المعلم المصري عمر سليمان.. خبرة علمية وقدرة فريدة على تبسيط أعقد المفاهيم الكيميائية

إسلام وليد رزيق25 أغسطس 202511 مشاهدة
بقلم الإعلامية: منار أيمن سليم
عمر سليمان

في شوارع الإسكندرية الهادئة، وبين مقاعد المدارس الثانوية، برز إسم الأستاذ عمر سليمان كواحد من المعلمين الذين اختاروا أن يكونوا أكثر من مجرد ناقلين للمعلومات. فهو المدرس الذي قرر أن يجعل من الكيمياء بوابة لفهم الحياة، لا مجرد مادة دراسية مرهقة.

قصة عمر سليمان بدأت من مقاعد كلية التربية بجامعة الإسكندرية، حيث درس الكيمياء باللغة الإنجليزية. لم يكن طالبًا عاديًا؛ كان معروفًا بين زملائه بقدرته الفريدة على تبسيط المعادلات المعقدة وتحويلها إلى أفكار سهلة الفهم. كان دائمًا يقول: “الكيمياء مش رموز محفوظة، دي سر الحياة حوالينا”. هذه الفلسفة لم تفارقه بعد التخرج، بل أصبحت البذرة التي أسس عليها مسيرته التعليمية.

عندما التحق بالتدريس في المرحلة الثانوية، واجه تحديًا كبيرًا: كيف يقنع طلابًا مرهقين بامتحانات الثانوية العامة أن الكيمياء يمكن أن تكون ممتعة؟ لم يختر الطريق السهل، بل قرر أن يخوض التجربة كاملة بأسلوبه الخاص. بدأ يبتكر طرقًا جديدة لشرح الدروس، فيستخدم التجارب العملية المبسطة ويعرض المعلومة في شكل قصة أو مشهد حي. الطلاب الذين كانوا يرون الكيمياء “عقدة” دراسية، بدأوا يصفونها بأنها “أمتع حصة في اليوم”.

أحد أسرار نجاحه هو أنه ينظر للطالب باعتباره إنسانًا كاملًا، وليس مجرد متلقي للمعلومة. يدرك أن وراء كل طالب ضغوطًا نفسية، أحلامًا كبيرة، وربما مخاوف صامتة. لذلك يحرص على أن يكون قريبًا من طلابه، يستمع إليهم ويشجعهم، ويمنحهم الثقة التي يحتاجونها في هذه المرحلة الحساسة. كثير منهم يقولون: “الأستاذ عمر مش بس بيعلّمنا كيمياء.. ده بيعلمنا إزاي نثق في نفسنا”.

جانب آخر يميزه هو اهتمامه بالجانب العملي والابتكاري. فهو لا يكتفي بالمنهج الدراسي، بل يحفز طلابه على التفكير خارج الصندوق. يشجعهم على البحث عن تطبيقات الكيمياء في مجالات مثل الطب، الطاقة، البيئة، وحتى الصناعات اليومية. بهذه الطريقة، يزرع فيهم بذور الشغف بالعلم، ويجعلهم ينظرون إلى المستقبل بعين مختلفة.

ولأن التعليم لم يعد محصورًا داخل جدران المدرسة، كان لعمر رؤية واضحة: أن يستغل التكنولوجيا لخدمة طلابه. أنشأ مجموعات تعليمية على الإنترنت، يشارك فيها ملخصات، تدريبات، ومقاطع مصورة يشرح فيها أصعب الأجزاء. هذا جعله حاضرًا مع طلابه حتى بعد انتهاء الدرس، وأتاح له الوصول إلى طلاب خارج مدرسته أيضًا.

أولياء الأمور بدورهم وجدوا في عمر نموذجًا للمعلم الذي يغيّر مستقبل أبنائهم. كثيرون أكدوا أن أبناءهم تحولوا من طلاب متعثرين إلى متفوقين بفضل صبره وحرصه على المتابعة الفردية لكل طالب. نجاح أبنائهم في مادة الكيمياء لم يكن مجرد درجات، بل كان نقطة تحول في ثقتهم بأنفسهم.

لكن طموحه لا يتوقف هنا. هو يحلم بتأسيس أكاديمية تعليمية متخصصة في العلوم، تعتمد على التعلم التفاعلي والتجارب العملية بدلًا من الطرق التقليدية. يريد أن يمنح الطلاب تجربة مختلفة تمامًا، تجعلهم يتذوقون العلم كما لو كان مغامرة شيقة، لا واجبًا ثقيلًا.

رحلة عمر سليمان تؤكد أن التعليم في مصر لا يزال يملك كنوزًا حقيقية. معلمون شباب مثله يثبتون أن الكفاءة والرسالة يمكن أن يلتقيا، وأن التأثير في عقول الطلاب يحتاج إلى قلب يؤمن بما يفعل قبل أن يحتاج إلى سبورة وطباشير.

في النهاية، يمكن القول إن عمر سليمان ليس مجرد مدرس كيمياء، بل هو قصة إلهام لطلابه وللمجتمع كله. معلم شاب آمن بأن رسالته أكبر من شرح الدروس، فسعى ليكون رفيق رحلة لطلابه نحو النجاح. وبين جدران الفصل، يستمر في كتابة فصول جديدة من قصة مدرس مصري وضع بصمته بصدق وإبداع.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل