بدأت سوق الأسهم الأميركية في إرسال إشارات واضحة على أن الركود الاقتصادي وشيك الحدوث.
يأتي ذلك، وفقاً لنموذج التداول الذي أنشأه الاستراتيجيون في جي بي مورغان، والذي أكد تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 6.5% منذ قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي برفع الفائدة 75 نقطة أساس، مشيراً إلى ارتفاع احتمال الركود إلى 92%، من 51% في أغسطس. كما أن الأصول الأخرى تومض أيضاً بتحذير مشابه. إذ يحمل تسعير المعادن الأساسية الآن احتمالية ركود بنسبة 96%، ارتفاعاً من 84% في أغسطس، وفقاً لما ذكرته “بلومبرغ”.
وتظهر إعادة التسعير الحادة، بداية من الأسهم إلى سندات الخزانة والدولار، أن الأسواق بدأت تقبل أخيراً إشارات واضحة من استعراض مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي بأنهم على استعداد لقبول الركود الاقتصادي كثمن لتهدئة التضخم.
ولأكثر من عقد من الزمان، كان البنك المركزي هو أفضل صديق للسوق، لكن الارتفاع الكبير في الأسعار ترك الفيدرالي يركز فقط على كبح جماح التضخم، بغض النظر عن تأثير ذلك على أسعار الأصول.
قال رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية في باركليز بي إل سي، إيمانويل كاو: “لا يمكن للبنوك المركزية أن ترمش بالنظر إلى التضخم المرتفع، لذا فإن النمو الأضعف وعدم تدخل البنوك المركزية ليس جيداً للأسهم”.
ولعدة أشهر حذر الخبراء في السوق من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد تأخر في جهوده لمحاربة التضخم. الآن، بعد 3 اجتماعات متتالية قدمت زيادات في أسعار الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع النقطة وسلسلة من التحذيرات من أن المزيد من الزيادات كانت وشيكة، بدأت الأسواق في تسعير اتجاه بنك الاحتياطي الفيدرالي المستقبلي بصورة أكثر تشدداً.
دفع البيع عبر الأصول عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 4%، وهو أعلى مستوى منذ العام 2008، ومؤشر S&P 500 إلى أدنى مستوى له في 2022.
من جانبه، قال كبير استراتيجيي الأصول المتعددة في HSBC Holdings Plc، ماكس كيتنر: “لم يعد التراجع يقتصر على فئة أصول واحدة، ولكنه ينتشر عبر فئات أصول متعددة، وهذه العلامة النهائية للعدوى.. حتى الآن، لا توجد آثار غير مباشرة على الائتمان، حيث سنرى معظم المخاطر غير المباشرة في الأسهم في الأسابيع والأشهر المقبلة”.
تبخرت الثقة بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد استيقظ بسبب انهيار الأسواق، وأن الاقتصاد المتعثر سيدفعه للتراجع عن مساره المتشدد، وفقاً لما قاله لويس غرانت، كبير مديري المحفظة في Federated Hermes.
كانت هذه الآمال حية حتى الأسبوع الماضي، بعد قرار السياسة الأخير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الذي جاء بتحذير كبير من رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول من التباطؤ المؤلم اللازم لكبح ضغوط الأسعار عند أعلى مستوياتها في 4 عقود.
باتت السندات الحكومية من بين 5 مقاييس للركود عبر الأصول حيث تنخفض الاحتمالات ظاهرياً. إذ تتحرك العائدات بشكل عكسي للتوقعات لتعكس ارتفاعات الأسعار، على الرغم من أن الركود قد يؤدي عادةً إلى انخفاض العائدات.
ويحسب جي بي مورغان المقاييس من خلال مقارنة قمم ما قبل الركود من مختلف الفئات وقيعانها خلال الانكماش الاقتصادي.
كما قفزت التوقعات بين الاقتصاديين في نفس الفترة إلى إجماع 50% من 40%.
وتظهر التوقعات المتوسطة أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي يتوقعون معدلات 4.4% بحلول نهاية هذا العام، لترتفع إلى 4.6% في العام 2023. وهذا يعني 125 نقطة أساس أخرى هذا العام، في إشارة إلى أن الاحتياطي الفيدرالي سيواصل حملته الصارمة للتضييق.
وكتب غرانت: عبارة “الهبوط الناعم” تسير الآن في طريق عبارة “التضخم العابر”.