يترقب قطاع الأعمال في ألمانيا حزمة مساعدات الطاقة البالغة قيمتها 200 مليار يورو (197 مليار دولار)، لكن التوقعات تشير إلى أنها ورغم ضخامتها، ستوفر إغاثة محدودة لشركات البلاد، ومن غير المرجح أن تثني تلك التي تتطلع بالفعل إلى الانتقال لمراكز تصنيع أرخص في الخارج.
وضعت الحكومة الألمانية حزمة للتخفيف من أزمة الطاقة الشهر الماضي، تهدف إلى فرملة أسعار الغاز وخفض ضريبة مبيعات الوقود لمساعدة الأسر والشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم على التعامل مع الأسعار المرتفعة.
قال مادس رايدر، الرئيس التنفيذي لشركة Rosenthal لصناعة البورسلين ومقرها بافاريا لوكالة “رويترز”: “حزمة الإغاثة المقترحة لن تغير أي شيء على جدول الأعمال في الوقت الحالي.. لا يزال يتعين علينا إيجاد بدائل”.
كانت الشركة، التي تأسست في ألمانيا منذ 143 عامًا، تبحث نقل جزء من إنتاجها إلى خارج البلاد لخفض التكاليف، وقال رايدر إن الخطة الحكومية لا تزال غامضة للغاية لإقناع Rosenthal بإعادة النظر في خططها.
ومن المقرر أن تكشف الحكومة الألمانية هذا الأسبوع عن تفاصيل خطة الغاز وجوانب أخرى من حزمة الإغاثة، والتي من المقرر أن تستمر حتى ربيع 2024.
دفع ارتفاع تكاليف العمالة والتكاليف الأخرى في ألمانيا العديد من الشركات إلى نقل أجزاء من أعمالها، أو جميعها، إلى مواقع أرخص في الاقتصادات الأوروبية الناشئة وأماكن أخرى، أو التفكير في القيام بذلك.
وقال لارس فيلد، المستشار الاقتصادي لوزير المالية الألماني كريستيان ليندنر، إن أزمة الطاقة – التي نجم عنها ارتفاع حاد في أسعار الغاز بعد انهيار إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا منذ غزو أوكرانيا – ترفع هذا النوع من القرارات إلى الذروة.
أظهر استطلاع أجراه الاتحاد الألماني IG Metall الشهر الماضي، أنه نظرًا لكون الشركات المصنعة في ألمانيا تواجه فواتير طاقة تصل إلى 10 أضعاف ما دفعوه قبل عامين، فقد رأت واحدة من كل خمس شركات هندسية احتمالية نقل بعض أعمالها على الأقل إلى الخارج.
ضغوط تضخمية
ساعد ارتفاع أسعار الطاقة في زيادة التضخم الاستهلاكي في ألمانيا إلى 10.9٪ في سبتمبر، وهو أعلى مستوى في أكثر من ربع قرن، والذي بدوره يضع ضغوطًا تصاعدية على الأجور، مما يزيد من تكاليف العمالة.
رحبت التكتلات الصناعية في البداية بحزمة الطاقة، التي تتضمن أيضًا فرملة مؤقتة لسعر الكهرباء لدعم الاستهلاك الأساسي للمستهلكين والشركات الصغيرة والمتوسطة، وبعض الشركات متفائلة بذلك.
وقالت شركة تصنيع المنسوجات Wuelfing، إنها ستعلق خطط نقل الإنتاج إلى البرتغال أو باكستان من ألمانيا، إذا وضعت الحكومة قيودًا على أسعار الطاقة عند مستويات لا تزيد عن ضعف ما كانت عليه في العام 2020.
قال يوهانس داو، المدير الإداري لـ Wuelfing: “سيساعد ذلك، لكننا لا نعرف بعد بالضبط ما يمكن توقعه”.
من جهتها، صرحت الجمعية الألمانية للشركات الصغيرة والمتوسطة بأنها لا ترى مؤشرات ملموسة على زيادة خطط الإنتاج في الخارج، لأن أزمة أسعار الطاقة تؤثر على جميع الدول الأوروبية.
عالم طاقة جديد
توقعت دراسة أجراها دويتشه بنك انكماش الإنتاج في ألمانيا بنسبة 2.5٪ هذا العام، وبنسبة 5٪ في العام 2023 بسبب ارتفاع أسعار الطاقة.
ويمكن للشركات الصناعية الكبرى في ألمانيا نقل الإنتاج إلى مكان آخر حسب التكلفة والعملاء، لكن بالنسبة للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، التي تعتبر العمود الفقري للصناعة الألمانية، فإن الأزمة سوف تضرب أكثر.
أضافت الدراسة: “بالنسبة للشركات الألمانية الصغيرة والمتوسطة.. سيكون التكيف مع عالم الطاقة الجديد تحدياً كبيراً ستفشل فيه بعض الشركات”.