من بين دول العالم العربى، تبدو الأوضاع فى سوريا وليبيا واليمن أكثر صعوبة من غيرها، فالدولة الوطنية فى الدول الثلاث تعرضت لشبح السقوط والتفكك مع موجة ما عُرف بـ«ثورات الربيع العربى» فى 2011 و2012، وتشابهت الدول الثلاث فى انتشار الفوضى والنزاعات المسلحة وصعود الجماعات الإرهابية، وبعد مرور أكثر من 10 سنوات على تلك المشاهد، لا تزال شعوب البلدان الثلاثة تتشارك فى حلم بناء الدولة الوطنية من جديد واستعادة الأمن والاستقرار والسيادة الكاملة على أراضيها.
فى سوريا، اندلعت الشرارة الأولى لما يعتبره البعض «ثورة» ويراه آخرون «مؤامرة» فى مارس 2011، وبعد هذا التاريخ دخلت البلاد فى نفق من الفوضى والإرهاب والمواجهات المسلحة، مرت نحو 11 سنة ولا يزال الرئيس السورى بشار الأسد على رأس السلطة، لكن البلاد لم تعد سوريا قبل ذلك التاريخ. ويرجع الدكتور أيمن سوسان، معاون وزير الخارجية والمغتربين فى سوريا، كل تلك التغييرات إلى التدخلات الخارجية والإرهاب بكل أشكاله، معتبراً أن «إرادة السوريين هى وحدها السبب فى الحفاظ على الدولة من السقوط حتى اللحظة الحالية».
«الخارجية السورية»: هناك من يسعى لنهب ثرواتنا
وأضاف «سوسان» لـ«الوطن» أن بعض الدول -لم يسمّها- لا تزال تحاول أن تتجاهل إرادة الشعب السورى، وتسعى للتدخل فى الشئون السورية ودعم الإرهابيين وزيادة معاناة السوريين، مضيفاً: «الإرهاب ليس سلاحاً فحسب، فهناك أيضاً الإرهاب الاقتصادى بتوجيه الدعم المالى للجماعات المرتزقة والإرهابية، فى حين محاولة ممارسة ضغوط اقتصادية على الدولة لزيادة المعاناة ونهب الثروات»، مؤكداً أن إعادة بناء الدولة السورية لا تكون إلا من خلال دعم الشعب السورى والقيادة السورية الشرعية، والكف عن توجيه المساعدات للإرهابيين، متابعاً: «سوريا قادرة على استعادة دورها وعافيتها وقدراتها».
خبير أمنى ليبى: حل الميليشيات يرد هيبة الدولة
فى ليبيا، قد تكون الأمور أكثر سوءاً، بحسب المستشار رمزى الرميح، مستشار المنظمة الليبية لدراسات الأمن القومى، والمسئول السابق فى وزارة الدفاع الليبية، الذى أكد أن الأزمة الليبية «هى أزمة أمنية بالمقام الأول، قبل أن تكون سياسية، وبالتالى فى حاجة لحل أمنى وعدم الاكتفاء بالحل السياسى»، موضحاً أن الحل الأمنى الذى يقصده هو حل جميع الميليشيات المسلحة ونزع سلاحها وإخراج من وصفهم بـ«المرتزقة»، وبناء مؤسسة عسكرية قوية وموحدة من أجل استعادة الدولة الوطنية الليبية.
وأضاف «الرميح» لـ«الوطن» أن استعادة الدولة الليبية ليست مستحيلة، لكنها تحتاج إلى حل كل الميليشيات وبناء مؤسسة عسكرية قوية، ثم استكمال المسار السياسى لتنفيذ إرادة الليبيين، وليس إرادة «قوى خارجية استعمارية وصاحبة مصالح»، بحسب وصفه.
ورغم اختلاف المشهد والظروف، فإن التحديات تبدو قريبة بالنسبة إلى اليمن، حيث أكد أبوبكر القربى، وزير الخارجية اليمنى الأسبق، ضرورة إنهاء النزاع المسلح بين الأطراف داخل اليمن، والتمسك باستمرار الهدنة وبناء مؤسسات يمنية وطنية تدير وترعى المسار السياسى.
مسئول يمنى سابق: وحدة الشعب تبطل مخطط التقسيم
وحذر «القربى»، خلال حديثه لـ«الوطن»، من أن استمرار النزاع والحرب قد يؤدى إلى تقسيم الأراضى اليمنية.
وأشار إلى أن اليمنيين يتطلعون لاستعادة دولتهم والكف عن النار والحرب، إلا أن ذلك لا يمكن حدوثه دون وحدة الشعب اليمنى، والالتزام بمسار سياسى يحمل توافق جميع الأطراف من أجل بناء «اليمن الجديد».