أودعت محكمة جنايات المنصورة الدائرة الرابعة بمحافظة الدقهلية، اليوم، حيثيات الحكم بإعدام محمد عادل، في قضية مقتل الطالبة نيرة أشرف أمام بوابة جامعة المنصورة، وروت المحكمة الواقعة كما استقرت في يقينها، واطمأن إليها ضميرها وارتاح لها وجدانها، مستخلصة من سائر أوراق الدعوى وما تمَّ فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة.
وروت المحكمة تفاصيل الواقعة أنها تتحصل في أن المتهم «محمد عادل محمد إسماعيل عوض»، وهو طالب جامعي، بالفرقة الثالثة بكلية الآداب جامعة المنصورة، يشهد له تفوقه الدراسي- وزملاؤه – بالذكاء المتقد، فكان من أوائل دفعته في عاميه الجامعيين الأول والثاني، تفوقا بلــغ حــد استعانة زملائـه به في أبحاثهم العلميـة فتواصـل معـه كثير من زملائه وزميلاته بالجامعـة، وكـدأب زملائها تعـرفت عليه المجني عليها- زميلته بالفرقة الثالثة- «نيرة أشرف أحمد عبد القادر» خلال العام الجامعي 2020 واستعانت به كغيرها من زملائه ليمدها بمثل هذه الأبحاث، غير أنه بخيال أناني فاسد ظن ظنا خاطئا أنها أحبته.
تقدم المتهم لخطبة نيرة في 2021 وتملكه هوي مسعورًا أوهم به نفسه زورًا وبهتانًا بهذا الزعم الزائف، واستمر في التقرب منها والتودد إليها حتى أبدى رغبته في الارتباط بها قبيل امتحانات العام الجامعي 2021 لكنها رفضته وانصرفت عنه.
رسائل محمد عادل إلي نيرة أشرف ترغيب ووعيد
وواصلت المحكمة قائلة: راح يلاحقها برسائله عبر حسابات مسجلة باسـمه على بعــض مواقع التراسل الاجتماعي من الهاتفين النقالين الخاصين به وتملكه إحساس جارف بحب التملك وأخذ يلاحقها بمَعسول الكلام تارة، مثل قوله نصا: “أنا محتاجلك أوي، أوعدك حتشوفي إنسان جديد، أنا اتغيرت جامد الفترة اللي فاتت، عملت حاجات غلط كتير بس عملت حاجات أحلى، طب والله وحشتيني، ووحشني صوتك” وبالتهديد تارةً أخرى مثل قوله نصًا: “بتاعتي وبس يا روح أمِّك، بمزاجك أو غصب عنك، ومفيش مَخلوق حيلمس شَعرة منك غيري، ومفيش دكر هييجي ناحيتك، يبقى حَد كدة يقربلك، أو انتي تقربي لحد، إنت لازم تسمعيني لو غصب عنك”.
ملاحقة المتهم لنيرة أشرف ورفضه للمرة الثانية
وأخذ يلاحقها بفحش القول لحظرها حساباته لمنع استقبال أحاديثه ورسائله، ثم لم ييأس، وتقدم لخطبتها فرفضته وكذلك فعل أهلها، فعاد يلاحقها في الواقع كما يلاحقها في العالم الافتراضي؛ فاعترض طريقها قرب مسكنها فتصدى له والدها وأعلن رفضه له مرة أخري؛ فكان هذا الرفض وقود الوهم الذي يعيشه وهو الحب المزعوم، مما أوغر صدره ونوَى الانتقام منها حتى لا تكون لغيره
تهديد محمد عادل للمجني عليها برسائل القتل
وأخذ يهددها بالقتل برسائل يقسم فيها بقتلها ذبحا، فحررت ضده المحاضر أرقام 108، 109 لسنة 2021 جنح اقتصادية ثان المحلة الكبرى، 1953 لسنة 2022 إداري أول المحلة الكبرى
جلسة عرفية لمنعه من التعرض ل «نيرة أشرف»
وعقد أسرتاهما جلسة عـرفية لمَنعه من مُضايقتها فسايَرهم وهو يضمر قتلها، وفي خلال امتحانات العام الجامعي2021 عاد ليتقرب منها محاولا التحدث معها فاستعانت بضابط الأمن، مما أثار حفيظته من جديد، وتَوهم أنها أهانته؛ فانقلبت مشاعره من حب التملك إلى الكراهية الشديدة، واستمرت بينهما الخلافات وتنامت بداخله رغبة الانتقام منها ثأرًا لكرامته، فسولت له نفسه الأمارة بالسـوء ارتكاب أبشـع الجــرائم عنـد الله- قتل النفس التي حـرَّم الله إلا بالحق- واستمر في تهديدها بالقتل إن لم تستسلم له وتقبله شريكا في الحياة.
