أودعت الدائرة الأولى بمحكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، حيثيات حكمها القاضي بالمؤبد لمحمود عزت القائم بأعمال مرشد تنظيم الإخوان، في القضية رقم 56458 لسنة 2013 جنايات أول مدينة نصر، والمقيدة برقم 2925 لسنة 2013 كلي شرق القاهرة والمعروفة إعلاميا بـ “التخابر مع حماس”.
وجاء في الحيثيات: المحكمة تعتبر أن الأفعال التي تم ارتكابها تدل في ذاتها وباعتبار الظروف الملابسة لها على أن المساس باستقلال البلاد وبوحدتها وسلامة أراضيها كان ه والغرض منها، وتؤدى “مباشرة” إلى تحقيق هذا الهدف، واتخذ سلوكهم صورة العمل المدبر لبلوغ هدف من الأهداف المذكورة، ولا يقدح في قيام تلك الجريمة الأهداف أو أن يشكل خطر تحقيقه فيكفي لقيام تلكَ الجريمة اتخاذ سلوك يتجه إلى المساس باستقلال البلاد أو بوحدتها أو سلامة أراضيها. ويعتبر السلوك متجهاً إلى هدف من تلك الأهداف متى كان دالاً في ذاته وباعتبار الظروف الملابسة له على أن يجعل من ذلك الهدف غرضاً له، فالجريمة تعدّ من حيث وجود الحدث أو عدم وجوده جريمة شكلية لا يلزم لتوافرها أن يحدث الفعل الضرر المنشود أو يشكل خطر حدوثه.
وجاء في الحيثيات: وحيث إنه بشأن جريمة تولي قيادة في جماعة الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحقوق العامة والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، وكان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها هذه الجماعة في تنفيذ أغراضها والمنسوبة للمتهم السيد محمود عزت وآخرين سبق الحكم عليهم بالبند خامساً تنص المادة (86) مكررا/1من قانون العقوبات على أنه (يعاقب بالسجن كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار على خلاف أحكام القانون، جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة، يكون الغرض منها الدعوة بأية وسيلة إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها، أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلهاالدستور والقانون، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي، ويعاقب بالسجن المشدد كل من تولى زعامة، أو قيادة ما فيها، أو أمدها بمعونات مادية أو مالية مع علمه بالغرض الذي تدعو إليه.
كما جاء في الحيثيات: حيثيات التخابر مع حماس، مفاد ذلك أن إنشاء أو تأسيس أو تنظيم أو إدارة أي تنظيم يتجلى في الأغراض المستهدفة منه أيًا كان الاسم المطلق عليه (جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة)، فإذا كان تكوين التنظيم بإنشائه أو تأسيسه مطابقاً للقانون لكن تنظيمه أو إدارته يهدف إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها، أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي، فإن التنظيم يعد مُجرّماً ومخالفاً للقانون وفقاً للمادة 86 مكرر من قانون العقوبات، وقد استهدف المشرع من وراء تأثيم الأفعال المشكلة لهذه الجريمة حماية المصالح الأساسية للدولة التي تقوم عليها سيادتها الداخلية ضد نوع معين من أنواع الاعتداء أو الترويج له، وغني عن البيان أن هذه الأهداف المجرمة يجب أن تتجاوز حدود النقد المباح الذي شرعه الدستور وكفله القانون، فالمشرع استهدف تجريم الغاية التي تسعى الجماعة إلى تحقيقها، فالهدف أو الغاية التي تلاقت عليها إرادة الجناة وسعت في سبيل نجاحها وإنجازها للواقع العملي هو ما أراد المشرع المصري تجريمه في هذا النص، وكل ما يشترط أن يكون للتنظيم طابع تنظيميي يجعله من الجماعات الإجرامية المنظمة.
