أصبحت الحروب في العصر الحديث غير مقصورة على الدبابات والصواريخ بل انتقل الصراع الى فضاء جديد يسمي الفضاء السيبراني.
وباتت الهجمات الإلكترونية سلاحاً فعالا يهدد سيادة الدول وأمنها القومي واستقرارها السياسي والاقتصادي بل ويؤثر على حياة المواطنين بشكل مباشر.
وفي البداية نود تعريف الحروب السيبرانية، فالحرب السيبرانية هي استخدام الهجمات الإلكترونيّة المنظمة لتعطيل البنية التحتية للدول أو سرقة بياناتها أو التأثير على مؤسساتها السياسية والاقتصادية، وخطورة هذا النوع من الحروب تكمن في أنه لا يحتاج الى إعلان حرب تقليدية بل يتم عن بعد وبتكاليف منخفضة نسبيا لكنه قادر على شل دول كاملة.
وهناك أمثلة واقعية حدثت بالفعل، ففي أوكرانيا عام 2015، شهدت هجمات إلكترونية استهدفت شبكة الكهرباء، أدت الى انقطاع التيار عن مئات الآلاف من المواطنين، وهذه الحوادث اثبتت ان الهجمات السيبرانية قد تعادل تأثير القصف العسكري على الارض.
وأيضاً في ايران عام 2010 – هجوم(Stuxnet) فيروس ستكسنت الشهير ضرب منشاَت نووية ايرانية، ودمر الاف أجهزة الطرد المركزي، ووُصف هذا الهجوم بأنه أول سلاح سيبراني يحدث ضررا ماديا مباشراً على البنية التحتية لدولة.
كما أنه هناك مثالا حياً في دولة عربية وهي السعودية في عام 2012، شركة ارامكو السعودية تعرضت لهجوم فيروس Shamoon الذي مسح بيانات اكثر من 30 ألف جهاز كمبيوتر، وهذا الهجوم استهدف شل واحدة من أكبر شركات الطاقة عالميا وأظهر كيف يمكن للفضاء الإلكتروني أن يستخدم لإلحاق أضرار اقتصادية جسيمة.
وأيضاً في دولة عملاقة مثل الولايات المتحدة عام 2016، والاتهامات الموجهة لروسيا بالتدخل الإلكتروني في الإنتخابات الرئاسية الامريكية ومثلت ضربة قوية لثقة المواطنين في النظام الديمقراطي الأمريكي وأكدت أن السيادة السياسية ليست في مأمن من الحروب السيبرانية.
وتأثير الحروب السيبرانية على السيادة الوطنية للدول كثيرة، وتؤدي لضعف شخصية الدولة وتهز السيادة الوطنية مثل، إضعاف الثقة في الدولة، فتسريب البيانات او تعطيل الخدمات يفقد المواطن ثقته في مؤسسات بلده، وتهديد الامن القومي، فالهجمات قد تطال الجيش، المخابرات، والانظمة الدفاعية، والتدخل في الشؤون الداخلية، مثل التأثير على الانتخابات أو الراي العام، وكذلك ضرب الاقتصاد، عبر استهداف شركات الطاقة، والبنوك، أو البورصات.
وما نستخلصة من هذا الموضوع أن الحروب السيبرانية لم تعد مستقبلا متوقعا بل واقعا حاضرا
لدول مثل ايران، اوكرانيا، السعودية، والولايات المتحدة تعرضت بالفعل لهجمات هزت استقرارها الداخلي وهددت سيادتها، وإن مواجهة هذا التحدي تتطلب استراتيجيات شاملة تشمل تعزيز الامن السيبراني، ووضع تشريعات رادعة، ورفع وعي المواطنين، والتعاون الدولي لمواجهة هذه التهديدات العابرة للحدود.