على الرغم من أنه يمكن أن يكون من المغري للكثير من الطلاب الحرص على قضاء أطول وقت ممكن في غرفهم أو في ركن بالمكتبة في الجامعة أو المدرسة خلال في الأيام التي تسبق اختبار مهم، إلا نتائج دراسة جديدة أجراها باحثون في “جامعة ليدن” تؤكد أنه ليس قرارًا أو اختيارًا حكيمًا للغاية، بحسب ما نشره موقع “نيوروساينس نيوز” Neuroscience News.
تشير أحدث أبحاث عالمة الأعصاب جوديث شوماكر، بالتعاون مع ماريت روتنبرغ وفالنتين باومان، إلى أنه “عندما يبدأ الشخص التعلم بعد استكشاف بيئة جديدة من المرجح أن يتذكر المواد التعليمية بدرجة أفضل. لذا ينبغي أن يخرج الطلاب إلى البيئات الطبيعية والمناطق المفتوحة، ويُفضل أن يكون مكان لم يسبق زيارته، مثل مدينة أو منطقة جديدة تمامًا”.
من ناحية أخرى، توصلت جوديث شوماكر وفريقها البحثي إلى أن التأثير الجديد المفيد لا ينطبق على كبار السن، حيث أنه كلما تقدم بهم العمر، قلت استفادة ذاكرتهم من البيئات الجديدة. فيما يعد نتيجة لا تتفق مع ما توقعه الباحثون سابقًا.
تقول شوماكر إنه كان يتم اقتراح “استخدام بيئة جديدة لتحسين الذاكرة لدى كبار السن في الأدبيات منذ حوالي عقد من الزمان. لكن نتائج البحث تُظهر أنه لا يوجد في الواقع أي تحسن في الذاكرة لدى الأشخاص الأكبر سنًا”.
تعبيرية
بيئة الغابة الافتراضية
أجرت شوماكر وزملاؤها تجربة واسعة النطاق تضمنت مسح شامل لأكثر من أربعمائة مشارك تتراوح أعمارهم بين 8 و67 عامًا، اشتمل على استكشاف بيئة الغابة الافتراضية مرتين، حيث سار نصف المشاركين في نفس البيئة مرتين؛ زار النصف الآخر مكانًا جديدًا في المرة الثانية. ثم خضع المشاركون لمجموعة من الاختبارات، من بينها حفظ سلسلة من الكلمات.
توضح شوماكر أن النتائج أفادت بأن “المراهقين والشباب، على وجه الخصوص، الذين زاروا بيئة جديدة يتذكرون قائمة الكلمات بشكل أفضل.”
كما تبين أن المشاركين العنيدين، الذين تجولوا في المسارات الافتراضية غير الموصى بالولوج عبرها، كانوا أفضل في تذكر قائمة سلسلة الكلمات، أكثر من المشاركين الذين التزموا بالمسار المحدد.
وترجح شوماكر أنه ربما “يبدو أن هناك رابطًا بين مقدار ما يستكشفه المرء، والإنتروبيا (مقياس الفوضى داخل نظام ما) المتجولة لكل شخص، ومدى قدرته على تذكر هذه الكلمات. بالطبع، يمكن أن يكون العكس [هو الصحيح] أيضًا؛ بمعنى أن الأشخاص الاستكشافيون بشكل طبيعي يكونون أفضل في تعلم أشياء جديدة “.
تعبيرية
الدوبامين
من المفترض أن يكون نظام الدوبامين وزيادة إفراز الهرمون هو السبب في قدرة الأشخاص، الذين اكتشفوا بيئة جديدة في المرة الثانية، على تذكر قائمة سلاسل الكلمات بشكل أفضل.
تضيف شوماكر قائلة إن “البيئة الجديدة تعزز [إنتاج الجسم] للدوبامين، والذي يُسقط على الحُصين، وهي المنطقة في الدماغ المتعلقة بالتعلم”.
يؤدي نقص الدوبامين إلى تقليل عتبة التعلم، فيما يعد أمرًا منطقيًا من منظور تطوري، حيث أنه “في بيئة جديدة، يقوم الشخص سريعًا بالبحث عن أماكن وجود المكافأة أو مكامن الخطر، ولا يكون على دراية مسبقة بما سيكون مناسبًا له، لذلك ليس من المستغرب أيضًا أن يتم تعميم تأثير التعلم هذا على مناطق أخرى”.
كبار السن والأطفال الصغار
وبالتالي، يمكن أن يكمن السبب المحتمل لعدم تأثير البيئة الجديدة، بشكل إيجابي على تحسين ذاكرة كبار السن، وكذلك عند الأطفال الصغار، في أن “نظام الدوبامين يتراجع عند كبار السن ولا يزال نظام الدوبامين في مرحلة تطور لدى الأطفال، وهو ما يمكن أن يفسر سبب عدم وجود تأثير معزز للذاكرة لدى الأطفال.” ولكن لا يزال هناك مجال كبير لمتابعة البحث في هذا المجال، بما يشمل كبار السن.
ومن المرجح أن تكون هناك حاجة لعناصر أخرى لزيادة القدرة على التعلم أو تحسين الذاكرة لدى كبار السن مثل التحفيز، بخاصة وأن نتائج الأبحاث السابقة، التي أجريت على حيوانات المختبر، تُظهر أنه “إذا قمت بتعليم الحيوانات الأكبر سنًا بشكل متكرر، أي التعلم مرتين على التوالي، فإنها تتذكر المعلومات بشكل أفضل مرة أخرى بعد التعرض لبيئة جديدة وقبلها، مما يعني أن التأثير ربما لا يزال موجودًا فيها، ولكن ربما يحتاج كبار السن إلى مزيد من التحفيز لتنشيط تلك القدرة “.