وأضافت المحكمة في حيثيات الحكم على محمود عزت، هذه الجريمة عمدية ويلزم لها بالتالي توافر القصد الجنائي وهو انصراف إرادة الجاني إلى كافة عناصر السلوك المادي للجريمة كما وصفه نموذجها في القانون، ويفترض التكوين تلاقى إرادات أعضاء التنظيم نحو الأغراض غير المشروعة التي يتوخى ارتكابها بغض النظر عن كيفية تحقيقها، وتتحدد أدوار أفراده وفق معايير وقيم الجماعة سعياً لتحقيق هدف مشترك توافقت إرادتهم على تحقيقه، فإذا ما أعلنت النوايا وتلاقت الإرادات بين من كانت تعتمل في نفوسهم الأفكار أو بينهم وبين من تلقوا الدعوة فاستجابوا لها فإنه يتحقق بذلك إنشاء الجماعة، فإذا تولى شخص ما تسيير العمل في الجماعة على نحو تتحقق به أهدافها فتلك هي الإدارة، وقد أثَّم المشرع تولى وضع قيادي في المنظمة أو الجماعة التي أسست على خلاف أحكام القانون، سواء في أعمال التنظيم كله أو في جزء من أعماله، والقيادة أحد مستويات الهيكل التنظيمي، ولها تأثير تنفيذي على أعضاء الجماعة في وجوب اتباع أوامر القائد وتوجيهاته بحكم القواعد التي تحكم التنظيم، وتشترك القيادة مع الزعامة في معنى القدرة على التأثير والتوجيه لكنهما يختلفان في أن الزعامة تتميز بمستواها الأعلى وتأثيرها المعنوي في إدارة التنظيم، وقد تتعدد الزعامات والقيادات في التنظيم الواحد. وهذه الجريمة عمدية ويلزم لها بالتالي توافر القصد الجنائي وهو انصراف إرادة الجاني إلى كافة عناصر السلوك المادي للجريمة كما وصفه نموذجها في القانون، فيلزم أن تكون إرادة المتهم قد اتجهت إلى إدارة وتنظيم الجماعة لتحقيق الأهداف سالفة الذكر.
واستكملت المحكمة في حيثيات الحكم على محمود عزت، حيث إنه من المقرر أن تولى وضع قيادي في جماعة إرهابية يتخذ شكل الزعامة أو القيادة، سواء في أعمال التنظيم كله أو في جزء من أعماله، وتشترك الزعامة مع القيادة في معنى القدرة على التأثير والتوجيه، لكنهما يختلفان في أن الزعامة تتميز بمستواها الأعلى وتأثيرها المعنوي في إدارة التنظيم، كما أن القيادة هي إحدى مستويات الهيكل التنظيمي، ولها تأثير تنفيذي فياتباع أوامر القائد وتوجيهاته بحكم القواعد التي تحكم التنظيم، وقد عاقب القانون على هذا الفعل بالإعدام أو السجن المؤبد، وهذه الجريمة عمدية، ويلزم لها بالتالي توافر القصد الجنائي وهو انصراف إرادة الجاني إلى كافة عناصر السلوك المادي للجريمة.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أدلة الإثبات تنقسم بالنظر إلى علاقتها بالوقائع المراد إثباتها إلى نوعين أدلة مباشرة وأخرى غير مباشرة، وتعد الأدلة مباشرة إذا انصبت مباشرة على الواقعة محل الإثبات، فهي توصل الحقيقة التي تدل عليها إلى القاضي متى تأكد من مشروعيتها وصدقها دون حاجة إلى فاصل ذهني في التأمل والاستنتاج، أما الأدلة غير المباشرة فهي لا تدل بذاتها على الواقعة وإنما تحتاج إلى عملية ذهنية يؤديها العقل بواسطة المنطق، وقد استقرت أحكام القضاء على أن القانون لا يشترط في الأدلة التي تقام عليها الأحكام أن تكون مباشرة بل يكفي أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى تلك الحقيقة بعملية منطقية تجريها المحكمة، فالمحكمة لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة الثبوت ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
متى كان ما تقدم، وكان الثابت من أوراق الدعوى الماثلة ومن مطالعة القضية الرقيمة 56460 لسنة 2013 جنايات أول مدينة نصر والمنضمة للقضية الماثلة للارتباط البسيط والقضايا الأخرى المنضمة لهما أن جماعة الإخوان المسلمين أُسست على خلاف أحكام القانون منذ عام 1928، وانضم إليها العديد من الأشخاص منذ إنشائها وحتى الآن بهدف استراتيجي هوالوصول إلى الحكم، وفي سبيل تحقيق أغراضها استخدمت أساليب غير مشروعة تنطوي على منع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين التي كفلها الدستور والقانون، والإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي، وهذه الجماعة لها هيكل تنظيمييأخذ الشكل الهرمي قاعدته أفراد التنظيم وقمته المرشد العام، ثم مكتب الإرشاد أعلى سلطة بالتنظيم والمنوط به إصدار الأوامر والتكليفات لأعضاء الجماعة والذين يجب عليهم الالتزام بها، وتقوم الجماعة على مبدأ الطاعة والإخلاص وعدم المنازعة في الأمر، ويتبعها التنظيم الدولي للإخوان بالخارج.
