قال الدكتور على جمعة، مفتي الديار المصرية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن القرآن الكريم اشتمل على كثير من أخبار الأمم الماضية والنبوات السابقة والحوادث الواقعة وتتبع آثار كل قوم ونقل لنا صورة ناطقة لما كانوا عليه، حيث يقول السيوطي ذاكرا العلوم التي احتوى عليها القرآن وعلم القصص هو الاطلاع على أخبار الأمم السالفة والقرون الماضية ليعلم المطلع على ذلك سعادة من أطاع الله وشقاء من عصاه.
تعدد أنواع القصص القرآني
وشرح مفتي الديار المصرية السابق أن قصص القرآن أصدق القصص وأحسنها وأنفعها لقوله تعالى «وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا» وقوله «نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ»، وذلك لمطابقتها للواقع ووصولها لأعلى درجات البلاغة وفصاحة الألفاظ ولقوة تأثيرها في إصلاح القلوب والأعمال، حيث تعددت أنواع القصص القرآني بين قصص الأنبياء التي تذكر دعوتهم إلى قومهم ومراحلها ومعجزاتهم وعاقبة المؤمنين بهم والمكذبين، كقصة سيدنا نوح وإبراهيم وموسى وغيرهم، وقصص تتعلق بحوادث وأشخاص لم تثبت نبوتهم كقصة سيدنا طالوت وجالوت وبني آدم وأهل الكهف وغيرهم.
ولفت عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إلى أن قصص أخرى تذكر الأحداث التي وقعت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كغزوة بدر وأحد وحنين وتبوك والأحزاب ونحو ذلك، حيث تتسم القصة القرآنية بخصائص عدة، وأهمها أنها تشد القارئ وتوقظ انتباهه وتجعله دائم التأمل في معانيها وموضوعها، كما تتعامل مع النفس البشرية بواقعيتها فهي ليست غريبة عن الطبيعة البشرية ولا محلقة في المثالية، لأنها إنما جاءت علاجا لواقع البشر فلذلك تذكر جانب الضعف والخطأ في طبيعة الإنسان العادي وتذكر الجانب المثالي المتسامي الذي يمثله الرسل والأنبياء والصالحون.
الصور البيانية القرآنية
واستكمل «جمعة» أن الصور البيانية القرآنية تبدو أوضح ما تكون في القصص القرآني، وإن كان كل البيان القرآني رائعا واضحا، فإن القرآن في وصف الحوار والأجواء الفكرية والاعتقادية يصورها تصويرا واضحان فإذا وصف حالا لرجل تجده يصور قلبه وخواطره، وإذا صور واقعة أو حدثا تجده يصف آثاره ويحدد أبعاده، ومن ناحية أخرى فإن القصة القرآنية وسيلة إلى تحقيق أغراض القرآن الدينية، فهي إحدى الوسائل لإبلاغ الدعوة الإسلامية وتثبيتها، ومن أغراضها الاعتبار بأحوال الأمم السابقة، وكذلك إثبات الوحي والرسالة وتحقيق القناعة بأن محمدا صلى الله عليه وسلم إنما علمه الله سبحانه.