لطالما كان السؤال الذى يفتقد الإجابة ولن يجدها مطلقا.. هل يشعر بنا الأموات؟ حديثنا معهم أو عنهم يحدث فقط لسد فراغ رحيلهم؟، آلامنا وأفراحنا مازالت تعنيهم أم أن ملكوت آخر بات هو الأبدى والأهم لديهم الآن؟!
لسنوات عجاف ظل حلم مارادونا أسطورة الكرة الأرجنتينية أن يحقق منتخب بلاده لقب كأس العالم مرة أخرى بعدما جاءت آخر ألقاب راقصي التانجو عام 1986 إلى أن تحقق اللقب الغالى على يد النجم ليونيل ميسي ولكن بعد وفاة مارادونا بعامين .
المتابع لكل ما هو مارادوني عبر التاريخ سيجد أنه رغم كل النجاحات التي حققها مع الأندية التي ارتدى قميصها إلا أن تعلقه بكل ما يخص منتخب بلاده كان أهم وأكبر.
تصريحاته حول ما يقدمه ميسي من بعده، تأكيده بأن البرغوث سيحقق اللقب يوما من الأيام طالت المسافات أو قصٌرت، انفعالاته أثناء مشاهدة مباراة للأرجنتين سواء كانت في المكسب أو الخسارة، كل هذه المشاهد تجعلنا نتخيل ماذا لو كنا نعلم ما يدور داخل قبر مارادونا الآن!، فخيالنا نحن الأحياء من الممكن أن يكون فقيرا جدا تجاه ما قد يفعله مارادونا الآن، ولكن ماذا لو كان حيا بيننا، كيف كان سيداعب كل الكاميرات ويسرقها دون أي عناء؟! هل كان سيحمل ميسي على أعناقه أم سيحمله ميسي، ماذا أيضا عن خرقه لقواعد منع الخمور داخل الاستادات في قطر؟.
أتصور أنه سيكون استثنائيا فى ذلك أيضا، فكما صال وجال في الملاعب باستثنائية فريدة نصبته ملكا على قلوب عشاق وجماهير الكرة في كل أنحاء العالم وحتى بعد اعتزاله ليظهر مترنحا من فرط الثمالة والاستمتاع بنشوة الفوز ورقصة خليفته الأخيرة فى الملاعب.
جميعها مشاهد إذا تركنا العنان لخيالنا لتصورها، سيأتي بغيرها أيضا فهو حرفوش من ضمن الحرافيش التي خلد ذكراهم الأديب العالمي نجيب محفوظ، فدييجو عودنا دائما ألا يأتيه الفعل المتوقع من بين يديه، وهو المتمرد الذي طالما خرق القواعد بمنتهى اللذة دون ذرة تأنيب ضمير، وبناء على كل ما سبق ومهما كانت توقعاتنا لتلك اللحظة سيظل دييجو أرماندو مارادونا أسطورة حية في طرقات “الغلابة” وشوارع “المشردين”، وأزقة العاشقين للساحرة المستديرة في كل وقت وأي زمان.