نشرت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة المقبلة 22 يوليو 2022م تحت عنوان «الجار مفهومه وحقوقه»، مع التأكيد على جميع الأئمة الالتزام بموضوع الخطبة نصًّا أو مضمونًا على أقل تقدير، وألا يزيد أداء الخطبة عن عشر دقائق للخطبتين الأولى والثانية.
وجاء نص خطبة الجمعة المقبلة لوزارة الأوقاف كالتالي: «الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين».
الإحسان إلى الجار قيمة نبيلة توثق أواصر المحبة والألفة
وأكدت وزارة الأوقاف في خطبة الجمعة المقبلة: «أن الإحسان إلى الجار قيمة نبيلة توثق أواصر المحبة والألفة، وتشيع روح التعاون والتكافل، وتنشر الاستقرار بين أفراد المجتمع؛ لذلك اهتمت الشريعة الإسلامية بالجار اهتماما عظيما، فأوصت بحقه، وعظمت حرمته إلى حد جعل نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)».
وأضاف نص خطبة الجمعة المقبلة لوزارة الأوقاف: «أنه لا شك أن مفهوم الجوار يتسع ليشمل الجار في المنزل، والجار في العمل، والجار في السفر، حيث يقول الحق سبحانه: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا}».
وتابع نص خطبة الجمعة المقبلة لوزارة الأوقاف: «حق الجار حق أصيل في الإسلام، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) في حق الجار وشأنه: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جارة)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول الله؟ قال: (الذي لا يأمن جاره بوائقه)، أي: شروره، ويقول (عليه الصلاة والسلام): (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره)».
واستكمل: «من حسن أدب الإسلام في التعامل مع الجار قول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (وإذا اشتريت فاكهة فأهد له [أي: للجار فإن لم تفعل فأدخلها سرا) لا أن تتباهى بها أمامه، أو أن تستعلي بقدراتك وإمكاناتك المادية عليه، (ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده) فيتقطع قلب ولد الجار الفقير، وقلب الوالد مع ولده، فتحدث الشحناء والبغضاء بين الجيران بسبب الغيرة والتحاسد، (ولا تؤذه يفتار قدرك إلا أن تعرف له منها) أي: لا تؤذه برائحة الطبخ، إلا إذا كنت عازما على أن تطعمه وأهله منها. ومن حقوق الجار: زيارته إذا مرض، وتهنئته في المناسبات، وتعزيته في المصائب، وإعانته في المهمات، ومراعاة أعلى درجات المروءة معه، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره)».
وأشارت خطبة الجمعة المقبلة لوزارة الأوقاف: «قد جعل سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) شهادة الجار لجاره أو عليه من أعلى درجات التزكية أو الجرح؛ لأن الإنسان وإن خدع بعض الناس بعض الوقت فإنه لا يمكن أن يخدع جيرانه كل الوقت، وعندما جاء أحد الجيران لسيدنا رسول الله (صلی الله عليه وسلم) يقول: يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة، قال له (صلى الله عليه وسلم): (كن محسنا، قال: وكيف أعرف أني محسن؟ فقال: (سل جيرانك، فإن قالوا: أنت محسن فأنت محسن، وإن قالوا: إنك مسيئ فأنت مسيئ). وقد أوصانا الشرع الحنيف بحسن الجوار بإطلاق، ومعاملة جميع الجيران بما يستوجبه حق الجوار، وكان سيدنا أبو الدرداء (رضي الله عنه) يقول لزوجه: إذا طهيت طعاما فأكثري المرق؛ حتى نرسل لجيراننا منه، وكان سيدنا عبد الله بن عمر بن الخطاب (رضي الله عنهما) إذا ذبح شاة يقول: أرسلوا لجارنا اليهودي منها».
النبي حذر من إيذاء الجار
واستطردت خطبة الجمعة المقبلة لوزارة الأوقاف: «لقد حذر نبينا (صلى الله عليه وسلم) من إيذاء الجار أشد التحذير، فعندما جاء بعض الناس إلى سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وذكروا له امرأة صوامة قوامة، تصوم النهار وتقوم الليل إلا أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال (صلى الله عليه وسلم): (هي في النار)».
وشددت على أن حقوق الجار لا تقتصر على ترك أذاه وكف الشر عنه بأي لون من ألوان الشر قولا أو فعلا، إنما تشمل تحمل الأذى منه، يقول الحسن البصري رحمه الله: ليس حسن الجوار كف الأذى، ولكن حسن الجوار احتمال الأذى، فتحمل أذى الجار من شيم الكرام، وأجره عظيم عند رب العالمين، حيث يقول الحق سبحانه: {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور )، ويقول تعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).
وأكدت خطبة الجمعة المقبلة لوزارة الأوقاف أن حق الجوار ليس حقا للأفراد فحسب، إنما هو حق للدول أيضا، فكما أن للجوار الفردي حقا فإن لجوار الدول حقوقا، من أهمها: حفظ الحدود، وحفظ العهود والمواثيق والاتفاقيات، وألا يؤتى جارك من قبلك، وأن تغيثه إذا استغاث بك.