الشيخ مصطفى العدوي واحدًا من أبرز علماء الدين المعاصرين في مصر والعالم الإسلامي، ويتمتع بشهرة واسعة بفضل دروسه العلمية ومؤلفاته العميقة، خاصة في علمي الحديث والتفسير. يتساءل الكثير من المتابعين والباحثين عن المعرفة الشرعية “من هو الشيخ مصطفي العدوي؟”، وما هي رحلته في طلب العلم ومنهجه الدعوي.
في هذا المقال المفصل، نقدم سيرة ذاتية شاملة للشيخ مصطفى العدوي، نغطي فيها نشأته، وشيوخه، وأبرز مؤلفاته، ومنهجه الفكري.
1. السيرة الذاتية والنشأة الأولى
الاسم الكامل: هو الشيخ مصطفى بن العدوي بن شلباية.
وُلد الشيخ في قرية “منية سمنود” التابعة لمحافظة الدقهلية بجمهورية مصر العربية. نشأ في بيت يغلب عليه الطابع الريفي البسيط، لكنه كان محباً للعلم منذ صغره.
المسار الأكاديمي: الغريب والمميز في سيرة الشيخ مصطفى العدوي هو جمعه بين التعليم الأكاديمي الدنيوي والتعليم الشرعي العميق. فقد تخرج الشيخ من كلية الهندسة، (قسم هندسة البترول) بجامعة القاهرة، وهو ما يمنح منظوره عمقاً فريداً يجمع بين الفهم المنطقي والتحليل العلمي وبين العلوم الشرعية الراسخة.
2. الرحلة في طلب العلم الشرعي
لم يكتفِ الشيخ العدوي بشهادته الهندسية، بل كان شغفه بالعلوم الشرعية هو المحرك الأساسي لحياته. بعد تخرجه، كرّس وقته وجهده لطلب العلم، وكانت رحلته الأبرز هي سفره إلى اليمن.
الدراسة في اليمن: تُعتبر فترة إقامة الشيخ في اليمن هي الفترة التأسيسية في تكوينه العلمي. حيث رحل إلى هناك والتحق بحلقات العلم لدى واحد من كبار محدثي العصر، وهو:
- فضيلة الشيخ العلامة مُقبل بن هادي الوادعي (رحمه الله): لازم الشيخ العدوي شيخه “مقبل الوادعي” في “دار الحديث بدماج” لسنوات، وتأثر به تأثراً بالغاً، خاصة في مجال علم الحديث، والتدقيق في الأسانيد، والتمسك بالدليل من الكتاب والسنة.
كما تأثر بمنهج كبار العلماء المعاصرين مثل الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن صالح العثيمين (رحمهم الله جميعاً).
3. المنهج الفكري والعقيدة
يتبع الشيخ مصطفى العدوي المنهج السلفي، القائم على فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة (الصحابة والتابعين وتابعيهم). ويتميز منهجه بالآتي:
- التركيز على الدليل: يحرص الشيخ في دروسه وفتاواه على الاستدلال المباشر بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة.
- التخصص في الحديث: يُعرف الشيخ بتخصصه الدقيق في علم الحديث، ويظهر هذا جلياً في مؤلفاته، حيث يحرص على تحقيق الأحاديث وتنقيتها وبيان الصحيح من الضعيف.
- الوضوح والبساطة: يمتلك الشيخ أسلوباً فريداً في الشرح يجمع بين العمق العلمي والبساطة في العرض، مما يجعله قريباً من عامة الناس والمثقفين على حد سواء.
4. أبرز مؤلفات الشيخ مصطفى العدوي
يُعد الشيخ من أغزر العلماء المعاصرين إنتاجاً، وله عشرات المؤلفات القيمة التي أصبحت مراجع للباحثين، ويغلب عليها طابع التحقيق الحديثي. من أشهر هذه المؤلفات:
- سلسلة “التفسير” (تفسير العدوي): وهو من أشهر أعماله، حيث يقوم بتفسير القرآن الكريم معتمداً على الأحاديث الصحيحة والآثار الواردة.
- الصحيح المسند من أسباب النزول: كتاب حقق فيه الروايات المتعلقة بأسباب نزول الآيات.
- الصحيح المسند من فضائل الصحابة: جمع وتحقيق للأحاديث الصحيحة في فضل الصحابة الكرام.
- فقه الأخلاق والمعاملات بين المؤمنين.
- سلسلة “الصحيح المسند” في مواضيع مختلفة (مثل: أذكار اليوم والليلة، أحاديث القدسية، وغيرها).
- أحكام الطلاق في الشريعة الإسلامية.
- الجامع لأحكام النساء (في عدة مجلدات).
5. نشاطه الدعوي ومكانته الحالية
يتركز نشاط الشيخ مصطفى العدوي الدعوي في مصر، تحديداً من خلال مسجده المعروف “مسجد الصحابة” في قرية “ميت عنتر” بالدقهلية، والذي يُعتبر منارة علمية يقصدها طلاب العلم من مختلف الأنحاء لحضور دروسه المنتظمة.
بالإضافة إلى ذلك، للشيخ حضور قوي جداً على الإنترنت من خلال:
- الموقع الرسمي للشيخ مصطفى العدوي: الذي يحتوي على مكتبة ضخمة من مؤلفاته ودروسه الصوتية والمرئية.
- قناة اليوتيوب الرسمية: وهي واحدة من أنشط القنوات الدعوية، ويقدم من خلالها دروسه العلمية، وسلسلة “الفتاوى” الشهيرة التي يجيب فيها على أسئلة المتابعين.
في النهاية: يُعتبر الشيخ مصطفى العدوي نموذجاً للعالم الذي جمع بين التحصيل الأكاديمي الحديث والرسوخ في العلوم الشرعية التقليدية. وهو اليوم أحد أهم مراجع علم الحديث والتفسير في العصر الحديث، ويتميز بمنهجه الواضح القائم على الدليل، وأسلوبه السهل الممتنع الذي جعله يصل إلى قلوب الملايين.
