ندد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام وخبير النزاعات، بأشد العبارات الفشل المتكرر وغير المبرر لمجلس الأمن في اتخاذ أي إجراءات فعلية لوقف الحرب الإسرائيلية البربرية على قطاع غزة المحاصر مستنكراً بشدة إعاقة الولايات المتحدة لمشروع القرار الإماراتي بشأن وقف إطلاق النار في غزة، في تأكيد قاطع على الدعم اللامحدود وغير الأخلاقي لواشنطن لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق شعبنا الفلسطيني الأعزل.
وقال الدكتور مهران في تصريحات صحفية “إن صمت مجلس الأمن وتخاذله أمام سفك دماء الآلاف من الشهداء والجرحى وتدمير البنى التحتية المدنية في غزة، يمثل انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة والتزامات المجلس بالمحافظة على السلم والأمن الدوليين وفق الفصل السابع، متابعاً: “أن حجة استخدام الولايات المتحدة للفيتو لحماية إسرائيل لم تعد مقبولة على الإطلاق، ويجب محاسبة كل من تواطأ مع هذه الجرائم أو غض الطرف عنها أمام المحكمة الجنائية الدولية”.
وأضاف أن الولايات المتحدة ظلت طيلة العقود الماضية تستخدم حق النقض “الفيتو” لحماية إسرائيل من أية عقوبات دولية رغم ارتكابها أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، مشيرًا إلى أن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يخوّل مجلس الأمن سلطة اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين بما في ذلك توجيه توصيات أو قرارات بشن عمليات عسكرية لوقف العدوان.
واسترسل مهران في وصف الإخفاق التاريخي وغير المسبوق لمجلس الأمن في التصدي للعدوان الإسرائيلي على غزة بالقول:”للمرة الخامسة على التوالي تعمد الولايات المتحدة لاستخدام حق النقض “الفيتو” لإسقاط مشروع قرار عربي يدعو لوقف إطلاق النار وحماية المدنيين في غزة، في إهانة صارخة للضمير الإنساني وتأكيد قاطع على تواطؤ واشنطن مع جرائم الاحتلال”.
وشدد على أن هذا الموقف الأمريكي غير الأخلاقي بحسب وصفه، يُخل بالتزامات المجلس ويُعرض مصداقيته ودوره في حفظ السلم والأمن الدوليين للإنهيار والسقوط، في الوقت الذي يواجه فيه المدنيون في غزة أبشع صنوف القتل والتشريد على مرأى ومسمع العالم داعيًا إلى ضرورة إصلاح هيكلية مجلس الأمن بشكل جذري لمنع تكرار مثل هذه الكوارث والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي والإنساني دون رادع، خاصة في ظل تحذيرات الأمين العام غوتيريش من وقوع كوارث إنسانية في غزة نتيجة للهجمات الإسرائيلية غير المتناسبة.
وأشار الدكتور مهران إلي محاولات الاحتلال الإسرائيلي تهجير آلاف المدنيين من شمال قطاع غزة نحو جنوب القطاع باتجاه الحدود المصرية، مؤكداً ان محاولة ترحيل المدنيين الفلسطينيين قسراً نحو معبر رفح على الحدود مع مصر، تمثل جريمة حرب بموجب اتفاقيات جنيف وتستوجب ملاحقة مرتكبيها، محذراً من أن هذه السياسة الإجرامية تهدف في المقام الأول إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال تفريغ شمال القطاع من السكان لتسهيل اجتياحه وتوطين المستوطنين فيه، إلى جانب الضغط على مصر من خلال إغراق سيناء باللاجئين مما يهدد أمنها القومي.
وأكد أن هذه المحاولات تمثل اعتداءً صارخاً على سيادة مصر وأمنها القومي، موضحاً ان إغراق سيناء باللاجئين من شأنه زعزعة الاستقرار هناك وخلق بؤر توتر جديدة، مضيفًا ان ما تقوم به إسرائيل يرقى إلى مستوى إعلان الحرب على مصر والادرن، ويستدعي رداً عربياً قوياً على كافة الأصعدة لردع هذه السياسة العدوانية التي تتعدى حدود قطاع غزة.
وأوضح الدكتور مهران أن القانون الدولي لا يمنع الدول من اتخاذ إجراءات من تلقاء نفسها دون الرجوع لمجلس الأمن، للتصدي لاي اعتداء عليها ولانتهاكات حقوق الإنسان وغيرها من الجرائم الدولية حيث يؤكد علي استطاعة الدول وفقاً للاعراف وقواعد القانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة بشأن اتخاذ تدابير فردية أو جماعية تراها ضرورية لصون السلم والأمن الدوليين بمقتضى حق الدفاع الشرعي في المادة 51.
ولفت الي ما أن يدعم ذلك وجود العديد من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تؤكد علي انتهاك اسرائيل للقانون الدولي وارتكاب جرائم حرب وضد الانسانية، ما يستوجب اتخاذ إجراءات صارمة ضد الكيان الصهيوني المنتهك للقانون الدولي، داعياً جميع دول العالم لتفعيل هذا الحق المشروع في فرض عقوبات اقتصادية وسياسية، ووقف تصدير النفط وسحب السفراء وتخفيض التمثيل الدبلوماسي مع إسرائيل، لإنهاء حصانتها ووقف حربها الإجرامية على شعبنا الفلسطيني.
كما طالب أستاذ القانون الدولي بضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف هذه الجرائم البشعة التي ترتكب بحق آلاف المدنيين في غزة والدول المجاورة وتقديم مرتكبيها للعدالة الدولية فوراً، مشدداً علي ضرورة التحرك العاجل لكافة الدول العربية على كافة الأصعدة وفرض عقوبات علي الكيان الصهيوني ووقف أي دعم لكل من يؤيده، والاتصال بكافة دول العالم لحشد الدعم اللازم لممارسة ضغوط دولية متعددة الجوانب على إسرائيل لوقف حربها المجنونة على غزة ورفع الحصار عنها فورًا، محذراً من أن مستقبل المنطقة بأسره على المحك.
وختم بقوله “حان وقت الحسم.. على المجتمع الدولي اتخاذ موقف حازم للضغط بكل السبل على إسرائيل لوقف آلتها الحربية الجهنمية.. وإلا فلن يغفر له التاريخ مطلقاً دماء الأبرياء التي سالت وما زالت تسيل على أرض فلسطين”.