مصرَ بطابع المدنية الحديثة.
وبالعودة لقصة رغبته للرجوع مصر يقول إلياس الأيوبى أنه قبل رحيله بيوما واحدا قد قابله في قصره هناك حفيده (عباس الثاني)، في زيارته الأولى للأستانة، فسُرَّ (إسماعيل) به كثيرًا، ويقال: إنه التمس منه الاستئذان له بالعود إلى مصر، لأن حنينه إليها بات لا يحتمل.
ولكن (عباس الثاني) لم يفعل، إما لعدم رغبة منه مبنية على تخوف من جده، وإما لسهو مبني على عدم محبة له، فاستمر (إسماعيل) في منفاه حتى أوائل مارس سنة 1895، إذ وافته المنية بالأستانة في اليوم الثاني منه، وله من العمر خمس وستون سنة.
فنقل رفاته إلى مصر، واحتفل بدفنه في مسجد الرفاعي احتفالًا مهيبًا، سار فيه الخديو حفيده، والأمراء أولاده، وعموم كبار دولته.
كما أوضح كتاب “تاريخ مصر فى عهد الخديوى إسماعيل”: كما استطاع من خلال سياسته الرشيدة قاصدًا الخديوى إسماعيل أن يمد جسورًا فكرية بين المصريين والغربيين؛ فجعل من مصر إمبراطوريةً عظمى تجمع بين الأصالة والمعاصرة وبين عظمة الشرقِ في مجده التليد، وبين الفكر الغربي القائم على دعائم النهضة الحديثة.
المصدر : اليوم السابع