«قلبي على ولدي انفطر وقلب ولدي عليا حجر» ذلك المثل الشعبي الشائع الذي يتردد كثيراً في مواقف جحود الأبناء على آبائهم وأمهاتهم، آخرها كان مثالاً مأساوياً لا يصدقه عقل، حيث تخلى شاب وشقيقته عن والدهما الذي توفي بعد معاناة مع المرض داخل أحد المستشفيات بالغردقة بمحافظة البحر الأحمر، حيث رفضا الحضور لاستلام جثمانه، وتطوّعت إحدى الجمعيات الخيرية بتوفير الكفن له ودفنه في مقابر المسلمين بالمحافظة.
عم «حسين» أفنى حياته وشبابه في تربية ابنه وابنته ووفر لهما كل شيء ولم يرفض لهما طلبًا في حياته، حتى كبرا وسافرت ابنته إلى السعودية، وسافر ابنه إلى اليونان، ونسيا أنّ لهما أب كان هو السبب في وصولهما لما هما فيه الآن، وتركاه يعيش وحيداً بعد وفاة والدتهما.
جثة «عم حسين» ظلت في المشرحة لأيام
وكما عاش عم «حسين» وحيداً في غرفة بمنطقة الكهف بمدينة الغردقة، لم يجد من يحنو عليه أو يعطيه كسرة خبز تسد جوعه، أو من يغسل له ملابسه سوى بعض المتطوعين الذين كانوا يمنحوه الطعام والملابس حتى أصيب بوعكة صحية، نُقل على إثرها إلى مستشفى الغردقة العام يخضع للعلاج في أيامه الأخيرة، حتى فاضت روحه إلى بارئها ولفظ أنفاسه الأخيرة، وجرى إيداع الجثة في المشرحة تنتظر من يسأل عنها ويستلمها لتكريمها.
وأرسل أهالي مدينة الغردقة لابنة وابن عم «حسين»، للحضور واستلام جثمان والدهما وتكريمه ودفنه، إلا أنّهما رفضا الحضور مُطالبين المتصلين بدفن والدهما بدم بارد، وكأنّ سنوات الغربة أنستهما رابط الدم بينهما وبين والدهما، وهو ما تسبب في حالة من الحزن والأسى لدى أهالي مدينة الغردقة، الذين تطوعوا لشراء كفن حسين إبراهيم، بينما تكفلت إحدى الجمعيات الخيرية باستلام الجثمان وتغسيله وتكفينه، وأداء صلاة الجنازة عليه في أحد مساجد الغردقة ودفنه بمقابر المسلمين بالمحافظة.
واستنكر أهالي مدينة الغردقة تخلي الشابين عن والدهما، وعدم تأثرهما بوفاته أو الاهتمام بإلقاء نظرة الوداع عليه أو تطبيق مقولة أنّ «إكرام الميت دفنه»، وتشييعه إلى مثواه الأخير مرددين «قلب ولدي علي حجر»، مؤكدين أنّه كان طيب القلب، ودوداً، وأحبه الجميع رغم كونه من خارج الغردقة وليس له أي أقارب فيها ولا أحد يعلم مسقط رأسه.
الأهالي تقدموا بطلب لدفنه
وقال محمد الجزار، أحد الكوادر الشبابية بالغردقة في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، إنّ عدد من المتطوعين تقدموا بطلب إلى جهات التحقيق للتصريح بدفن عم «حسين»، وتسليمهم الجثمان ليتمكنوا من تكريمه وإيداع جثمانه بمثواه الأخير بدلاً من أن تظل جثته داخل المشرحة.