كشف الكاتب المصرى أحمد الفخرانى، الذى وصلت روايته “بار ليالينا” إلى القائمة الطويلة فى جائزة البوكر العالمية للرواية العربية، فى دورتها لعام 2023، أنها بدأت كقصة قصيرة منشورة، ثم تحولت إلى رواية.
وأوضح أحمد الفخرانى، خلال حوار أجرته معه جائزة البوكر العالمية للرواية العربية، عبر موقعها الرسمى، أنه بدأ كتابة رواية “بار ليالينا” فى نهاية عام 2018، وقد بدأت كقصة قصيرة بعنوان “الرجل الصغير”، نشرها فى موقع أدبى على الإنترنت، حيث يقابل نوح الرحيمى بطل الرواية، يسرى الحلو رئيس تحرير بعد أن قرأ مقالاته عن الرجل الصغير المستندة إلى كتاب فيلهلم رايش، ويعترف أمامه أنه الرجل الصغير، وجاء ليتعلم، كيف يمكن له أن يصبح رجلاً كبيراً أكثر ذكاء وأقل حماقة، ثم تطورت لاحقاً لتظهر شخصية نعمات، مالكة البار ثم ظهر فصل البار الطويل الذي يضم الأذكياء فقط، حيث تجرى أغلب أحداث الرواية، والصراعات الرئيسية.
وقال أحمد الفخرانى: أعتقد أن فشل ثورة يناير، كان مصدر الإلهام إن جاز التعبير، كنت محبطاً، كان على أن أتساءل، هل من قادوا أو تصدروا للمشهد الثوري وآمنت بهم، كانوا أذكياء كما ادعوا؟ هل يفهمون الشعارات التي يدعون إليها بعمق، أو يكررونها كالببغاوات؟ كيف تصرفوا أحياناً بوصف الذكاء طبقة تفصلهم عن الحمقى، الحمقى في نظرهم كانوا الجميع ما عدا أنفسهم، كيف لم تعد الأفكار التقدمية على يد “الأذكياء” وسيلة بحث عن الحقيقة، بل عملاً دؤوباً للتعمية على تلك الحقيقة، كأن الحقيقة لم تعد تهم، بل التمسك بسلوكيات معينة فارغة من المعنى. لكن يظل سؤال الرواية الجوهري وهو سؤال أغلب أعمالي ما الذي يجعل وجودنا أصيلاً أو مزيفاً.
رواية بار ليالينا للكاتب أحمد الفخرانى
وأشار أحمد الفخرانى إلى التحدى الذى أمامه كيف أصنع رواية كاملة من المبتذل والإكليشيه، بوصفه التعبير الأمثل عن ذلك العالم، كيف أصنع شخصيات تدعى العمق فلا تكشف إلا عن السطحية والقشور، بينما تمر الأسئلة المهمة على لسان شخصية الرجل الصغير الأحمق الوحيد، الذى أدرك فتوقف عن الادعاء، أو باستعارة تعبير أحد من كتبوا عن الرواية “كيف أصنع معنى صادقاً من بنيان أكاذيب هشة” كانت تجربة مهمة بالنسبة لى، مرحة وممتعة فى إطلاق العنان لنفسى، ومعذبة أيضاً كشأن الكتابة.
كما أشار أحمد الفخرانى إلى أنه كتب رواية “بار ليالينا” على مدار ثلاثة أعوام، لكني كنت توقفت في منتصفها، بسبب الانتقال من مدينة إلى أخرى، ولم تكن الفكرة قد نضجت بالكامل، وأنهيت رواية أخرى بعنوان “إخضاع الكلب”، صدرت عام 2021، وبعد تسليم المسودة النهائية منها، عدت إلى “بار ليالينا”، وقد وجدت أن الفكرة نضجت بما يكفي، فعدت لاستكمالها، عندما بدأتها كنت أعيش في مدينة القاهرة، وعندما أنهيتها كنت أعيش في مدينة دهب بجنوب سيناء، التي أقمت فيها منذ منتصف 2019، قبل أن أغادرها قبل أربعة أشهر.
أما عن طقوس للكتابة لديه، فقال أحمد الفخرانى: في الظروف العادية، أقرأ صباحاً، أكتب مساء في الأغلب، ما بعد الثانية عشر منتصف الليل، إلى الخامسة صباحاً، في حال ما كنت بصدد مشروع رواية أو قصة أو نص قصير معالمه الأساسية واضحة فى ذهنى، فى حال عدم قدرتى على الكتابة، أستكمل الوقت بالقراءة.
أما عن مشروعه الأدبى بعد هذه الرواية، فقال أحمد الفخرانى، لدى رواية منتهية، ربما تصدر فى منتصف العام الحالى وهى رواية تحاول أن تسأل مستقبل فن الرواية نفسه، وكذلك لدي مجموعة قصصية كتبتها بشكل متقطع على مدار سنوات، وكتاب نقدي عن تقنية القصة القصيرة من خلال تحليل سبع قصص قصيرة لنجيب محفوظ ويوسف إدريس ومحمد المخزنجي وإبراهيم أصلان، لكني لا أعرف موعد صدوره، يتوقف الأمر على إنهاء مشكلات تتعلق بحقوق الملكية الفكرية للقصص.
وأضاف أحمد الفخرانى: في الفترة الحالية، أجرب أساليب وطرق جديدة للكتابة، لا أعرف عما تسفر، قد تكون رواية، وقد لا تكون، لا أتوقف عن التفكير في الكتابة طيلة الوقت، من حين لآخر يجب أن يتوقف المرء ليفكر في أسئلة الكتابة والقراءة أيضاً بشكل جذري، لكني أظن أني بحاجة إلى تجريب أشكال مغايرة للتعبير سواءً داخل نفس النوع الأدبي، الرواية، أو خارجها.
فى رواية “بار ليالينا” يلجأ الكومبارس نوح الرحيمي إلى حيلة يتسلل عبرها إلى بار ليالينا الذي يقتصر رواده على نخبة من المثقفين، أملاً في أن يفهم عبر محاكاتهم، السر الذي جعله مجرد رجل أحمق محدود القدرات وحولهم إلى أشخاص فائقي الذكاء، فيتنكر في شخصية منتج سينمائي ثري. عندما تنكشف حقيقته تقرر جماعة بار ليالينا طرده، لكنه يرفض المغادرة فيقررون التسلي بخداعه عبر حيلة تمنعه من الرجوع إلى البار وتحوله إلى مزحة يتندرون بها. بعد عشرين عاماً يقرر نوح العودة للانتقام، وإظهار هؤلاء المثقفين على حقيقتهم.
أحمد الفخراني روائي وصحفي مصري من مواليد الإسكندرية، مصر، عام 1981. نشر مقالاته في صحف ومواقع مصرية وعربية، وصدرت له ست روايات: “ماندورلا” (2013)، “سيرة سيد الباشا” (2016)، “عائلة جادو” (2017)، “بياصة الشوام” (2019)، “إخضاع الكلب” (2021)، و”بار ليالينا” (2022)، والمجموعة القصصية “مملكة عصير التفاح” (2011)، بالإضافة إلى ديوان شعر “ديكورات بسيطة” (2017) بالعامية المصرية. حصلت رواية “بياصة الشوام” على جائزة ساويرس المركز الأول للرواية فرع شباب الأدباء عام 2020، ورواية “ماندورلا” على المركز الثاني عام 2016.
المصدر : اليوم السابع