دهشة كبيرة أصابت علماء الفضاء والمهتمين بعلومه حول العالم، بعد الكشف عن أولى صور التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» من داخل البيت الأبيض وبمشاركة الرئيس الأمريكي جو بايدن الثلاثاء الماضي، والتي رصدت عددًا من المجرات على حافة الكون لم تُكتشف بعد؛ عقب 800 مليون عام من الانفجار الكوني العظيم، فما الذي يمكن أن يقدمه أيضاً تلسكوب تطلب بناؤه 30 عامًا؟ وبلغت تكلفته 10 مليارات دولار، ووصل إلى بُعد 1.5 مليون كيلو متر من الأرض.
أهداف التلسكوب جيمس ويب القريبة والبعيدة
يقول الدكتور علاء النهري، نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم وتكنولوجيا الفضاء بالأمم المتحدة عن أهداف تلسكوب الفضاء جيمس ويب: «إن هناك ثماني مخرجات متوقعة من التلسكوب الفضائي جيمس ويب؛ أهمها رصد بعض الأحداث والأجرام الفلكية الأكثر بُعدًا في الكون، مثل اكتشاف كواكب جديدة، ونجوم ولدت مخبأة خلف أغطية سميكة من الغبار الكوني، والمخرج الثاني يتمثل في اكتشاف كويكبات ومذنبات جديدة في نظامنا الشمسي، كذلك استكشاف العصور المبكرة للكون وعلم الفلك وتكوُّن المجرات الأولى، وإعداد توصيف تفصيلي للأغلفة الجوية للكواكب خارج النظام الشمسي التي من المحتمَل أن تكون صالحة للحياة.
وأضاف «النهري»، في تصريحات لـ«الوطن» أن المخرج الرابع هو دراسة سديم القاعدة وهو من أكثر السحب الكونية والتي تحتوي على أكبر النجوم وأشدها لمعانا في مجرتنا (درب التبانه) وتلك السحب على مسافة من 7000 إلى 10000 سنة ضوئية، أما الهدف الخامس فهو دراسة سديم الحلقة الجنوبي وهو سديم كوكبي لامع على مسافة 2000 سنة ضوئية، كذلك دراسة «خماسية ستيفان» وهى مجموعة من خمس مجرات في كوكبة الفرس الأعظم، ودراسة عناقيد المجرات وهي عدد من المجرات تجمعت مع بعضها لتكون بضعة مئات إلى آلاف المجرات، أما المخرج الثامن والأخير فهو اكتشاف المجرات الموجودة على حافة الكون المرئي.
من هو جيمس ويب الذي أطلق اسمه على التلسكوب؟
وتمت تسمية التلسكوب الفضائي على اسم جيمس إدوين ويب الذي عمل مديرًا لناسا من سنة 1961 إلى سنة 1968 ولعب دورًا أساسيًا في برنامج أبولو، وتم إطلاقه في 25 ديسمبر 2021، وبدأ جيمس ويب أعماله بعد ستة أشهر من إطلاقه.
18 قطعة من المرايا
أما مكونات «جيمس ويب»، فأوضح «النهري» أن المرآة الأساسية لمقراب جيمس ويب، تتكون من 18 قطعة من المرايا سداسية الأضلاع المصنوعة من البيريليوم لخفة وزنه والمطلي بالذهب لتوفير انعكاس أمثل للأشعة تحت الحمراء القادمة من أعماق الكون والذين اتحدا سويا لتكوين مرآة قُطرها 6.5 مترً، وهي أكبر بكثير من مرآة تلسكوب هابل التي تبلغ 2.4 مترًا، بالإضافة إلى ذلك، تم إضافة مجسات دقيقة إلى التلسكوب، والتي تخدم بشكل أساسي من أجل التقاط صور الأجسام في الفضاء وتحليل الإشعاع باستخدام التحليل الطيفي من أجل فهم الخصائص الفيزيائية والكيميائية للمواد الكونية كما يتوفر على التلسكوب أنظمة إمدادات الطاقة والدفع والاتصالات والتوجيه ومعالجة البيانات وبعكس سابقه التلسكوب هابل، لا يدور التلسكوب جيمس ويب حول الأرض، ولكن يدور حول الشمس.
كيف يعمل التلسكوب جيمس ويب؟
وعن كيفية عمل جيمس ويب أوضح «النهري» أنه على عكس تليسكوب هابل الذي يرصد الأطياف القريبة من الأشعة فوق البنفسجية والمرئية، والقريبة من الأشعة تحت الحمراء يرصد تليسكوب جيمس ويب في نطاق أوسع حيث يمتد من الضوء المرئي طويل الموجة حتى منتصف الأشعة تحت الحمراء أى من 0.6 إلى 28.3 ميكرومتر، وهو ما يسمح له برصد الأجرام ذات الازاحة الحمراء العاليه فلو أن نجماً يتزايد ابتعاده عن كوكب الأرض بسبب تحركه بعيداً عنها، وكان الضوء الصادر من هذا النجم ضوءًا أصفر، فإن هذا الضوء نتيجة تزايد ابتعاد النجم يتم إزاحته في اتجاه اللون الأحمر، والعكس يحدث إذا كان النجم يتحرك في إتجاه الأرض، فبسبب حركته ينضغط طول موجة شعاع الضوء القادم إلينا فتصبح قصيرة نسبيا ًمما يجعل الطيف الذي نسجله لهذا النجم مزاحاً في إتجاه اللون البنفسجي من الطيف ولا يستطيع مقراب هابل الفضائي الرصد في ذلك الحيز من الأشعة تحت الحمراء.
كيف يحمي جيمس ويب نفسه من حرارة الشمس؟
يوضح «النهري» أن التلسكوب جيمس ويب مزود بدرع شمسي حاجب الشمس تبلغ مساحته حوالي 21 م × 14 متر وهو أكبر من أن يتناسب مع أي صاروخ موجود، لذلك تم طيه ليتناسب مع انسيابية صاروخ الإطلاق وتم نشره وفرده بعد الإطلاق وهو يتكون من خمس طبقات من البلاستيك المطلي بالمعدن؛ الطبقة الأولى هي الأكبر، ويقل حجم كل طبقة متتالية، وكل طبقة مصنوعة من طبقة رقيقة ومغطى بغشاء مطلي بالألمنيوم لتقوية الانعكاسية، وتغطى الطبقات الخارجية التي تواجه الشمس بطبقة من السيليكون تعطيها لونًا أرجوانيًا، يقوي الدرع ويساعده على عكس الحرارة والضوء ويُبقي الدرع الشمسي الكبير المصنوع من السليكون والكابتون المغلف بالألومنيوم درجة حرارة مرآته وأجهزته أقل من 223 درجة مئوية وسوف يحوم حول تلك النقطة في مدار دائري ليقوم بالرصد.
وأعلنت ناسا الثلاثاء الماضي عن صورة في ضوء الأشعة تحت الحمراء، كشفت عن مناطق لم تكن مرئية من قبلُ لولادة النجوم، وأظهرت الصورة القدرة الخارقة لكاميرات التلسكوب فائق القدرة بالنظر عبر الغبار الكوني، وهو ما يوضح كيفية تشكُّل النجوم، وهي صور كان من الصعب رصدُها في الوقت السابق.