يبدو تريليون دولار رقما ضخما بأي شكل، والذي بات يمثل حجم النقص في الميزانية الذي يواجه المقاطعات الصينية، مما يقلل من قوتها المالية لتمويل الإنفاق على البنية التحتية والتخفيضات الضريبية، ويزيد من المخاطر بالنسبة لثاني أكبر اقتصاد في العالم في عام 2023.
ولا يمكن أن يكون التوقيت أسوأ بالنسبة لصانعي السياسة في بكين، حيث يتأرجح الاقتصاد تحت وطأة مخاطر الركود العالمي، وارتفاع تكاليف السلع الأساسية، وتزايد التوترات الجيوسياسية، وتفشي عمليات الإغلاق الواسعة لفيروس كورونا في الداخل.
ولطالما كانت الحكومات المحلية بمثابة المضخة التمهيدية للنمو الصيني، لكن انخفاض إيرادات مبيعات الأراضي الحكومية في أعقاب الحملة المستمرة على الديون في القطاع، أدى إلى تآكل قوتها المالية بشدة، وهو وضع تفاقم هذا العام بسبب النمو الضعيف للصين وضعف الضرائب.
تزامن ذلك، مع مطالب للحكومات المحلية لتسديد مدفوعات الديون في الأشهر المقبلة، مما ينذر بمزيد من الألم المالي ويحد من قدرتها على تلبية طلبات بكين لزيادة الإنفاق.
وقد لجأ الكثير منهم بالفعل إلى خفض الرواتب وخفض أعداد الموظفين وخفض الدعم وحتى فرض غرامات باهظة بشكل غير متناسب لمواجهة النقص في الميزانية، وفقاً لما ذكرته “رويترز”، واطلعت عليه “العربية.نت”.
وفي الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي، سجلت 31 منطقة على مستوى المقاطعات في الصين فجوة بين الإيرادات العامة والنفقات بلغ مجموعها 948 مليار دولار.
وأظهرت حسابات “رويترز” من بيانات الحكومة المحلية في العقد الماضي أن هذا هو الأوسع في الفترة منذ 2012 على الأقل، حيث تعاني مقاطعات سيتشوان وخنان وهونان وغوانغدونغ المكتظة بالسكان من أكبر نقص.
وفي الفترة نفسها، تراجعت مبيعات الأراضي الحكومية، التي تم حسابها بشكل منفصل، بنسبة 28.5% على أساس سنوي إلى 3.37 تريليون يوان، مما يزيد الحاجة الملحة إلى استعادة الوضع المالي لشركات العقارات المدينة.
من جانبها، خفضت المحللة في وكالة “موديز”، جينيفر، توقعاتها للنمو في الصين من 8.1% في عام 2021، إلى 3.5% خلال 2022.
وفي الماضي، تم تعويض النقص إلى حد كبير عن طريق تحويل المدفوعات من الحكومة المركزية والأموال المرحلة من السنوات السابقة، لكن المحللين يقولون إن تباطؤ النمو الاقتصادي قد يحد من أي مساعدة من هذا القبيل هذه المرة.
ضغوط الديون
بدوره، قال كبير محللي الاقتصاد الكلي في يوكاي للأوراق المالية، لوه تشيهينغ، إنه يمكن زيادة حصص سندات الخزانة، بحيث يمكن تحويل بعضها إلى الحكومات المحلية لتخفيف ضغوطها المالية.
ومع ذلك، فقد حذر تشيهينغ من ضغوط على تدفقاتهم النقدية الضيقة بالفعل مع بلوغ ديون الحكومة المحلية المستحقة ذروتها في عام 2023 للفترة من 2021 إلى 2025.
إلى جانب بعض الديون المستحقة لشركات التمويل الحكومية المحلية الخاصة أو ما يعرف بـ (LGFVs) – شركات الاستثمار التي تبني مشاريع البنية التحتية – سيكون هذا العام والعام المقبل أكثر ضغوطاً على الحكومات المحلية، على حد قول تشيهينغ.
ومن المقرر سداد حوالي 380 مليار يوان من سندات LGFV الداخلية من المقاطعات الأضعف اقتصادياً في الأشهر الـ 12 المقبلة، وفقاً لتقرير “موديز” في أغسطس.
عبء ثقيل
وفي تسليط الضوء على الضغط على الموارد المالية، قالت مقاطعات شاندونغ وشانشي وخنان وتشجيانغ، وكذلك بلدية تيانجين، إنها خصصت جميعاً حسابات الموظفين المدرجة في الميزانية للوكالات الحكومية في الأشهر الأخيرة.
وعلاوة على ذلك، فرض بعض منظمي السوق على مستوى القواعد الشعبية غرامات باهظة للغاية على الشركات الصغيرة لزيادة الإيرادات.
ووفقاً لمنصة الإعلام المالية (Yicai)، قفزت إيرادات الحكومات المحلية من الغرامات والمصادرات بنسبة 10.4% في الفترة من يناير إلى يوليو على أساس سنوي.
كما أدى الإنفاق الإضافي على احتواء تفشي فيروس كورونا إلى إجهاد مالية الحكومة المحلية.