رسائل تهديد بالذبح من المتهم إلي نيرة
أرسل إليها في شهر رمضان من العام الجاري – 6/4/2022 – رسائل تهديد أخرى بالذبح عبر تطبيقات وسائل التراسل الاجتماعي منها نصًا: “والله نهايتك على إيدي يا نيرة، تاني مفيش فايدة، ودِيني لاقتلك، وعرش ربنا ما سايبك تتهنِّي لحظة، هَدبحك، وديني لادبَحك، دانا أدبحك أسهلي، أنت حسابك معايا تقيل أوي، بلاش تزوديها عشان وعهد الله ما هسيب فيك حتة سليمة ويبقا حَد غيري يلمس منك شَعرة، صحيح الفـترة الجاية اتعلمي ضرب النار، أو شوفي محمد رمضان أو السقا يدربوكي بوكس، علشان نهايتك على إيدي يا نيرة، أهو طالما الدنيا مجمعتناش تجمعنا الآخرة”.
مخطط محمد عادل لذبح نيرة
وبـدءًا من هذا التاريخ، أطلق العنان لشيطانه ليقوده إلى طريق الشر والإفساد في الأرض، فوضع مخططه الإجرامي في هدوء وروية لقتل المجني عليها ذبحا انتقامًا منها، وعقد العزم على تنفيذه وأعدَّ له عدته، وفي سبيل تنفيذ هذا الغرض حدد المكان جامعة المنصورة، والزمان أيام امتحانات الفصل الدراسي الثاني من العام الجاري، ليَقينه من حضورها الامتحانات بعد أن كانت لا تحضر في الأيام العادية نَظرًا لسفرها إلى القاهرة وشرم الشيخ.
شراء محمد عادل سكينا وتتبعه للجني عليها لقتلها
وبعد أداء الامتحان الأول وفي غرة شهر يونيو 2022 اشترى سكينًا جديدًا من مَحل أدوات منزلية بمُحيط مَحل إقامته بمدينة المحلة الكبرى، له “جراب” لم يشأ إخراجه منه ليُحافظ عليه حادا كما هو؛ ليؤتي ثماره التي قرر جنيها وهو إزهاق روح ضحيته، واختار هذا النوع من السلاح لكونه طباخا وله دراية ومهارة في استخدام السكاكين، وأرجأ التنفيذ خلال أداء الامتحان الثاني أيضا، تحسبًا من مرافقتها من أهلها، ولكي يخدَعها بالأمان من تهديداته مؤقتًا حتى تسنح له الفرصة التي تحقق النتيجة التي قصدها، فعقد العزم على أنْ يكون التنفيذ خلال انعقاد الامتحان الثالث في11/6/2022 فتوجه إلى الجامعة محرزًا السكين المذكور لهذا الغرض، ولكن الفرصة لم تُواته لعدم تمكنه من رؤيتها، وفي مساء اليوم التالي 12/6/2022 وتصميمًا على ما عقد العزم عليه، أرسل إلى صديقتها «مي إ.»- شاهدة الإثبات الرابعة- رسالة عَبر تطبيق التراسل الاجتماعي واتس آب من هاتفه النقال مستفسرًا منها عن حافلة نقلهما من المحلة الكبرى إلى الجامعة وموعدها، فلم تكترث لرسالته ولم تجبه سُؤله، وخلال أداء الامتحان الـرابع أحـرز ذات السكين الجديـد الحاد مَرةً أخرى ليُنفذ جريمته، ولكنه لم يتمكن من رُؤيتها في هذه المرة أيضًــا
يوم تنفيذ الجريمة
صمَّم على أن يكــون التنفيــذ خـلال انعقاد الامتحان الخامس في يــوم
20/6/2022 وفي هذا اليوم وهو في سبيله إلى الجامعة كان مدجَجًا بهذا السلاح الأبيض، وتوجه إلى محطة حافلات شركة خاصة بميدان المشحمة بالمحلة الكبرى لتيقُنه من استقلال المجني عليها لحافلات هذه الشركة إلى المنصورة- شأنها في هذا شأن بقية طلبة الجامعة- وظل منتظرًا من الساعة العاشرة وعشر دقائق صباحًا حتى العاشرة والواحد والعشرين دقيقة، بالرغم من وجود حافلة تستعد للتحرك وبها مقاعد خالية وعلى نفس خط السير، على نحو ما رصدته كاميرات المراقبة في هذا المكان «كاميرات سنتر تجاري» ولما استـقل الحافلة التي تليها كانت المجني عليها وزميلاتها قد سبقنه إليها؛ فأبصر المجني عليها فيها واطمأنَّ لرُؤيتها ليثأر منها حتى لا يستحوذ عليها سِواه، ووجدها الفرصة الذهبية ليُزهق روحها، وراح يفكـر في قتلها داخل الحافلة طِـيلة الرحلة التي استغرقت نصف الساعة، لكنه تَريَث مؤقتًا لانتهاز فرصة أفضل ليُجهز عليها، خشية أنْ يذود الركاب عنها فتفشل خطته، فلما بلغت الحافلة منتهاها أمام بوابة الجامعة «بوابة توشي» ونزل الجمع منها، وكانت المجني عليها وزميلاتها «رنا م.»، و«منة الله ع.»، و«مي إ.» و«رضوى ك.» من اللاتي سبقنها، وهو من خلفهن يترجل ليلحق بهن وسط زحام طلاب العلم في الحادية عشرة صباحًا ليفترس ضحيته، عاقــدًا العزم على إزهاق روحها، حتى صارت قاب قوسَين أو أدنى من دُخول بوابة الحرم الجامعي، فاستلَّ السكين من غمده من بين طيات ملابسه وانهال عليها طعنًا به من الخلف والغِل يَملأ قلبه؛ فسقطت أرضًا على مَرأى من زميلاتها المذكورات، ثم والَى تسديد الطعنات إليها في مَقتل هو صدرها من جهة اليسار وجنبها الأيسر، ثم مَناطق متفرقة من جسدها خلال محاولتها الذود عن نفسها، قاصدًا إزهاق روحها فخارت قواها وتَعالت صرخات زميلاتها، وأسرَعن تجاه فرد أمن البوابة إبراهيم عبد العزيز محمد عبد الحميد أمَلاً في إنقاذها فحضر من فوره، وانضم إليه الطالب الجامعي عبد الرحمن وليد فريد إبراهيم المُرسي ليَمنعاه من مُوالاة طعنها، فكانت فرصة له للعدول عن إتمام جريمته – بالرغم من الطعنات القاتلة المُتوالية قبل وبعد سُقوطها أرضًا- ولكنه ونظرًا لتصميمه على إزهاق روحها، هددهما مُلوحًا بالسكين ليُعيـد الكـرَّة ليَتيقن من مَوتها، ثم عاد إليها من جديد؛ فأمسكَ رأسها بيُسراه وطـرحَها أرضًا وذبَحـها من عُنـقها، وتمكن فَــرد أمـن الجامعـة من ضبطـه والسلاح الأبيض المستخدم في الحادث
ذبح المجني عليها
أحدث المتهم بالمجني عليها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياتها لما نَجَمَ عنها من قَطع بالرئة اليُسرى وإصابتها الذبحية بخلفية العُنق، وما نَجَم عنها من خَـلع بين الفقرتين الثالثة والرابعة؛ مما أدى إلى هبوط حاد بالدورة الدموية والتنفسية والتقَطت كاميرات المُراقبة وقعة الطعن والذبح بتفاصيلها، وبمُواجهة المتهم بهذه المقاطع الملتقطة في تحقيقات النيابة العامة؛ اعترفَ بأنه الشخص الذي يَظهر، فيها وأنه القاتل للمجني عليها بعد تفكيره وتدبيره على النحو مار البيان.