وأشارت المحكمة في حيثيات الحكم على محمود عزت، قد استخدمت هذه الجماعة الإرهاب كوسيلة في تنفيذ أغراضها، وسعت إلى تغيير نظام الحكم بالقوة والاعتداء على أفراد ومنشآت القوات المسلحة والشرطة واستهداف المنشآت العامة بهدف الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، ذلك أن الهدف الرئيسي الذي كانت تسعى اليه الجماعة منذ نشأتها وكانت تستره بستار الدين وزعم خادع بأنها جماعة دعوية هو الاستيلاء على حكم البلاد وقيام الدولة الإسلامية، والذي من أجل بلوغه لا بأس أن تتحالف مع من يمكنها مبتغاها، ولو اختلفت عقائدهم ومعتقداتهم ما دامت اتفقت مصالحهم نحو هدف واحد هو إسقاط الدولة المصرية بزعم إقامة الدولة الإسلامية الراشدة، غير عابئين بما يمكن أن يخلفه هذا الاتفاق الغادر من أضرار قد تصيب كبد الوطن فيضحى إلى زوال.
ومن حيث إن المحكمة ترى من استقراء الأوراق أن الواقعة في نطاق ما استخلصته على النحو سالف البيان ثابتة قبل المتهم ثبوتاً كافياً لإدانته إذ تطمئن إلى شهادة شهود الإثبات، وما استمعتإليه المحكمة وإلى ما أقر به محمد سعد الكتاتني (سبق الحكم عليه) على نحو ما ورد بالحكم، وإلى ما تضمنته التقارير الفنية والتي عززتها تحريات هيئة الأمن القومي وتحريات الأمن الوطني، ويرتاح وجدانها إلى الأخذ بها سندًا للإدانة وتعتبر أن اقتناعها بأدلة الإثبات المار بيانها رفضاً منها لما أثاره دفاع المتهم من اعتبارات وأوجه دفاع موضوعية قصد بها التشكيك في تلك الأدلة لحمل المحكمة على عدم الأخذ بها، ولا تعول على إنكار المتهم بحسبان أن تلك هي وسيلته في الدفاع لدرء الاتهام بغية الإفلات من العقاب.
وحيث إن القانون أوجب في الفقرة الثانية من المادة (32)عقوبات اعتبار الجرائم المرتبطة ارتباطًا لايقبل التجزئة كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم، وجعل مناط تطبيقها أن تكون تلك الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع، وإذ كانت الجرائم التي ارتكبها المتهم يجمعها وحدة الغرض الإجرامي، وارتبطت ببعضها ارتباطًا لا يقبل التجزئة مما يوجب اعتباره اجريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدها إعمالاً للمادة 32/2 من قانون العقوبات.
ويتصل بها اتصال قرار، ومن ثم فإنه إعمالاً لهذه السياسة العقابية ترى المحكمة في شخصية وأحوال المتهم وسنه ما يجعلها تأخذه بقسط من الرأفة عملاً بنص المادة 17 من قانون العقوبات وتنزل بالعقوبة على النحو الوارد بمنطوق هذا الحكم.