تخوف أوروبي من ولاية ترمب الجديدة – مشاهير

إسلام جمال6 نوفمبر 20243 مشاهدة
تخوف أوروبي من ولاية ترمب الجديدة – مشاهير


إذا كانت ثمة حاجة إلى تظهير القلق الأوروبي من عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، فتكفي الإشارة إلى الاتصال الهاتفي صباح الأربعاء، الذي جرى بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولف شولتس بعد وقت قصير من إعلان ترمب فوزه في المنافسة الرئاسية؛ من أجل تنسيق المواقف بين ما كان يُعدّ «القاطرة الأوروبية» وللنظر في كيفية التعامل مع المعطى الأميركي الجديد.

وليس سراً أن غالبية الدول الأوروبية كانت تراهن على فوز المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس. ومن هنا يمكن فهم الخيبة الأوروبية الكبرى وحاجة الأوروبيين إلى التحضير لأربع سنوات إضافية من التعايش مع ترمب في حين ذكريات ولايته الأولى (2016 – 2020) ما زالت ماثلة أمام أعينهم. وسارع إيمانويل ماكرون، بعد محادثته مع أولاف شولتس، إلى كتابة تغريدة على منصة «إكس» جاء فيها: «لقد تحدثت للتو مع المستشار (الألماني) وسنعمل معاً، في هذا السياق الجديد، من أجل أوروبا أكثر اتحاداً وقوة وسيادة وذلك من خلال التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية ومن أجل الدفاع عن مصالحنا وقيمنا». ومن الجانب الألماني، قال شولتس في بيان بثه التلفزيون، الأربعاء، إن بلاده ستظل شريكاً موثوقاً به عبر المحيط الأطلسي للإدارة الجديدة بقيادة ترمب. بيد أن بيت القصيد جاء في قوله إن «الكثير من الأمور ستكون بالتأكيد مختلفة تحت حكومة يقودها دونالد ترمب… لقد أوضح دونالد ترمب ذلك دائماً علناً. رسائلنا واضحة، وأولها هي أن ألمانيا ستظل شريكاً موثوقاً به عبر (ضفتي) الأطلسي». وتابع أنه «يجب على الاتحاد الأوروبي أن يقف معاً ويتصرف بطريقة موحدة. بصفتي مستشاراً للدولة الألمانية، أبذل جهوداً لتحقيق ذلك». وسبق بيان شولتس دعوة مصدر حكومي لم تكشف عن هويته، الاتحاد الأوروبي إلى «تحمل المزيد من المسؤولية» على الصعيد الأمني.

كان لافتاً أن القادة الأوروبيين، مثل الكثيرين غيرهم، لم ينتظروا حصول ترمب على العدد الكافي من كبار الناخبين لتهنئته بالفوز. إلا أن موجة التهاني التي انصبَّت على ترمب، رغم صياغتها بلغة دبلوماسية، تضمنت، تلميحاً، الكثير من الرسائل التي تكشف عن مخاوف الأوروبيين. فرئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال المنتهية ولايته، أشار إلى «التعاون البنَّاء» مع الإدارة الأميركية القادمة. وإذ ذكّر بـ«التحالف الدائم» الذي يربط الطرفين، لم يفته التشديد على أن «الاتحاد الأوروبي سيستمر في مساره بما يتماشى مع الأجندة الاستراتيجية باعتباره شريكاً قوياً وسيادياً وتنافسياً، مع الدفاع عن النظام المتعدد الأطراف القائم على القواعد». والشيء نفسه يصحّ على رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التي دعت إلى «العمل معاً على إقامة شراكة عبر الأطلسي تستمر في تحقيق الأهداف المرجوة لمواطنينا. ملايين الوظائف والمليارات من التجارة والاستثمار على جانبي الأطلسي تعتمد على ديناميكية واستقرار علاقتنا الاقتصادية».

اللعب على حبل الانقسامات الأوروبية

وثمة مجموعة من الثوابت التي يهجس بها الأوروبيون والتي يمكن استشفافها من خلال التغريدات المتلاحقة، وأولها، قطعاً، الخوف الذي يعتمل الاتحاد الأوروبي من أن يعمد ترمب إلى اللعب على حبل الانقسامات الأوروبية من أجل تهميش الاتحاد. من هنا، تأكيد ماكرون على الحاجة إلى العمل من أجل أوروبا «أكثر اتحاداً وقوة وسيادة» وإصرار شولتس على ضرورة أن يتصرف الاتحاد «بطريقة موحدة». وليس سراً أن للرئيس الأميركي القادم «حلفاء» بين القادة الأوروبيين ومنهم رئيسا وزراء المجر وسلوفاكيا (فيكتور أوربان وروبيرت فيكو) والرجل القوي في التحالف الحكومي الهولندي غيرت فيلدرز. ومن بين المعجبين به رئيسة وزراء إيطاليا جيورجيا ميلوني ورئيس الحزب الديمقراطي في السويد جيمي أكسون. وبشكل عام، يُعدّ اليمين المتطرف الأوروبي (في فرنسا، ألمانيا، النمسا، إسبانيا وغيرها) من الداعمين لترمب القادر على الاتكاء على هذا التيار لزرع الانقسام في الصفوف الأوروبية. وغرَّدت ميلوني، من جهتها، قائلة: «نتمتع (مع الولايات المتحدة) برابطة استراتيجية، وأنا على يقين من أننا سنعززها الآن بشكل أكبر». ولم يستبعد مصدر أوروبي في باريس أن يعمد قادة أوروبيون إلى «الإسراع في الهرولة» إلى واشنطن لتقديم الطاعة لترمب والتأكيد على «العلاقة الخاصة» بين بلادهم والشريك الأميركي ليحظوا بعطف سيد البيت الأبيض الجديد.

الرئيس الجديد للمجلس الأوروبي أنطونيو كوستا ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في بروكسل يوم 30 أكتوبر (إ.ب.أ)

المظلة الأميركية

خلال ولايته السابقة، لم يتردد ترمب في تهديد الأوروبيين بحجب المظلة الأميركية عنهم إذا لم يسارعوا إلى تسديد ما يجب عليهم من مساهمات مالية إلى المنظمة الأطلسية، لا، بل إنه لم يتردد في تأكيد أنه سيترك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يفعل ما يشاء بالمتخلفين. ولدرء تهديد كهذا، سارع مارك روته، أمين عام حلف «ناتو»، إلى التأكيد على أن نحو ثلثي الحلفاء الـ32 في الأطلسي سوف يحققون هدف الإنفاق الدفاعي الرئيسي للمنظمة هذا العام (2 في المائة من الناتج الداخلي الخام). وفي إطار الاتحاد، كان صوت الرئيس ماكرون الأقوى في الدعوة إلى ما سماه «الاستقلالية الاستراتيجية» ودعوة الأوروبيين إلى تحمُّل مسؤولياتهم وبناء قوتهم العسكرية من أجل الدفاع عن «مصالحهم وقيمهم». وثمة توجه في فرنسا ودول أوروبية أخرى إلى اعتبار أن رئاسة ترمب وما تحمله من مخاطر، من شأنها إقناع المترددين، وخصوصاً ألمانيا بزيادة المخصصات الدفاعية من أجل قيام أوروبا «أكثر اتحاداً وقوة وسيادة». والحال أن دعوة ماكرون، على الأرجح، كما يقول مصدر سياسي فرنسي، «لن تنال الاستجابة المرجوة»، خصوصاً من دول شرق أوروبا التي تستشعر التهديد الروسي أكثر من غيرها، ولا ترى أن لا بديل عن المظلة الأميركية – الأطلسية.

ترمب ورفضه التعددية

وهناك من يعتقد أن الاتحاد الأوروبي يتخوف من «انعزالية» ترمب ومن نزوعه، إفرادياً، إلى اتخاذ القرارات التي يرى فيها مصلحة بلاده من غير الالتفات إلى مصالح شركائه الأوروبيين واحتقاره التعددية نهجاً لإيجاد حلول للمشاكل عبر العالم. وعلى ضوء هذا الاعتبار، يتعين فهم رسالة شارل ميشال الذي حثّ الاتحاد على التمسك بـ«النظام متعدد الأطراف القائم على القواعد»؛ ما يعني، بكلام آخر، أن ترمب لا يلتزم بهذه القواعد. وكان لافتاً أيضاً في هذا المجال تركيز فون دير لاين، المعروفة بأطلسيتها، على أهمية «استقرار العلاقات الاقتصادية» بين القارة القديمة والولايات المتحدة. ويعكس ذلك بوضوح الخوف الأوروبي من «الحمائية» الأميركية التي لها عنوانان: إغلاق السوق الأميركية بوجه المنافسة الأوروبية وفرض رسوم باهظة على المنتجات الأوروبية. وثمة تخوف أوروبي من قيام حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين وأن تجرّ القارة القديمة جراً إلى الوقوف إلى الجانب الأميركي؛ ما سينعكس سلباً على علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع بكين.

صورة مركَبة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مع الرئيسين الروسي والصيني فلاديمير بوتين وشي جينبينغ (إ.ب.أ)

أوكرانيا: قفز إلى المجهول

اعتاد الأوروبيون أن تكون واشنطن في مقدمة الداعمين لأوكرانيا مالياً وعسكرياً وسياسياً. والحال أن فوز ترمب يدخل الحرب الأوكرانية – الروسية في معادلة جديدة. ووفق مصادر أوروبية في باريس، فإن التخوف الأكبر أن يقلب ترمب سياسة بلاده رأساً على عقب، وأن يوقف دعم أوكرانيا وأن يضغط عليها للقبول بحل سريع وعلى حساب استعادة أراضيها المحتلة. ورغم امتناع القادة الأوروبيين، الأربعاء، عن الإشارة مباشرة إلى الحرب الأوكرانية، فإن قلقهم عكسه الاجتماع الطارئ مساءً في باريس بين وزيري الدفاع الفرنسي والألماني للبحث في تداعيات الانتخابات الأميركية، وما يتعلق بالدعم المستقبلي لأوكرانيا، وكذلك مناقشة سياسة الدفاع الأوروبية المستقبلية.

بريطانيا والعلاقة الخاصة مع أميركا

وفي لندن، هنّأ رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر دونالد ترمب بـ«نصره التاريخي» في الانتخابات. وقال ستارمر: «كوننا أقرب الحلفاء، نحن نقف جنباً إلى جنب دفاعاً عن قيمنا المشتركة المتمثلة في الحرية والديمقراطية. ومن النمو والأمن إلى الابتكار والتكنولوجيا، أعلم أن العلاقة الخاصة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة ستستمر في الازدهار على جانبي المحيط الأطلسي لسنوات مقبلة». والتقى رئيس الحكومة البريطانية الذي وصل إلى السلطة في يوليو (تموز) الماضي، ترمب في نيويورك نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، بحضور وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الذي هنأ أيضاً الجمهوري، الأربعاء، بفوزه. وقال لامي على منصة «إكس»: «ليس لدى المملكة المتحدة صديق أفضل من الولايات المتحدة، وتمت الإشادة بالعلاقة الخاصة على جانبي المحيط الأطلسي منذ أكثر من 80 عاماً. ونتطلع إلى العمل معك ومع جي دي فانس (الفائز بمنصب نائب دونالد ترمب) في السنوات المقبلة».


المصدر : وكالات

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل