عقدت نقابة المحامين، ممثلة في لجنة المرأة، الاجتماع الثاني عشر ضمن ورشة عمل لصياغة مشروع قانون الأحوال الشخصية الذي تعده اللجنة، وذلك من الساعة الثانية ظهرًا حتى السادسة مساءً بالنقابة العامة للمحامين، بغرفة المجلس.
وقال بيان صادر عن نقابة المحامين، إنه قد ترأست اللجنة فاطمة الزهراء غنيم، عضو مجلس النقابة العامة، ومقرر لجنة المرأة، بمشاركة الدكتور حسن صلاح الصغير، الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والدكتور ياسر الشاذلي، المحامي بالنقض، مستشار نقيب الأشراف، وحسن معوض، من مكتب فضيلة شيخ الأزهر الشريف، وحضور المحاميات والمحامين المحافظين على دوام حضور اجتماعات اللجنة.
واستكملت اللجنة مناقشاتها الخاصة بموضوع «الحد من الزواج العرفي والحل الأمثل لتلك المشكلة»، ومسألة أساس تقسم المهر إلى مقدم ومؤخر ومدى شرعيته، والشبكة عند فسخ الخطوبة متى ترد ومتى يحتفظ بها، وأخيرًا موضوع الخلع ضمن 6 بنود على طاولة الاجتماعات المستمرة.
إضافة تحليل (DNA) في وثيقة الزواج
وفي كلمتها بافتتاح الجلسة، أكدت فاطمة الزهراء غنيم، أن لقاء مؤسستي الأزهر ونقابة الأشراف بمقر النقابة العامة للمحامين، يعد الأول منذ إنشاء نقابة المحامين عام 1912، لهدف نبيل يتمثل في صياغة مشروع قانون متوازن للأحوال الشخصية، موضحة أن اللجنة استطاعت خلال الاجتماع السابق أن تنتهي من مناقشة سن الحضانة والنسب، وجزء من الزواج العرفي، ضمن بنود المناقشات المطروحة على طاولة الاجتماع.
وأكدت عضو مجلس النقابة العامة على مقترح تقدمت به خلال المناقشات السابقة، وهو إضافة تحليل (DNA) في وثيقة الزواج، وأيضًا في أثناء استخراج بطاقة الرقم القومي، وذلك إلى جانب تحليل فصيلة الدم، لخلق نوع من الحماية المستقبلية، وتضييق النطاق في طرق التحايل في النازعات الخاصة بالنسب، وأيضًا عمل التحليل وإثباته عند تجديد بطاقة الرقم القومي، لضمان تطبيقه على الجميع.
تجريم الزواج العرفي
وطرحت مقرر لجنة المرأة بالنقابة العامة للمحامين، على طاولة النقاش، موضوع تجريم الزواج العرفي بين الطلبة في الجامعات، معلنة عن سبب رؤيتها للتجريم لعدم كمال الشروط وافتقاده الكثير من مقوماته.
واقترحت اللجنة أن يحدد للمأذون أجر معين ثابت لا علاقة له بالمؤخر من مهر الزوجة، وإظهار المقدم والمؤخر صراحة، والنظر في لائحة المأذونين بتعديل النص الخاص بالأجر.
أمين عام كبار علماء الأزهر يثني على الجلسات
بدوره أثنى الدكتور حسن صلاح الصغير، الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، على تنظيم لجنة المرأة للقاءات النقاش، قائلًا: «اتفق على أنه في مجال الندوات والمناقشات، لأول مرة أشعر بنقطة نظام وتفاعل، وتقدير للمسئولية، ولعل هذا الأمر يرجع إلى أننا انطلقنا من أرضية اتفقنا عليها وهي التجرد في الطرح والمناقشة».
وتابع: «أتوقع أن مثل هذا الحوار البناء الهادئ العلمي والعملي، أن يصل إلى أفضل تصور متعلق بقانون الأحوال الشخصية»، مشيرا إلى أن قيمة اللقاء تتمثل في الحديث والحوار مع أعضاء القضاء الواقف من المحامين الذين أثقلتهم الحياة العملية والممارسة المهنية بالخبرات، فهم أكثر من يعلمون عن القانون وعن قانون الأحوال الشخصية بشكل خاص.
وذكر «صلاح» أن القضية المطروحة هي قضية عملية وتحتاج مهارة كبيرة لتعلقها بالزواج العرفي، وكيفية إثبات العلاقة الزوجية والنسب.
وعن رأيه في موضوع إضافة تحليل (DNA) في وثيقة الزواج، أشار إلى أن الاستفادة من التقدم التقني والعلمي بعمل الفحوصات ما دامت تسد بقدر المكان باب الادعاءات أو الإنكار شيء جيد يحافظ على النسب، ويحد من حالات الزواج العرفي.
ورأى أن الحد من الزواج العرفي يكون بالتقنين والتجريم، وكل الزيجات العرفية القائمة قبل صدور القانون تخضع للتقنين، وأيضًا السماح بالتصادق على الزواج، لكن التقنين المطلق سيفسد الأمر، فيجب وجود التجريم لعدم الإقدام على هذا الفعل.
ورحب «صلاح» بعقد بروتوكول تعاون بين الأزهر الشريف ونقابة المحامين، والمشاركة في برنامج مودة، حيث تمتلك نقابة المحامين أعضاء في شتى أنحاء الجمهورية من شأنها المشاركة الفاعلة في هذا البرنامج التوعوي.
تقسيم المهر إلى مقدم ومؤخر
وعن مسألة أساس تقسم المهر إلى مقدم ومؤخر ومدى شرعيته، قال إن قاعدة التقديم والتأخير هي قاعدة معاملات مالية، فالأمر قضية تراضي، والعرف استقر على وجود مقدم ومؤخر، وهذه القضية لا تثير إشكالا كبيرا.
وأشار إلى أن المغالاة في المؤخر غالبًا يكون بسبب عدم تمكن ولي الزوجة من المتقدم إلى ابنته، مؤكدًا أن كل صاحب حق مالي مستحق بمقتضى عقد أو اتفاق له الحق في أن يأخذه نقدًا أو بتقديم وتأخير البعض منه.
قائمة المنقولات الزوجية
وأبدى عدة ملاحظات على قائمة المنقولات الزوجية، أولها ترويسة قائمة المنقولات، حيث يرد فيها (تسلمت على سبيل الأمانة)، فكيف يستقيم ذلك مع الرضاء بالاستخدام، فقيمة المنقولات تتغير، ولذلك إدخال المسألة تحت قضية خيانة الأمانة تسبب فجوة كبيرة.
وأجاب على سؤال هل تدخل قائمة المنقولات ضمن المتنازل عنه باعتبارها من المهر، قائلًا «بتقنين ما جرى عليه العرف إنها جزء من المهر، للتصدي للمغالاة في المهر»، وترد الشبكة على أي حال، لكن الحديث يكون في الهدايا، والضرر الواقع.
وتطرق الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إلى موضوع الخلع والإشكاليات التي يجب أن يعمل على حلها القانون محل الإعداد.
تصور مشترك لقانون الأحوال الشخصية
من جهته، اقترح الدكتور ياسر الشاذلي، المحامي بالنقض، ومستشار نقيب الأشراف، أن يكون هناك بروتوكول تعاون بين نقابة الأشراف مع مؤسسة الأزهر الشريف ونقابة المحامين العريقة ممثلة في لجنة المرأة، في وضع تصور مشترك لقانون للأحوال الشخصية، مؤكدا أن المحور محل المناقشة هو من المحاور المفصلية في قانون الأحوال الشخصية، والخاص بالزواج العرفي، وحالات إنكاره، وكيفية إثبات النسب.
وقال بضرورة توثيق عقود الزواج العرفي من أجل مصالح أهمها حفظ حقوق الطرفين، مشيرًا إلى أن تنظيم وتقنين الزواج العرفي مصلحة عليا وتجريمه أمر خطير، ويجب إقرار المبدأ الشرعي ومواجهة مشاكل التطبيق.
وأكد «الشاذلي» أنه يجب مع التوصيات أن تخاطب اللجنة قيادة الدولة والبرلمان ويقدم القانون القانون إلى جانب جميع المشاريع المقدمة، وأن يعتبر القانون من القوانين الرئيسة المكملة للدستور، لأنه ينبني عليه المجتمع، مشيرا إلى ضرورة أن يكون هذا العمل إصلاحي متجرد، وضرورة تدخل رجال الدين بالوعظ والإرشاد وإصلاح ذات البين في هذه المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية.
وعاود مطالبته بأن يتطور الانسجام الموجود في اللقاء بين المؤسسات الثلاث، إلى تشكيل لجنة مشتركة للمؤسسات الثلاث لصياغة مشروع القانون، قائلًا: «اجتماع المؤسسات الثلاث على رأي منسجم بخلفياتها، وبقيادة لجنة المرأة في النقابة العامة للمحامين، ينتج عنه لجنة مشتركة تضع تصور مصاغ بعناية للقانون المقترح من قبل الجهات الثلاثة بعد الاطلاع على جميع المحاولات المطروحة على الساحة، ورفعها إلى قيادة الدولة ممثلة في رئيس الجمهورية والبرلمان».
كما انحاز إلى رأي التقنين والتجريم في مسألة الزواج العرفي، مع إعطاء القاضي الجنائي السلطة التقديرية في الإعفاء من العقاب.
زواج الطلبة في الجامعات
وعن موضوع زواج الطلبة في الجامعات، قال بضرورة إنتاج خطاب اجتماعي مؤسسي يعمل على نضج الطلبة، فالقانون لن يمنع الانحراف ولكن من الممكن أن يقلل منه، والمجتمع يحتاج إلى إعلاء من شأن التوجيه والتربية.
وعن رأيه في أساس تقسم المهر إلى مقدم ومؤخر ومدى شرعيته، قال إن تقسيم المهر أمر جائز، وقائمة المنقولات قضية شائكة ومن الأمور المثارة على الساحة، باعتبارها جزءت من المهر.
وتابع: «ضمان حقوق المرأة أمر مهم وأصل من أصول عقد الزواج، وعملية التوازن بين حقوق الطرفين أمر هام».
وأنهى حديثه قائلًا: «نرى أن قائمة المنقولات يجب أن تكون معبرة فعلًا عن حقيقة المنقولات، وأن تسحب من التجريم العقابي فتخرج من نطاق خيانة الأمانة، فتكون دين مدني، وقائمة المنقولات تعتبر جزءا لا يتجزأ من المهر، لكن تخرج من التأثيم العقابي كخيانة أمانة».
موضوعات على طاولة النقاش
يذكر أن اللجنة وضعت على طاولة النقاش الموضوعات الآتية:
1- سن الحضانة للنساء.
2- النسب، وهل ابن الزنا لا ينسب إلى أبيه؟ ورواية الحديث لقول الرسول عليه الصلاة والسلام (الولد للفراش وللعاهر الحجر).
3- للحد من الزواج العرفي الحل التجريم أو التقنين.
4- أساس تقسيم المهر لمقدم ومؤخر.
5- الشبكة عند فسخ الخطوبة متى ترد ومتى يحتفظ بها؟ وهل هناك قاعدة عامة أم كل حالة على حدا؟
6- الخلع هل المقصود بالحديقة في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام المهر فقط أم كل ما أهداه لها؟ وهل الحديث له صلة بالآية رقم 229 سورة البقرة حيث قال تعالى (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ).