في مثل هذا اليوم، 20 مايو، من عام 2022، رحل عن عالمنا الفنان الكبير سمير صبري، بعد أن ترك بصمة لا تُنسى في سجل الفن المصري والعربي، كأحد أبرز نجوم التمثيل والإذاعة والتقديم التلفزيوني. ورغم مرور ثلاث سنوات على وفاته، لا تزال سيرته، وحكاياته، وإبداعاته، حاضرة في وجدان جمهوره ومحبيه.
خدعة «بيتر».. بداية الطريق إلى شارع الفن
ربما لا يعرف كثيرون أن بوابة دخول سمير صبري إلى عالم الفن بدأت بـ”خدعة” صغيرة لكنه أدارها بذكاء وموهبة لافتة. في مذكراته التي حملت عنوان “حكايات العمر كله”، حكى سمير كيف أقنع العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ أنه شاب أمريكي يُدعى “بيتر”، ليستغل إجادته للغة الإنجليزية – بعد تخرجه من فيكتوريا كوليدج – في التقرب من النجم الشاب وقتها.
يقول سمير صبري: “سكنت في نفس العمارة التي يسكنها عبد الحليم، وعلى مدار عام كامل أوهمته أنني أجنبي معجب بالأغاني العربية، فكان يمنحني كل ما هو جديد من صوره وأسطواناته، حتى اكتشف في النهاية أنني مصري واسمي سمير”.
ورغم انكشاف الخدعة، إلا أن العلاقة بينهما تحولت لصداقة قوية، مهدت الطريق لسمير لدخول الإذاعة والتلفزيون. فكان عبد الحليم هو من أخذه إلى تصوير أغنية “بحلم بيك” في فيلم حكاية حب، وهناك التقى بالإعلامية آمال فهمي والفنانة لبنى عبد العزيز، التي كانت تقدم برنامج ركن الأطفال باسم “العمة لولو”، لتكون هذه أولى خطواته المهنية، بأجر 50 قرشًا، كما يروي.
فنان شامل.. صوت وصورة وحضور
منذ ذلك الحين، شق سمير صبري طريقه بثبات وذكاء. برع في تقديم البرامج الإذاعية والتلفزيونية، لكنه لم يتوقف عند ذلك، بل تألق أيضًا في التمثيل بجوار عمالقة الفن مثل عادل إمام، فؤاد المهندس، شادية، سعاد حسني، ورشدي أباظة.
ترك بصمات مميزة في برامج المنوعات، ومنها: “هذا المساء”، “النادي الدولي”، “كان زمان”، “ليلة في شارع الفن”، “من غير كلام”، و”سنة أولى هوا”. بأسلوبه اللبق وثقافته الواسعة وحضوره المرح، استطاع أن يخلق حالة خاصة مع ضيوفه وجمهوره على حد سواء.
إرث لا يُنسى
رحل سمير صبري بجسده، لكنه ترك إرثًا فنيًا متنوعًا، لا يقتصر على التمثيل أو التقديم، بل يمتد إلى كونه مؤرخًا لذاكرة الفن المصري، وصديقًا وفيًا لنجوم الزمن الجميل. ظلّ حتى آخر أيامه محبًا للحياة، عاشقًا للفن، وصاحب كلمة رقيقة وحكاية ممتعة لا تملّ منها الأذن.
في ذكراه، نقف أمام قصة فنان شغوف، عرف كيف يصنع مجده بإصرار، حتى لو كانت البداية “خدعة بيتر”!