يوم 23 من شهر آب/أغسطس 1939، أبرمت كل من ألمانيا والاتحاد السوفيتي معاهدة عدم الاعتداء، المعروفة أكثر باتفاقية مولوتوف ريبنتروب (Molotov–Ribbentrop)، والتي اتفق بموجبها الطرفان على تقاسم الأراضي البولندية بالأسابيع القليلة التالية.
وبالأشهر الأولى التي تلت اندلاع الحرب العالمية الثانية، اتجه السوفييت للتوسع أكثر بأوروبا حيث عمد الجيش الأحمر ما بين عامي 1940 و1941 لاحتلال كل من إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، إضافة لمناطق بيسارابيا وبوكوفينا الشمالية التي كانت قابعة تحت سيطرة رومانيا.
صورة لجنود سوفييت بإستونيا عام 1940
قائمة أعداء محتملين
تزامنا مع نجاح الجيش الألماني في احتلال فرنسا ما بين شهري أيار/مايو وحزيران/يونيو عام 1940 وبداية حملة القصف المكثف لسلاح الجو الألماني على المدن البريطانية، تخوّف السوفييت من إمكانية تنكر أدولف هتلر لاتفاقية مولوتوف ريبنتروب وإصداره لقرار بشن حملة عسكرية شرقا ضد الاتحاد السوفيتي. ومع تكثيف القصف الألماني على المدن البريطانية وارتفاع أعداد القتلى البريطانيين وظهور إشاعات حول قرب استسلام لندن، قرر المسؤولون السوفييت اتخاذ جملة من القرارات السريعة لتأمين حدودهم الغربية وتعطيل التقدم الألماني المحتمل بالأراضي السوفيتية.
وإضافة لأعداد الجنود السوفييت الكبيرة المتمركزة على الحدود الغربية، أمر جوزيف ستالين بتنظيم حملات اعتقال وترحيل ضد المخبرين والأعداء المحتملين للنظام السوفيتي بالمناطق التي احتلتها قواته ما بين عامي 1940 و1941.
وبناء على ذلك، جمعت مفوضية الشعب للشؤون الداخلية السوفيتية، المعروفة أكثر بإن كا فيه دي (NKVD)، معلومات حول المقيمين بهذه المناطق المحتلة لتتمكن فيما بعد من تحديد قائمة بأسماء الأعداء المحتملين للاتحاد السوفيتي.
صورة للقائد السوفيتي جوزيف ستالين
عشرات آلاف المرحّلين
برعاية مفوض الشعب للشؤون الداخلية لافرينتي بيريا (Lavrentiy Beria)، باشر الاتحاد السوفيتي يوم 22 أيار/مايو 1941 بعملية اعتقال وترحيل الأعداء المحتملين لموسكو بكل من لاتفيا وإستونيا وليتوانيا وبيسارابيا وبوكوفينا الشمالية. وقد تواصلت عملية الترحيل لحدود يوم 20 حزيران/يونيو من نفس العام، أي قبل يومين فقط من بداية الاجتياح الألماني للأراضي السوفيتية، وأسفرت عن اعتقال ونقل عشرات الآلاف قسرا نحو مناطق نائية بالاتحاد السوفيتي. وعلى حسب مصادر تلك الفترة، رحّل الرجال نحو مراكز الاعتقال والعمل القسري بسيبيريا أين فارق عدد كبير منهم الحياة بسبب البرد وسوء المعاملة. وفي المقابل، هجّرت النساء والأطفال نحو مواقع أخرى نائية بكل من نوفوسيبيرسك أوبلاست وكراسنويارسك كراي أين عانوا من ويلات الجوع والبرد والمرض.
حسب إحصائيات تلك الفترة، رحّلت السلطات السوفيتية 15 ألف إستوني، استقر 10 آلاف منهم بمراكز العمل القسري، و25 ألف لاتفي، أرسل 15 ألفا منهم نحو معسكرات العمل القسري، وحوالي 27 ألف ليتواني، نقل منهم 17 ألفا لمعسكرات العمل القسري، إضافة لحوالي 24 ألف روماني. ومن ضمن هؤلاء المرحّلين المصنفين كأعداء محتملين للاتحاد السوفيتي، توفي ما لا يقل عن 20 ألفا بسبب ظروف الاعتقال السيئة وسوء المعاملة.