«سباق مع الزمن» لتجنب توسع النزاع في لبنان – مشاهير

إسلام جمال25 أكتوبر 20241 مشاهدة
«سباق مع الزمن» لتجنب توسع النزاع في لبنان – مشاهير


في جنوب لبنان… قوات حفظ السلام بين فكي كماشة

خلال انعقاد المؤتمر الدولي الموسع حول لبنان في باريس، الخميس 24 أكتوبر (تشرين الأول)، بمبادرة من فرنسا، كانت مسألة إعادة النظر في تفويض قوات حفظ السلام التابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) والتي يبلغ قوامها نحو 10 آلاف جندي، إحدى القضايا الرئيسية في المؤتمر. فمنذ بدء الهجوم الإسرائيلي على جنوب البلاد في 23 سبتمبر (أيلول)، لم تعد قوات «يونيفيل» قادرة عملياً على ممارسة تفويضها، كما أنها تتعرض بشكل متزايد لتجاوزات الصراع بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله»، حسب تقرير الخميس لصحيفة «لوموند» الفرنسية.

وقد كرر وزراء دفاع الدول الأوروبية الخمس عشرة المشاركة بقوات في «يونيفيل»، في بيان مشترك صدر في أكتوبر، «قلقهم العميق» إزاء تصاعد العنف على طول الخط الأزرق الذي من المفترض أن يحميه الخوذ الزرقاء (قوات يونيفيل) من الأعمال العدائية منذ صدور التفويض خلال الحرب الأخيرة في لبنان عام 2006.

وأدانت بشكل خاص فرنسا وألمانيا واليونان والمجر أو حتى هولندا وبولندا التعرّض لقوات «يونيفيل»: «نحن ندين استهداف قوات حفظ السلام التابعة لـ(يونيفيل) في انتهاك للمبادئ الأساسية للقانون الدولي».

التعرّض لإطلاق النار

وفي 16 أكتوبر، ضربت دبابة ميركافا تابعة للجيش الإسرائيلي برج مراقبة لموقع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان بالقرب من بلدة كفركلا. وقالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان في بيان، إن كاميرتين دُمرتا ولحقت أضرار ببرج المراقبة. وقبل ذلك بيومين، كانت قوات «يونيفيل» قد نددت بالدخول «القوي» لدبابتين إسرائيليتين إلى أحد مواقعها؛ ما أدى إلى إصابة شخصين. حادث بسيط، بحسب الجيش الإسرائيلي، أدى إلى انسحاب دبابتين وقت الحادث، من أجل «إخلاء الجنود الجرحى، أثناء تعرضهم لنيران العدو». ولكن في 11 أكتوبر، أصيب اثنان من قوات حفظ السلام بعد إطلاق النار من قِبل الجيش الإسرائيلي على مقربة من برج المراقبة الخاص بهم.

وفي هذه المساحة الضيقة للغاية في جنوب لبنان «تقع قوات (يونيفيل) اليوم في منتصف نطاق الرماية»، كما يلخص أحد المراقبين المتمرسين. قرب قوات «يونيفيل» المباشر من القتال، يشل اليوم نشاط أصحاب الخوذ الزرقاء.

جنود حفظ السلام التابعون لـ«يونيفيل» يقومون بدورية بالقرب من نقطة تفتيش للجيش اللبناني ببلدة برج رحال في قضاء صور بالجنوب 24 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

تقول أميلي فيري، المتخصصة في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني والباحثة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية: «حتى قيام قوات (يونيفيل) بدورهم كرجال إطفاء، لتنظيف الطرق، ووقف الحرائق، وإنقاذ الناس من تحت الأنقاض، أو حتى تقديم المساعدات الإنسانية، أصبح معقداً للغاية».

ويؤكد العقيد كريستوف مورين، قائد القوات الفرنسية في الموقع: «نحن نقوم بتحركاتنا بطريقة أكثر تقييداً مما كانت عليه قبل 23 سبتمبر. الأوضاع متدهورة، لكننا مستمرون في الخروج (بمهمات) كل يوم».

ويمارس الجيش الإسرائيلي ضغوطاً ولا يزال يطالب برحيل قوات «يونيفيل». وتقول الباحثة فيري «إن وجود قوات (يونيفيل)… يعيق ويعقّد ويؤخر التقدم العسكري الإسرائيلي». وتضيف: «إحدى المهام الأخرى لـ(يونيفيل) هي تقديم تقرير للأمم المتحدة عما يحدث على الخط الأزرق، لكن الإسرائيليين لا يريدون جيشاً يراقبهم أيضاً».

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) على طول الجانب اللبناني من الحدود مع إسرائيل كما شوهدت من إسرائيل الخميس 6 يوليو 2023 (أ.ب)

استغلال «يونيفيل»

ومن ناحية «حزب الله»، الذي يظل قوات غير نظامية لا تعمل بالضرورة بشكل علني، فالحزب يستغل بانتظام مواقع قوات «يونيفيل»، كما تتفق الكثير من المصادر، بحسب تقرير «لوموند».

وفي منتصف أكتوبر، نظم الجيش الإسرائيلي جولة صحافية لإظهار الكثير من الأنفاق التي حفرها «حزب الله» بالقرب من موقع لـ«يونيفيل». وتم اكتشاف مخبأ مماثل لمئات أخرى عدة من المخابئ في الأسابيع الأخيرة في منطقة عمل «يونيفيل»، بحسب الجيش الإسرائيلي.

«في كثير من الأحيان، بعد فترات التوتر بين الإسرائيليين و(حزب الله) في المنطقة الواقعة تحت ولاية (يونيفيل)، يمكننا أن نشهد دخول وذهاب الشاحنات التي أرسلها (حزب الله) لإعادة بناء البنية التحتية المدمرة والإخلاء من الأنفاق…»، يقول ضابط سابق يعمل في «يونيفيل».

وتضيف السيدة فيري: «إن هذا الوضع يغذي فكرة لدى جزء من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بأن (يونيفيل) تراقب ما تفعله إسرائيل أكثر بكثير مما يقوم به (حزب الله)». وتابعت «فكرة أن (يونيفيل) راضية على الأقل عن (حزب الله)، هي الطريقة التي تنظر بها إسرائيل إلى الأمور… لكن انتشار قوات (يونيفيل) لا يتم بشكل عشوائي، فهو مصمم أيضاً على أساس محاور ومفترقات طرق رئيسية، بجوار القرى الحساسة التي تتوافق بالضرورة أيضاً مع أهداف الجيش الإسرائيلي»، يوضح أحد المطلعين الجيدين على الملف.

التحدي الأكبر، في السياق الحالي، أمام الجنود المشاركين في قوات «يونيفيل»، هو تجنب ما يعدّه عدد معين من المراقبين سيناريو كارثياً. وهذا يعني الوضع الذي سيتم فيه استهداف موقع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان ومكان الرد عليه، حسب تقرير «لوموند».

لدى الجيش الإسرائيلي إجراءات، فهو معتاد على تفادي الاشتباك، لكن إذا كان هناك هدف صحيح تم تحديده، وكان بالقرب من موقع تسيطر عليه قوات «يونيفيل»، فلن تفكر (إسرائيل) مرتين. وإذا رأت إسرائيل أن هناك خطراً على قواتها، فسوف تقوم أولاً بتقييم المخاطر التي تواجهها، يقول المصدر نفسه المطلع على الملف.

أفراد من الكتيبة الفرنسية التابعة لقوات الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل) أثناء زيارة وزير القوات المسلحة الفرنسي إلى قرية دير كيفا في جنوب لبنان 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

سياسة التجنّب

وتستخدم قوات «يونيفيل»في الوقت الحالي «التجنب» طريقةً رئيسية في التعامل مع الوضع. «مهمتنا هي عدم إلقاء أنفسنا في وسط القتال»، يؤكد العقيد مورين، مذكراً بأن «يونيفيل» ليس لها الحق في استخدام القوة.

إن قوة «يونيفيل» ليست مصممة لمنع إسرائيل من دخول لبنان أو للحد من التصعيد بين المعسكرين. «إنه ليس جداراً»، يقول العقيد ميشيل غويا، مؤلف الكثير من الكتابات حول الشرق الأوسط.

أحد الحلول التي يسعى إليها حالياً عدد من الدول المساهمة في «يونيفيل»، بما يتجاوز تطور تفويض قوة الأمم المتحدة، هو تعزيز قدرات الجيش اللبناني، الذي يواجه منذ فترة طويلة مشاكل نقص المعدات والتدريب والتجنيد.

وأوضح مصدر في الإليزيه، الأربعاء، أن «السؤال الذي يطرح نفسه هو انتشار أكثر فاعلية وأوسع للقوات المسلحة اللبنانية جنوب نهر الليطاني، وهي المنطقة التي أصبحت اليوم هدفاً للتوغلات والضربات من الجانب الإسرائيلي». ولتحقيق ذلك؛ من المتصور بشكل خاص اتخاذ تدابير لتوفير المعدات العسكرية للجيش اللبناني.


المصدر : وكالات

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل