علق المحلل الاقتصادي المصري، مصطفى عبد السلام، في تصريح لـRT على الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي جو بايدن إلى بلدان الخليج والشرق الأوسط.
وأفاد المحلل المصري بأن الرئيس الأمريكي جو بايدن وفريقه يدركون أن التضخم العالي داخل الولايات المتحدة والذي تجاوز 8.6% في شهر مايو الماضي، وهو أعلى معدل منذ 41 سنة، يمثل أكبر تهديد سياسي للديمقراطيين، وخاصة في أول اختبار مقبل، وهو انتخابات الكونغرس المقرر إجراؤها بداية شهر نوفمبر.
ويدرك قادة البيت الأبيض أن الارتفاع الحاد لأسعار النفط في الأسواق الدولية، أحد أبرز الأسباب التي تغذي التضخم الذي تحول إلى خطر جامح وظاهرة مقلقة للاقتصادات الكبرى، وفي المقدمة الاقتصاد الأمريكي، خاصة بعد أن تخطى متوسط سعر البنزين في الولايات المتحدة مستوى 5 دولارات للغالون للمرة الأولى على الإطلاق.
وأضاف مصطفى عبد السلام “هذا ما جعل المواطن الأمريكي يئن ويغضب، وخاصة مع قفزات أسعار الأغذية والوقود وتآكل قدرته الشرائية بشكل متواصل، وأنه إذا ما واصلت أسعار البنزين قفزاتها في الأسواق الأمريكية، فإن صوت الناخب سيذهب إلى الحزب الجمهوري، وهو ما يقلق بايدن وإدارته”.
وأردف قائلا “ربما قلق بايدن من قفزات أسعار الوقود هو الذي دفعه يوم الأربعاء، إلى الخروج علنا منتقدا ومهاجما شركات الوقود ويطابها بتوضيح سبب عدم ضخها المزيد من البنزين في الأسواق، في الوقت الذي يواجه فيه ضغوطا بسبب ارتفاع الأسعار”.
وأشار إلى أنه ومع استمرار الحرب في أوكرانيا وتراجع مخاطر كورونا، ستواصل أسعار النفط ارتفاعها، وهذه الزيادة قد تتحول إلى قفزات قياسية إذا ما حظر التحالف الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة وبريطانيا النفط الروسي كاملا بنهاية العام الجاري وفق الخطة المعلنة، وهو ما يعني زيادة أسعار المشتقات البترولية من بنزين وسولار ومازوت وغاز طبيعي وغيره.
وصرح المحلل المصري بأن هذا لا يصبّ في مصلحة المواطن الأمريكي ولا إدارة بايدن، ولا يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مواجهة موجة التضخم التي تعد الأعلى في الولايات المتحدة منذ 41 سنة رغم الزيادات الأخيرة والمتوقعة في سعر الفائدة.
ونوه إلى أن الحل يكمن في زيادة الإنتاج النفطي العالمي بحيث يزيد المعروض وتهدأ الأسعار، لكن كيف يحدث هذا وهناك إصرار غربي على حظر النفط الروسي وتضييق الخناق على منتجات الطاقة الروسية من غاز طبيعي وغيره؟.
وتابع قائلا: “كذلك فإن رهان الولايات المتحدة على النفط الإيراني تراجع بشدة في ظل تعثر المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني، كذا الحال بالنسبة إلى نفط فنزويلا، فقد تعثرت محاولات واشنطن دق إسفين بين موسكو ونظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وفشلت واشنطن في استقطاب كراكاس واستمالتها إلى جانبها في حرب أوكرانيا وإقناعها بزيادة ضخ النفط في الأسواق الدولية”.
لذا، اتجهت أنظار إدارة بايدن صوب منطقة الخليج، حيث تعوم بلدانها على بحار من النفط والغاز المسال، ومن هنا تأتي أهمية زيادة بايدن للسعودية يومي 15 و16 يوليو المقبل، فأحد الأهداف الرئيسية غير المعلنة للزيارة، العمل على خفض سعر النفط عبر زيادة السعودية ودول الخليج إنتاجها وصادراتها النفطية، وتعويض أي نقص يحدث في حال حظر النفط الروسي، وهو ما يترتب عنه تراجع أسعار المشتقات البترولية من بنزين وسولار.
وهذا البند غاية في الأهمية بالنسبة إلى المواطن الأمريكي الذي بات يئن من قفزات أسعار الوقود التي وصلت إلى معدلات قياسية، ومن المتوقع أن تواصل قفزاتها مع استمرار الحرب، وإصرار الولايات المتحدة على حظر النفط الروسي دون وجود بدائل تغطي العجز المتوقع في الأسواق العالمية.
واكد أن زيارة بايدن تأتي تحت عناوين عامة هي “تعزيز العلاقات الثنائية التاريخية والشراكة الاستراتيجية المتميزة بين الرياض وواشنطن، والرغبة المشتركة في تطويرها في المجالات كافة” كما جاء في بيان صادر عن الديوان الملكي السعودي قبل أيام، لكن الحقيقة هي أن بايدن يريد من السعودية أن تقود تحالف منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” نحو زيادة كبيرة في إنتاج النفط تعوض النفط الروسي من جهة، وتخفض الأسعار في الأسواق من جهة.
وذكر المحلل: “صحيح أن بايدن أعلن يوم الثلاثاء الماضي أن أمن إسرائيل القومي هو السبب الرئيسي لزيارته المقبلة للسعودية، لكن هذا لا ينفي وجود أبعاد اقتصادية أخرى للزيارة، على رأسها السعي الحثيث نحو خفض سعر البنزين داخل الولايات المتحدة”.
RT – ناصر حاتم