ويعتبر فن الواو أحد الفنون القولية يتميز بتعبيراته المقتضبة المكثفة البارعة في اختزال المضامين، وفى دمج الرؤى والتصورات والأفكار، في صياغة مكتنزة ذات عمق وقوة وبراعة في التصوير وإحكام في صوغ الدلالة، وهو نوع من الشعر يعتمد على اللهجة المحلية، ويحتوي على الحكمة والموعظة والمفارقة، كما يعتمد على التصوير والجناس، ويصاغ على بحر المجتث.
أما بنية مربع الواو فتتكون من أربعة أغصان تمثل جداول دلالية أساسية، ولفن الواو أنواع متعددة بحسب القافية، فمنه مسوجر (المقفل) = المغلق بإحكام ومقفول وموارب ومفتوح- واهتم قوالو فن الواو بقنا بالاهتمام بالواو المفتوح؛ نظراً لأنه سهل في الفهم واستيعاب الجماعة الشعبية، والأصل من بين تلك الأنواع في قافية الواو أن تقوم تلك القافية على التجنيس المعمى أي إن الأصل في الواو هو المسوجر، الذي أغلق رتاجه، على خلاف المقفول دون إحكام الرتاج.
وتناول الفصل الأول المنطقة التى تم جمع مادة الكتاب منها من خلال منطقتين يتجمع فيهم أشهر شعراء الواو وهي مركز ومدينة قنا وقراها، ومركز ومدينة نجع حمادي وقراها من حيث الجغرافيا والتاريخ بالمنطقة، وكذلك عدد السكان والزراعة والصناعة، كما ارتبطت قنا بالقبائل تناولت بعض منها مثل قبيلة الهوارة، والأشراف ولما كانت هذه القبائل مرتبطة بوجودها في مدينة قنا حيث يسكن الهوارة وخاصة الحميدات النصف الغربي من المدينة، والأشراف يسكنون في النصف الشرقي منها، وهنا نتج سباق اجتماعي وديني بينهم من له أحقية القيام بمتطلبات العارف بالله الشيخ عبد الرحيم القناوي، فالهوارة يرون أنهم هم الأحق به؛ لأن الضريح وما حوله كان ملكاً لهم، والأشراف يرون أنه من حقهم القيام بمتطلبات وشئون العارف بالله الشيخ عبد الرحيم القنائي.
وفي الفصل الثاني أسباب تسمية فن الواو بهذا الاسم وكان من أهم الأسباب كثرة واو العطف الموجودة في البيت من شطرات فن الواو، وقيل سمي بهذا الاسم نسبة إلى شخص كان يقول الشعر أمام كل بيت ويسمى المواوي وقيل إن أسباب التسمية ترجع للمفردة الفرعونية الأصل وهي تعنى الألم والجرح.
ويتناول المؤلف في الفصل الثالث أغراض فن الواو متناولاً أغراض الدنيا والشكوى من الحياة والمدح والحب والغزل والفخر والخصال المذمومة والندالة، وأيضا يحتوي الشق الثاني من الفصل على ملحق للمادة الميدانية التي تم جمعها من مجتمع بعض قرى قنا.
وتناولت في الفصل الرابع من الكتاب الفنون القولية الشعبية ومنها فن الواو، والموال، والموشح والزجل والعديد والنميم وهي التي كانت نصب عين الشعراء الشعبيين يستقون منه قالباً يصبون فيه إنتاجهم الأدبي باللهجة العامية، وشكلت هذه الفنون أنماطاً أدبية للمصريين خلال العصر المملوكي ذلك العصر الذي اشتهر بالطغيان والمعاملة السيئة، وكانت الموشحات والأزجال في مقدمة الفنون، ولعبت الفنون القولية دوراً كبيراً في التشكيل الوجداني الثقافي المصري فقد كانت وسيلة للمسامرة والترفيه، وطرح القضايا المهمة في ظل العصور السابقة التي خلت من وسائل التكنولوجيا المعاصرة بينما كان فن العديد من الفنون التي جاءت بتلقائية ورثها المصريون القدماء حيث اعتقد المصري القديم بقضية البعث وعودة الميت للحياة، وكان للفتوحات الإسلامية دور كبير في نقل أغراض الشعر العربي القديم ولا ننسى الخنساء في والأغراض شكلت ثقافة المواطن المصري، وإبداعاتهم واستطاع المصريون هضم هذه التجارب القديمة والوافدة، وتم إعادة إنتاجها، ومع التطور السريع استعان الفنان الشعبي بمعطيات العصر لطرح قضاياه الأدبية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي الفيس بوك مما ساعد على ازدهار فن الواو وانتشاره بطريقة المساجلات واختفاء فن العديد تدريجيا، وهذه الفنون تتشابه أشكالها وبنائها وخاصة أنها فنون سماعية اعتمدت على الرواية والتلقي مباشرة من القوال أو الراوي.
وفي الفصل الخامس تم عمل دراسة للظواهر الجمالية كشفت الدراسة على أن الإنتاج الميداني لا يخلو بيت من الواو إلا وفيه الجناس تامًا أو ناقصا ولذلك يوصى العديد من قوالى الواو بتسميته فن الجناس، ومن العناصر البلاغية التي تضمنها فن الواو في هذا الفصل، البديع وهو فن يعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية المطابقة، ووضوح الدلالة والهدف واتضح لنا من النصوص الميدانية التي بين أيدينا أن قوالى الواو استخدموا البديع ووضح جلياً في استخدامهم الجناس والسجع والطباق، ومنهما ما يختص بالمعنى وما يختص باللفظ ولكثرة الجناس في مربعات فن الواو.
وفي الفصل السادس تناولت الدراسة إعادة إنتاج فن الواو وكذلك بيان صور من أبيات الواو المستلهمة إما عن طريق أبيات الشعراء قدامى أو استلهام من المثل الشعبي أو من يتوارى خلف الثقافة الشعبية.
المصدر : اليوم السابع