إتقان في كل خطوة… ونتائج تُثبت نفسها وأداء يعتمد عليه وثقة يستحقها قصة نجاح الدكتور”ضياء العريني” من حلم طفل إلى صانع إبتسامات وواجهة طبية مشرفة.

إسلام وليد رزيق22 نوفمبر 202542 مشاهدة
الدكتور ضياء العريني

بقلم الإعلامية: منار أيمن سليم

في مدينة ملوي، وبين شوارعها الهادئة، وُلد حلم صغير داخل طفل لم يتجاوز بضع سنوات من عمره. طفل كان يرى مهنة طب الأسنان وكأنها عالمٌ من السحر والدقة والجمال. وبينما كان أولاد جيله يحلمون بمستقبل بعيد، كان هو يرى نفسه يرتدي البالطو الأبيض، يفتح باب عيادته الخاصة، ويمنح الناس إبتسامات لا تُنسى. لم يكن يدري حينها أن هذا الحلم سيكبر معه، وسيسير به بثبات وسط تحديات الحياة، حتى يصبح اليوم أحد الوجوه المشرّفة لطب الأسنان في مركز ملوي.

لم تكن رحلة الدكتور ضياء مجرد إختيار عابر لمهنة، بل كانت قصة عشق بدأتها الظروف، وعززتها الإرادة. ففي سن مبكرة، كان مولعًا بكل ما يتعلق بالأسنان؛ يتأمل الأجهزة في عيادات الأطباء، ويسأل عن مهامهم وطبيعة عملهم، وكأن قلبه كان يعرف الطريق قبل أن يعرفه عقله.

مرت السنوات، ووصل إلى الثانوية العامة. وفي وقتٍ كان طلاب كثيرون يترددون بين الكليات، كان هو ثابتًا على هدفه، يرى كلية طب الأسنان كأنها بوابة قدر رُسم له. ومع إعلان النتيجة والتحاقه بالكلية، شعر بأن الخطوة الأولى في الرحلة قد وُضعت على الأرض.

في عام 2016، حين بدأ أول خطواتة في العمل داخل العيادة، أدرك أن رحلته لن تكون مجرد ممارسة طب الأسنان، بل مسارًا طويلًا لصناعة قيمة حقيقية في حياة الناس. وبالتوازي مع عملي السريري، سعي لتطوير نفسي مهنيًا وقياديًا، فالتحق بـ دبلومة إعداد القادة من هيئة المعرفة بدبي، التي منحتنه رؤية أوسع لإدارة الفرق، وبناء الأنظمة، وصناعة بيئة عمل فعّالة قادرة على التطور والنمو.

ومع كل مرحلة جديدة، كان يشعر بأن خبرته تتشكل بشكل مختلف؛ خبرة لا تعتمد فقط على المهارة الطبية، بل على القدرة على اتخاذ القرار وقيادة المواقف الصعبة. سنوات عملي بين العيادة والقطاع الحكومي كانت مدرسة حقيقية، صنعت منه طبيبًا قادرًا على إدارة الأزمات، وتطوير الخدمات، ووضع بروتوكولات دقيقة تضمن الجودة والاستمرارية.

واليوم، وهو يواصل العمل على تطوير العيادة وتأسيس مركز ثانٍ لطب الأسنان، يعلم أن ما يقوده ليس الطموح فقط، بل الأساس الذي بناه منذ ٢٠١٦، والمعرفة التي اكتسبها من تجاربه وشهاداته، وعلى رأسها دبلومة إعداد القادة. فالمستقبل ما زال يحمل الكثير، وهو مستعد له بخبرة أعمق ورؤية أوضح.

دخل كلية طب الأسنان، وهناك بدأ بناء الأساس العلمي الحقيقي. لم تكن الدراسة مجرد محاضرات وامتحانات، بل تدريب على الصبر، الدقة، القدرة على اتخاذ القرار، ومهارة التعامل مع المرضى نفسيًا قبل علاجهم. ومع مرور الوقت، أصبح واضحًا للجميع أن هذا الشاب يحمل شغفًا حقيقيًا، وإصرارًا على التميز.

أنهى تدريبه العملي، وتخرج، ثم بدأ سنة الامتياز التي صقلت خبراته، ومكّنته من مواجهة الحالات المختلفة، ليكتسب ثقة أكبر بنفسه وبقدراته وبعد انتهاء الامتياز، حان وقت تحقيق الحلم الأكبر: افتتاح العيادة الخاصة.

فقد جهز له العيادة بالكامل، وترك له حرية إختيار الأجهزة التي يريدها، ودون أن يعترض على أي شيء. اشترى أحدث الأجهزة، بل دفع الفاتورة كاملة دون أن يسمح لابنه أن ينشغل إلا بالحلم نفسه. وخلال شهر واحد فقط، كانت العيادة جاهزة لاستقبال أول مريض.

كانت تلك اللحظة نقطة الانطلاق الحقيقية في حياته المهنية. ثم حصل على كارنيه النقابة، ورخصة مزاولة المهنة، ثم رخصة العلاج الحر، وسجل العيادة رسميًا. وهكذا بدأت أول خطوة ثابتة على طريق النجاح.

كما لم يكتفِ بالعمل في القطاع الخاص، بل التحق بالعمل الحكومي في الإدارة الصحية بملوي. وكانت تلك الفترة مليئة بالتحديات والمهام الكبرى.

ففي ذلك الوقت، كانت مصر رقم واحد عالميًا في عدد مرضى فيروس سي. وتم تعيينه منسقًا لمكافحة فيروس سي في قسم الطب الوقائي. بدأ أول حملة مسح في قرية من قرى ملوي، ونجح رفقة فريق من الوزارة في حصر المرضى على مستوى المركز بالكامل.

وبعدها أصبح مسؤول الإعلام الصحي والتربية السكانية، وبدأ في عقد ندوات توعوية بالتعاون مع “بيت العيلة المصري” ونواب البرلمان.

ثم انضم إلى فريق الرعاية الأساسية، وأصبح أول طبيب يدخل القسم في ملوي، ليكوّن فريقًا مميزًا أثبت كفاءته في وقت قصير.

وتم انتدابه إلى مستشفى ملوي العام، وعمل هناك عامًا كاملًا، قبل أن يعود إلى الإدارة بناءً على قرار إداري. وبعد أسبوع واحد فقط، وجد نفسه أمام مدير الإدارة يطلب منه صياغة قرار تعيينه مساعد مدير الإدارة ونائب رئيس قسم الأسنان. وفي اليوم التالي مباشرة أصبح في هذا المنصب.

ثم جاءت أيام كورونا…
تلك الفترة التي كان فيها القطاع الصحي كله في حالة حرب حقيقية.

أصيبت رئيسة قسم مكافحة العدوى وكانت حاملاً، ودخلت عزلًا منزليًا. وكانت الإدارة في أمسّ الحاجة لمن يقود المعركة. فكُلّف الدكتور ضياء برئاسة قسم مكافحة العدوى، وقاد الفريق بكفاءة عالية طوال فترة انتشار الوباء.

ومع بدء توفير اللقاحات، طُلب منه تشكيل عشرة فرق للتطعيم في ملوي، وأصبح مسؤول القوة البشرية لحملة التطعيم. كان يدير الفرق يوميًا، يعوّض الغياب، ويوفر الأمصال، ويُنسّق مع الوزارة… وكل ذلك لأن مدير الوقائي الجديد كان ما يزال يتعلم، فتولّى الدكتور ضياء القيادة الكاملة للحملة.

وبفضل جهوده، وصل اللقاح لكل مواطن في مركز ملوي، ووُفرت الكروت الخاصة بالتطعيم للجميع، مع استمرار تدريبه للفرق الطبية على إجراءات مكافحة العدوى داخل المنشآت الصحية.

وبعد هذا العطاء الكبير، طلبه أمين حزب مستقبل وطن بندر ملوي، السيد حمادة النقيب، وتم تكليفه ليكون نائب رئيس لجنة الصحة بالحزب.

وبسبب الجهد الهائل في العمل الحكومي، ومع الرغبة في تطوير العيادة، أخذ الدكتور ضياء إجازة من العمل الحكومي ليتفرغ للهدف الذي بدأه منذ الطفولة.

بدأ في تطوير نظام إدارة الوقت داخل العيادة، ووضع بروتوكولات علاجية وتجميلية موحّدة، تُنفذ بنكهة “ضياء العريني”. كما وضع خطة لإنشاء مركز طب أسنان ثانٍ يوفّر فرص عمل للأطباء والتمريض ومساعدي الأسنان المدربين، ويُقدّم خدمات طبية راقية على أعلى مستوى.

ما بين طفل يحلم، وطبيب يقود حملات صحية كبرى، ورائد أعمال يؤسس لمستقبل كبير… يواصل الدكتور ضياء العريني رحلته بثبات.
رحلة تؤكد أن الطموح حين يقترن بالعمل، يصبح حقيقة لا محالة.

وما يزال المستقبل أمامه… والأهداف سامية… والعطاء مستمر.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اخر الاخبار